نحن نعرف أن البيان الوزاري سيخرج بتسويق من الفريقين الحكوميين المتناكفين ، على أنه لم يكن في الإمكان أفضل مما كان .
ونعرف أن الاستقالة من الحكومة غير واردة عمليا ، حتى لدى من لوّحوا بها اعتراضاً على بند أو فيتو . فتدوير الزوايا سيحظى بالكثير من التبرير والحجج ، مقنعة أو نصف مقنعة أو غير مقنعة .
لكن الأكيد أن هذه الحكومة المحكومة حكماً بالثلث المعطّل وبالمشي بين النقاط ، ستُبقي الزير في البير ، ولن يكون لها إنجازات ، بل على الأكثر خطوات متقدمة في الأداء لعدد من الوزراء المتمايزين الذين نكنُّ لهم المحبة والاحترام .
أما في القضايا الكبرى ، فلن يتغيّر الشيء الكثير . حزب الله لن يتخلّى عن سلاحه ، ولن ينسحب من سوريا ، ولن يسلّم المتهمين باغتيال رفيق الحريري ورفاقه ، ولن ولن ولن … ، هذه ال ” لن ” التي تركها لنا أنسي الحاج لتُمسيَ أشدّ وطأة بغيابه .
غداً أو بعد غد ، ستخرج الأرانب والحمامات من أكمام اللجنة ، وسيقرّ مجلس الوزراء البيان الوزاري وسيحيله على المجلس النيابي الذي سيشرّع أبو مصطفى أبوابه كرمى لعين البيان الرمادي الباهت ، لتحصل الحكومة على ثقة برلمانية تفتقد نكهة الثقة الشعبية ، بعد مناقشة ستقتصر سخونتها على كلمات نواب القوات اللبنانية المتمسكة بإعلان لم تشارك في صنعه ، فيما يتنصل صنّاعه منه . إنه المأسوف عليه على رجاء مقاومة … الزمن ، إعلان بعبدا.
والمفارقة في جلسة المناقشة أن نواباً ووزراء من 14 آذار سيجدون أنفسهم ممغوطين ومضغوطين بين قلب يأخذهم ذات اليمين وقرار يأخذه ذات اليسار . وسيكونون كمن في فمه ماء ، لا هم قادرون على الدفاع بحماسة ولا هم قادرون على الهجوم بشراسة !
أما نواب 8 آذار ووزراؤها ، فهم في الغالب بقلبٍ قفل وعقل مستلَب ، وفي فم البعض ماء أيضاً ، باستثناء معالي وزير الخارجية ففي فيه ليموناضة بترونية ، وقد يجدون المخرج بالرهان على دق الأسافين في صفوف 14 آذار ، أو المزايدة المسرحية في مديح الوحدة الوطنية .
نواب القوات اللبنانية سيكونون فاكهة الجلسة ، لأنهم اختاروا أن يبقوا حيث لم يبق الآخرون . ولمعلوماتكم ، فإن الهيئة التنفيذية لحزب القوات ، اتخذت قرار الامتناع عن المشاركة في الحكومة بالإجماع .
غداً أو بعد غد سيتأكد الجميع أن الحكومة السلامية نسخة مجمّلة بالرتوش ، ولونها الرمادي لن يلغي سواداً كامناً ، تخترقه بضعة أسماء بإنارة ذاتية ، وبلا جميل جبران الذي بلغ به الأمر عند تسليم وتسلّم وزارة الطاقة ، ومن دون أن يقيم وزناً للوزير الجديد ارتيور نظاريان ، حدّ القول ببساطة إنه باق في الوزارة وسيعود إليها بالمداورة ، وكأنه يذكّرنا بطيفه في وزارة الاتصالات على أيام الصحناوي ، الذي يوحي بما خلّفه فيها ، أنها وزارة بالكاد ” 1G ” ، وبأن ما زرعه من تنفيعات قد يتيح لأي كان أن يدّعي عليه بتهمة انتحال صفة الإصلاح والتغيير ! والسلام .