آخر ايام الشهر المريمي، رحل فريد حبيب الى الاحضان السموية. وهو الشيخ المقاوم المناضل الذي لم يهادن ولم يتخاذل ولم يلن في معركة الكرامة الوطنية.
رحل فريد حبيب الرفيق والاخ والصديق الذي كان مثالاً في المناقبية والطيبة والعفوية والصدق حتى لألد اخصامه. رحل النائب الذي تشهد قبة البرلمان على صلابته واخلاقه الدمثة، فهو رجل سياسة صاحب مواقف وطنية، وهامة شامخة بلا غرور ولا كبرياء، صاحب طلة بهية يكللها التواضع وطيب الحديث والاستقامة النادرة.
عرفته منذ اكثر من ثلاثين عاما من خلال النضال الحزبي والسياسي وعرفته في كل المعارك النضالية والسياسية والوطنية، مقداما دائما يسبق الآخرين الى جبهات الرجولة والصمود والى المشاركة في المناسبات والنشاطات.
عرفته الى جانب سمير جعجع منذ البداية وفي كل الاحوال والظروف، وحتى آخر يوم في حياته، والى جانب ستريدا في الصمود والمواجهة اثناء الاعتقال والقمع، 11 عاماً وثلاثة اشهر لازم مقر يسوع الملك دون انقطاع، فكان الاب والاخ والسند ومصدر الامل، كان شعلة الحرية في الايام الصعبة، في ذروة الضغوط التي كانت تمارس للتخلي عن القضية، وللتخلي عن الحكيم في معتقله.
كان حاضراً ابدا بايمانه القوي والصلب على خط الدفاع الاول، مقدام، شجاع، ثابت لا يساوم ولا ينحني مهما كانت الصعوبات، بل كان يواجه بدون كلل، يواجه حتى النهاية.
مشوار معرفتي به كان طويلا، وهو المخلص والوفي، وكان يأنس لوجودي، وكنت آنس لوجوده، وكان التطابق دائما في الرؤى والمواقف.
الى اربع مراحل يمكن ان اقسم مراحل نضالنا سويا:
– مرحلة المقاومة اللبنانية بين 1980 و1990.
– المرحلة الانتقالية بين 1990 و1994.
– مرحلة اعتقال الحكيم والاضطهاد والقمع والمواجهة والصمود.
– مرحلة ثورة الارز والحرية وبناء الحزب والدولة بين 2005 و2012.
اظهر فريد حبيب في كل هذه المراحل، انه المناضل المقدام الذي لا يهاب الصعاب. اخلاص والتزام مطلقين وعطاء لا ينضب، وبقي هو هو ولم تغره مغريات ولم ترهبه تهديدات وما كان اكثرها… وكان السياسي الثابت الذي لا يساوم ولا ينحني، قادر على مقارعة الحجة بالحجة في هدوء، ينصاع للراي السديد حتى لو كان مخالفاً لرأيه، ولكنه لا يتراجع عن الحق ويدافع عنه.
ولا شك في ان نموذجا انسانياً كهذا، يتميز بهدوء الطباع وبالاخلاق النبيلة وبالسجايا الحميدة، يشجعك على التعامل معه بدون تحفظات، خصوصا انه كان يندفع للخدمة وللنضال بدافع ذاتي، فوقف الى جانبي في معركة بلدية بيروت في انتخابات العام 1998، في ظروف قاسية لم يبخل بشيء لم يلتفت الى تهديد أو وعيد، فكان المساهم الكبير في فوزنا بهذه المعركة.
وقفت الى جانبه في معارك الكورة الانتخابية في العامين 2005 و2009، وفاز في الدورتين بجدارة، ليس لانه مرشح "القوات اللبنانية وقوى 14 آذار فحسب، بل لحب الكورانيين الكبير له وخدماته الكثيرة التي كان يقدمها الى الاخصام قبل الاصدقاء.
وفي الفترة التي كنت فيها وزيرا، عملنا معا ووقفنا بعضنا الى جانب الآخر، كان واحدنا يكمل الآخر مع الزملاء والرفاق في الحكومة وتحت قبة البرلمان. وكنا في النضال على الخط ذاته، يهمنا تحرير لبنان واعادة بناء الدولة القادرة.
ويبقى ان فريد حبيب ذلك الصديق الصدوق والاخ المخلص والوفي، الذي حظي باحترام اخصامه القلائل وبمحبة اصدقائه الكثر، كان مثال المؤمن الذي عمل على مضاعفة الوزنات وكان كتابا مفتوحا يطالع فيه محبوه نور المحبة والعطاء وضياء الروح والايمان الصافي.
اليس لمثل فريد حبيب قال الفادي "أحسنت ايها العبد الصالح الامين، كنت امينا على القليل، فسأقيمك على الكثير، ادخل فرح سيدك". (متى 21:25).
أخي ورفيقي فريد، لا شك ان رحيلك في هذا الوقت المصيري، خسارة كبيرة لنا في "القوات اللبنانية" وفي 14 آذار وللبنان، سنشتاق اليك كثيراً.