الى غبطة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الكلي الطوبى.
الى الرمز الوطني الشامخ،
والعلامة الفارقة في تاريخ لبنان المعاصر.
لمناسبة عيد ميلادك الرابع والتسعين،
أتمنى لك موفور الصحة والعافية،
وأدعو الله أن يمدّك بطول العمر.
إن لبنان يكبر بقامات على مثالك ولو ندرت.
لقد إتخذت مواقف وطنية تاريخية في ظروف صعبة ومعقدة ومصيرية، وعرفت فيها متى تتكلّم ومتى تصمت. ومرات كثيرة كان صمتك أبلغ موقفاً وأكثر فعالية من كلام آخرين كثيرين.
أيها الكبير،
-كيف لي أن أنسى وقفتك المشرّفة الى جانب “القوات اللبنانية” ورئيسها سمير جعجع، يوم قرّرت سلطة الوصاية خنق الصوت الحرّ لإحكام سيطرتها على الوطن؟
-كيف لي أن أنسى دفاعك عن الحق والحقيقة، يوم كان اللبنانيون الأحرار يعانون أصعب مراحل النضال، فشرّعت لهم أبواب الصرح، ووقفت الى جانبهم وحميتهم بعطفك الأبوي، ووضعت اللبنة الأولى لثورة الاستقلال الثاني، فاستحققت لقب “بطريرك المقاومة اللبنانية والاستقلال”؟
-كيف لي أن أنسى مواقفك الوطنية التاريخية يوم كسرت شوكة النظام السوري ولم تستسلم لإغراءاته، ورفضت زيارة سوريا حتى برفقة رأس الكنيسة الكاثوليكية، في الوقت الذي كنا نرى فيه كثيرين يزحفون نحو الباب العالي لنيل الرضى خدمة لمصالحهم الشخصية؟
-كيف لي أن أنسى إصرارك على تكريس المصالحة الوطنية في الجبل، وعلى تمسّكك باتفاق الطائف والوفاق الوطني؟
-كيف لي أن أنسى وقوفك الى جانبي كأب روحي، واستقبالك لي على الدوام من دون مواعيد مسبقة، لأخبرك عما كان يتعرّض له الحكيم من مضايقات في السجن، وعما كنا نتعرّض له كجماعة من تهديدات وضغط وملاحقات واعتقال وتنكيل وتلفيق ملفات؟
يا صاحب الغبطة والنيافة،
أيها الكبير بتواضعك،
كيف لوطن أن تقتلعه العواصف وفيه قديسون وشهداء؟
كيف لوطن أن يموت وفيه شعب حرّ متمسّك بحريته حتى الشهادة وباستقلال وطنه؟
كيف لوطن أن يسقط وفيه رجالات أمثالك كتبوا بمواقفهم صفحة مشرّفة من تاريخ الوطن؟
لقد طبعت عمر الوطن بمحطات ومواقف خالدة، ودعائي لك بطول العمر يا صخرة لبنان وأيقونته الحيّة