!-- Catfish -->

حيرتي تتعمق…

قبل أشهر، قيَض لي لقاء ضبّاط انشقوا عن جيش النظام السوري في اطار التحضير لبحث آمل نشره العام المقبل. لم أكن أحتاج أن ألتقيهم كي أكون منحازاً لهم، ضدّ نظام الاسد و”داعش” معاً. ولكن اللقاء معهم أكمل انحيازي لهم.

مسلمون سنّة؟ نعم. هم كذلك. ومحافظون أيضاً. ولكنهم مسلمون سنّة تماماً كما أن مؤيدي تمّام سلام في بيروت مسلمون سنّة. عندما يصبح مؤيدو تمام سلام خطراً وجودياً ينبغي الاحتياط له يصبح جلّ الضباط المنشقين عن جيش النظام خطراً أيضا. بمعنى آخر، لن يصبح هؤلاء الضبّاط خطراً في يوم من الايام. من يقول غير ذلك لم يلتق بهم. نقطة على السطر.

غادرتهم ولم يغادروني. يخطرون وعائلاتهم على بالي كلّما أساء سفهاء في لبنان الى لاجئين سوريين، أو كلّما حاضر بالسياسة السورية جاهل لا يفقه من الف بائها شيئاً.

البارحة قرأت أن جورج ياسمين طوّب قتلى “حزب اللّه”، من على الشاشة العونية، شهداء الدفاع عن “لبنان والمسيحيين”.

لا أعلم ان كنت سألتقي الضباط السوريين مجدداً – حبّذا لو يكون اللقاء في دمشق هذه المرّة – ولكن لو فعلت سأقول لهم أنني أحترمهم بقدر ما أنا غير معجب بجورج ياسمين وبشاشته. أي أنني أحترمهم كثيراً.

والحال أن حيرتي مع فئة واسعة من الطبقات الوسطى وما فوق الوسطى اللبنانية المسيحية تتعمق الى درجة الاغتراب.

عندما حارب عون الميليشيا (القوّات) صفقّت هذه الفئة، وعندما حالف الميليشيا (حزب الله) صفقّت أيضاً.

عندما قال عون بالوطنية اللبنانية صفقت، وعندما أعاد اكتشاف مزايا المزايدات الطائفية صفقت.

عندما قال عون بالتغيير والاصلاح صفقت، وعندما تمخّض التغيير والاصلاح عن حزب الصهر وابن الاخت صفقت.

عندنا قال عون بالدولة صفقت، ويوم تحالف مع نقيضها صفقت.

تملك هذه الفئة من المسيحيين اللبنانيين ناصية الفرنسية والانكليزية. تسافر. تراكم. تغامر وتنجح مهنياً. ولكن شيئاً ما في بنيتها الفكرية بليد. لو ضحك عليها ساحر ككميل شمعون لهان الامر. ولكن شتّان.

الضباط المنشقون لا يجلسون في مقهى بول في الجميزة ليثرثروا بالفرنسية. ثقافتهم أقلّ من عموم الفئة التي أتحدث عنها لان الفرص التي توفرت لهم في بيئاتهم لم تكن كثيرة. ولكنّ النقاش السياسي معهم – اتفاقاً أم تمايزاً – كان ممتعاً. النقاش مع جمهور جورج ياسمين، بالمقابل، لم يكن مرّة كذلك. ولا مرّة واحدة.

رحم اللّه كلّ من سقط في الحرب السورية بما في ذلك قتلى “حزب الله”.

مع ذلك، تخجلني بيئتي اذا ما اقتنعت فعلاً أنهم شهداؤها.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل