مجزرة الدامور… “داعش” مرّ من هنا

حجم الخط

تاريخ المعارك اللبنانية مليء بالمآسي والفظائع وكذلك بالبطولات التي اغفل ذكرها عن اهمال في بعض الاحيان او تجننٍ في احيان أخرى. كم من قصة ورواية وعنوان بطولات بقيت طي النسيان, نحن عندما نذكر هذه المآسي او البطولات نذكرها لتكون عبرة لمن اعتبر.

بدأ الفلسطينيون والمرتزقة الذين يقاتلون الى جانبهم بالتحرش ببلدة الدامور المسيحية على الساحل الشوفي وذلك عبر اطلاقهم القذائف الصاروخية من حارة الناعمة حيث يتمركزون وذلك في الاسبوع الاول من كانون الثاني 1976 . تزامناً كان الفلسطينيون وحلفاؤهم وضعوا خطة لإحتلال دير مار جرجس الناعمة, ونفذوا خطتهم في ليلة كانونية باردة إذ اطلقوا نيرانهم وصواريخهم  نحو الدير من الجهة الجبلية حيث سقطت عشرات الصواريخ على الدير والارض المحيطة به. عندها التجأ اهالي الناعمة الى اقبية الدير لحماية انفسهم من الصواريخ إذ لا وجود للملاجئ ومعظم المنازل ذات طبقة واحدة. مع بزوغ الفجر طوق العناصر الفلسطينيون والمرتزقة الذين بصحبتهم الدير واقتحموه واحتجزوا الجميع بمن فيهم الرهبان الثمانية الذين هم من عداد الدير وزهاء ثلاثين شخصاً من النساء و الاطفال والشيوخ كانوا قد لجأوا اليه في وقت سابق.

هدد المسلحون بنسف الدير إذ لم يسلم ابناء الناعمة اسلحتهم. وهنا بذلت مساعي كبيرة من أجل الافراج عن الرهبان الثمانية. بعد مفاوضات مضنية افرج عن الرهبان، ولكن طوقوا الناعمة و بدأوا يقصفون منها الدامور.

بدأ ابناء الدامور بالدفاع عن بلدتهم دفاع الابطال بالرغم من قلة الذخائر والعديد، ولكن أبوا أن يتركوا بلدتهم حتى الرمق الأخير.

استمرت المعارك الشرسة زهاء ثلاثة عشر يوماً بين كرّ وفرّ، واصبحت الذخيرة قليلة بين ايدي المقاومين الداموريين خصوصاً ان طريق بيروت والجنوب كانت قطعت كما قطعت طريق دير القمر. اصبحت الدامور مطوقة من الشمال و الجنوب والشرق و لم يبقَ لها من منفذ سوى البحر. الفلسطينيون وحلفاوهم واصلوا قصف الاحياء السكنية وهدموا المنازل وقتلوا الابرياء، فيما كانت المقاومة اللبنانية الدامورية الصرفة تدافع دفاعاً مستميتاً وتسجل بطولات قل نظيرها.

في العشرين من كانون الثاني 1976، فوجئ ابناء الدامور بهجوم صاعق عليهم من محورين: الاول من صيدا بقيادة القياديين في حركة فتح الفلسطينية سعيد مراغة وابو موسى وزهير محسن الذي يأتمر بالنظام السوري. والثاني من الجبل حيث قدّر عدد الفلسطينين وحلفاؤهم بزهاء خمسة آلاف مسلح .

نفذ أبناء الدامور قتالاً تراجعياً على مدى معرفتهم بالتكتيك العسكري آنذاك بعد ان ادركوا استحالة البقاء والصمود بوجه الجحافل الفلسطينية المزودة بالأسلحة الثقيلة من مدافع و دبابات, وبعد ان استشهد عدد كبير منهم يفوق الستة مئة من المدنيين.

لجأ الذين نجوا من الهجمة البربرية إلى زوارق استقلوها إلى جونية حيث تركوا ارضهم وبيوتهم واموالهم وعاث الفلسطينيون خراباً وسرقة واستولوا على كل شيء.

يصف أحد ابناء الدامور الواقعة على الشكل الآتي: ” كان الفلسطينيون وحلفاؤهم من لبنانيين و مرتزقة من كل اصقاع الارض يذبحون النساء والاطفال والشيوخ. وعندما ادركوا ان الذين نجوا من المجزرة يستقلون الزوارق استفذت هذه الحركة مجموعاتهم الاجرامية فراحوا يطلقون القذائف و الرصاص لإغراقهم . انها مجزرة رهيبة ترتكب بحق الاطفال والنساء والشيوخ”.

اصبح سكان الدامور مهجرين في وطنهم حيث سكنوا جونية وجبيل وبيروت، واصبح الفلسطينيون يحتلون بيوت اهل الوطن, نعم انها الظلامة الكبرى ولم يعودوا الى الدامور إلا عام 1982.

تاريخنا على مر العصور كان حافلاً بمجازر وبطولات و لكن لم نستسلم يوماً ولا ساومّنا على الوطن, عشنا قناعاتنا كما عاشها اجدادنا ونوّرث هذه القناعات لأولادنا ليعملوا بوحيها حتى يبقى لهم وطن.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل