جعجع في حوار ساخن مع رابطة خرّيجي الإعلام: الحكومة ضرورة دستورية

حجم الخط

على غير عادة، كانت الطريق أمس من بيروت إلى معراب وبينهما الدورة وأنطلياس وضبية وجونية وحريصا سالكة فلا ضغط سيّارات ولا تزاحم على المرور ولا مخالفات سير ولا حوادث، وكان وصولنا نحن وفد رابطة خرّيجي الإعلام إلى مقر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع المعروف بالحكيم سهلاً وقبل الوقت المحدّد بنصف ساعة تقريباً.

وعلى مدخل المقرّ المحاط بسور يرتفع عدّة أمتار إستقبلتنا مسؤولة الإعلام الزميلة أنطوانيت جعجع بوجه بشوش، وبإبتسامة عريضة عبّرت فيها عن ترحيبها بـ”الأصدقاء” الذين اعتادور بين فترة وأخرى لقاء الحكيم في مقرّه في معراب، والتحاور معه حول شؤون الساعة، والمستجدات المحلية والإقليمية والدولية.

وقبل الموعد المحدّد فاجأنا الحكيم بحضوره إلى تلك القاعة الفسيحة التي تتوسطها طاولة مستطيلة، مجهّزة بالأوراق التي تحمل إسم “القوات اللبنانية” وبأقلام البيك، وزجاجات المياه.

جلس الحكيم على رأس الطاولة وإلى جانبه المستشار الإعلامي ملحم رياشي، مستعداً للحوار، وبدا لنا أنه كعادته في كل مرّة نلتقيه مستعد لكل سؤال، ولكل جواب من دون قفازات ولا مجاملة دبلوماسية ولا رتوش كما نسميها في عالم الإعلام، ولكن من دون أن يُظهر أي انفعال حيال أي سؤال محرج.

الدكتور جعجع ردّ على كل الأسئلة التي طرحها عليه الزملاء بصراحته المعهودة ومن دون أي انفعال أو تردّد فقال عن العماد ميشال عون أنه ليس ممراً إلزامياً ولا مقراً، وقال عن الحكومة بأنها ورئيسها لا تتصرف كحكومة، وهو كان يعرف كل ذلك، ولهذا رفض الاشتراك فيها، وأكد من جديد ما نقل إليه من واشنطن من أن إيران عرضت على أكثر من دولة غربية أنها مستعدة للإفراج عن رئاسة الجمهورية وتسهيل عملية إنتخاب رئيس جديد للبنان في حال قبلت هذه الدول ببقاء بشار الأسد رئيساً لسوريا.

الحكيم لا يبدو عليه أي حرج عندما سُئل عن إمكانية توقيع وثيقة نيّات مع “حزب الله” كما فعل مع “التيار الوطني الحر” وبدا ميّالاً إلى مهادنته بقوله: “ولِمَ لا لكن للحزب مشروعه ونحن لنا مشروعنا المختلف عنه”.

الدكتور جعجع الذي يلازم معراب ولا يغادرها إلا نادراً وللضرورات القصوى، كما هو الحال بالنسبة إلى تشريع الضرورة يستبعد حصول الإنتخابات الرئاسية في الوقت الراهن، ويقول لا بدّ من طرح جوهر المشكلة، وهو أن المعطِّل الفعلي لجلسات الانتخاب هو إيران بناء على معطيات كان يثق بها في السابق بنسبة 50 إلى 60 في المائة، ولكنها اليوم تجاوزت الـ 90 في المائة، بعد أن أكدت لنا أكثر من جهة غربية ومنها واشنطن مع فادي كرم الذي كان قبل فترة قصيرة هناك، أن الإيرانيين قالوا بصراحة “إذا كنتم تريدون إنتخاب رئيس جمهورية في لبنان ساعدونا لتثبيت الرئيس بشار الأسد في سوريا”. أما لماذا تهتم إيران بالإنتخابات الرئاسية في لبنان، فلأنها حسب رأيي تريد أن تستخدمها ورقة في صراعها مع القوى الأخرى.

لكن رئيس حزب “القوات اللبنانية” ينفي بشدة ما يُقال من أن المملكة العربية السعودية تضع فيتو على العماد عون أو على أي مرشّح آخر وبالتالي تتحمّل أيضاً مسؤولية تعطيل الانتخابات، ويؤكد أنها لم ولن تضع فيتو على أحد، من دون أن يعني ذلك أنه لا رأي لها في هذا الموضوع، فالمهم عند الحكيم أن يذهب الجميع إلى مجلس النواب ويصوّت كل واحد لمن يريد.

اما إذا كان كلامه عن إيران معناه أن العماد عون هو إداة في يد الإيرانيين تستخدمه كورقة للتفاوض لا أكثر ولا أقل وبالتالي فهو “مخدوع”، فينفي الحكيم ذلك ويقول العماد عون هو في الموقف ذاته غير أن حلفاءه لما وجدوا أن لهم مصلحة بشيء آخر “ذهبوا وعملوه”، وعلى افتراض أن الأميركيين جاؤوا وقالوا للإيرانيين نريد أن ننتخب رئيس جمهورية للبنان فهل يعتقدنّ أحد أن بإمكان العماد عون تعطيل هذا القرار؟ وعلى كل حال فإن العماد جدّي في موقفه ومركّز عليه ويكمل به، وأقول لكم أن لا أحد يستطيع أن يخلفني معه وإن كان لي تحالفاتي وهو له تحالفاته، متسائلاً وهل لا تستقيم الحياة السياسية بلبنان إلّا إذا هجمت القوات على التيار؟.. نحن نراعي الوضع الوطني وكل اهتمامنا ان لا يغرق القارب بالجميع، لكن أفضل الطرق اليوم هو إقناع الإيرانيين بضرورة الاستغناء عن بشار الأسد لأنهم في ورطة كبيرة بعد خمس سنوات من القتال في سوريا، وهم تعبوا. اما الموقف الروسي فهو ظاهري حول بقاء الاسد لان الأهم عندهم هو تأمين مصالحهم وحصولهم على أكبر قدر من المكاسب، وارى ان الكثير من البحث معهم يدور حول الشكل وهم مستعدون للتخلي عن الأسد.

اما بالنسبة إلى اتهامه بالسكوت بعد توقيع وثيقة النيّات مع عون، وترك الساحة المسيحية لرئيس تكتل التغيير والإصلاح فهو يرى العكس وأن ورقة النوايا لا تضع حاجزاً للمزايدة بالحقوق المسيحية لكننا نحن كقوات نهتم بالوضع الوطني العام حتى لا يغرق القارب.

غير ان الدكتور جعجع لم يوفّر اصدقاءه من التقصير لا سيما في موضوع أزمة النفايات ويقول ان هذه الأزمة مطروحة منذ زمن والسؤال ماذا فعل المسؤولون لحلها، والجواب لا شيء، ومع ذلك يُشدّد على ضرورة بقاء الحكومة لأنها “ضرورة دستورية”، مكرراً السؤال ونحن لماذا لم ندخل الحكومة لأننا متأكدون من ان هكذا حكومة لا تستطيع ان تعمل وتنتج ما دام هناك «عطب» أساسي في تشكيلها وفي تشكيل الحكومات في لبنان، ثم يضيف المشكلة ان الحاكم لم يعد حاكماً والدولة ليست دولة إذا لم تتخذ القرار.

وفي هذا السياق أيضاً يعتبر الحكيم ان الحكومة لم تعد تتصرف كحكومة، والكل يعلم ان هناك موعداً لاقفال مطمر الناعمة (17 تموز) فماذا فعلت الحكومة، وماذا فعل الوزراء المعنيون.. وقعت الأزمة، وكان على الحكومة ان تضع الحلول لكن لم تفعل ذلك.

وعن مصير نظام بشار الأسد، يؤكد الحكيم أنّه من رابع المستحيلات أن يبقى الأسد في سوريا، بعد سقوط اكثر من 340 الف قتيل، في ظلّ الصراع الإقليمي والدولي القائم اليوم، واضاف انه يراهن على ذلك بقناعة تامة، غير ان عامل الوقت لا يراهن عليه.

وعن مؤتمر فيينا يرى جعجع ان دعوة العدد الكبير من الدول يعني انه لا يوجد حل، فالحل يكون بجلوس ثلاث الى اربع دول على طاولة المفاوضات وليس خمسين دولة.

ويضيف انه في ظل الغياب الاميركي عن الساحة السورية دخل الروس لأنه «يا عنتر مين عنترك”. وعن مفاعيل عاصفة “السوخوي” يقول انها تعصف بالجو ولا يوجد شيء على الارض، فالروسي مستعجل على الحل لأن اصابعهم بالنار، وبتدخلهم هناك يفرضون تأثيراً اكبر على الايرانيين والنظام السوري وكانو يظنون انه بتدخلهم سيجرون معهم الغرب غير ان لا احد دخل معهم.

وعن خطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الاخير عن آل سعود، يرى جعجع ان المجموعة الشيعية في لبنان هي مجموعة لبنانية منذ مجيء ابي ذر الغفاري واتخذ لبنان ملاذا للحرية وهو ما فعله المسيحيون وكذلك السنة وهو واقع ولا شك بلبنانية اي شريحة من الطوائف اللبنانية، غير ان اخراج شياطين التاريخ من قماقيمها عبر تجييش الناس على بعضها لاسيما المارد المذهبي هو خطأ، فالسعودية اعطت لبنان اربعة مليارات دولار وتقوم بمساعدته، فأين المصلحة اللبنانية بالهجوم على المملكة؟.

ويعتبر جعجع أن العمليات التي يقوم بها حزب الله في سوريا تأتي في سياق الدفاع عن نظام بشار الأسد، مضيفاً أنّه لا يحسد الحزب على وضعه الحالي، خصوصاً بعدما وصل إليه العدد الهائل من الخسائر البشرية في سوريا منذ أربع سنوات إلى اليوم، معتبراً ان القتال لم يحمِ لبنان بل اتى بالارهاب الينا.

وعن العلاقة مع حزب الله يرى ان هناك مشروعين سياسيين متناقضين ولا يوجد قواسم مشتركة سوى في بعض المشاريع التشريعية وغيرها، فحزب الله يعتبر ان مصلحة الامة هي العليا اما نحن فنعتبر ان المصلحة الوطنية اللبنانية هي العليا.

اما عن العلاقة مع الرئيس بري والتحالف معه في انتخابات نقابة كازينو لبنان فيقول جعجع “بري حليف بالكازينو واتمنى ان يكون حليفاً بأبعد من الكازينو”.

وفي سؤال عن علاقته بالرئيس امين الجميل، يجيب ايضاً انها عادية “ليست بالوهج ولا بالحضيض”.

وعن تقدمه سعودياً على الرئيس سعد الحريري، قال: “لا تجوز هذه التصنيفات على الاطلاق فلسعد الحريري موقعه المتقدم في السعودية وهو لا يهز”.

وعن تشريع الضرورة، يرى جعجع اننا على موقفنا من ادراج قانون الجنسية (وهو قانون ليس للمزايدات المسيحية) وقانون الانتخابات النيابية الى جانب المشاريع المالية الملحة ومشروع سلسلة الرتب والرواتب ليس من بينها ولسنا معه الآن لانه بحاجة للدرس، فيوجد وجع ميثاقي كبير في اطار اتفاق الطائف وهو وجوب اقرار قانون انتخاب جديد.

اما المشروع الذي يؤيده فهو وفق تعبيره ما تم الاتفاق عليه مع الاشتراكي والمستقبل وهو القانون المختلط.

المصدر:
اللواء

خبر عاجل