كثرت في الاونة الاخيرة التحاليل والمواقف على اختلافها بدءا من اقرب الحلفاء وصولا الى ابعد الخصوم السياسيين في تناولها لقاء معراب في 18 كانون الثاني 2016. قيل الكثير الكثير سلبا وايجابا من هنا هناك، الا ان الكثير الكثير مما مثله ذاك اللقاء وما عناه غيب من المداولات او لم يلق عليها الضوء الكافي .
اولاً: لقاء معراب شكل بداية نهضة مسيحية حقيقية، لطالما سعى اليها الساعون الحسني النوايا، فالعيب ليس في التصالح وطوي صفحة سوداء من تاريخ المسيحيين ارادها الشهداء من الطرفين لان من سقط منهم في حروبنا العبثية لم يسقط ليفني الفريق المقابل ولا ليبقى الفريقان متخاصمان منقسمان متباعدان الى ما شاء الله، بل ليصلا الى اليوم الذي فيه يعترفان ببيعضهما ويتوحدان في سبيل مصلحة المسيحيين ومن خلال الانطلاق الى تحقيق مصلحة لبنان بمسلميه ومسيحييه. فالعيب كل العيب هو في رفض هذا التصالح وفتح صفحة جديدة خاصة متى اتت من فرقاء مسيحيين ينبغي عليهم ان ينضموا الى المصالحة المسيحية – المسيحية، وان يدعموها بمداميك الوحدة ورص الصفوف. افلم يرتدعوا مما يحصل لمسيحيي المشرق من ويلات ونكبات تهدد وجد المسيحية المتجذر في هذه المنطقة من العالم؟ الم يقل لنا الرئيس الشهيد بشير الجميل ان ضمانة مسيحي الشرق هي الوجود الحر والفاعل لمسيحي لبنان؟ فلماذا لا نستطيع اليوم كمسيحيين بداية ان نرسم خطوط تفاهمنا على قاعدة ان ما يوحدنا وحدة مسار ومصير اولا وبالتالي ان ما يجمعنا يجب ان يكون اهم بكثير مما يفرقنا. وقد تحالف كل فريق مسيحي مع فريق مسلم اخر ابان العام 2005 في اصطفاف وطني شرس دافع كل فريق مسيحي عن تحالفاته من خلاله خير دفاع وخير اداء، فهل يكون اجتماع القوى المسيحية مع بعضها اكثر صعوبة من ذلك الاصطفاف الوطن ؟ فمن هنا كانت اهمية لقاء معراب المتخطي الحواجز النفسية والشخصية والذاتية والعابرة للاحقاد والمصالح الضيقة في سبيل الاهم والاهم: لبنان ومسيحيوه ضمانة وجوده عبر التاريخ الحديث ليبقى لبنان بمسيحييه ومسلميه قوياً وموحداً.
ثانياً: من الخطأ الاستراتيجي والتكتيكي معا تعيير لقاء معراب من قوى اخرى وبعضها مسيحي على انها مبادرة فئوية تخص فريقاً من المسيحيين لا يمثل كل المسيحيين، لأن السير في هذا النمط من التفكير سيقودنا حتماً الى اعتبار بالمقابل ان “حزب الله” و”حركة امل” ايضا لا يمثلان الشيعة – وتيار المستقبل ايضا لا يمثل معظم السنة والنائب وليد جنبلاط ايضا لا يمثل معظم الدروز.
ثالثاً: على من يطلق النار على لقاء معراب لا بل مصالحة معراب المسيحية ان لا يغيب عن باله ان تلك الخطوة ارتكزت في ما ارتكزت اليه بالدرجة الاولى على قناعات فريقين مسيحيين جاء من منطلقين مختلفين واتفقا على تصور مشترك للبنان. فهي كانت نقطة التحول الاساسية في المشهد السوسيولوجي – السياسي للمجتمع المسيحي والتي سوف تنعكس بارتداداتها تحولات جوهرية في تقرير مصير لبنان السياسي والوطني مع الايام اذ لا مفر من القدر المحتوم لانقاذ الوطن وكي يبقى لنا شيء نختلف يوماً مرة جديدة عليه .
رابعاً: بكل صدق ومحبة واحترام للحلفاء قبل الخصوم وعلى سبيل النقاش العلمي ليس اكثر، نرى في حركة معراب ظهور افق لتغيير معادلة لطالما ساهمت مساهمة كبيرة في زيادة الشرخ بين المسيحيين لحساب مصالح الشركاء الاخرين في الوطن عبر مصادرة مقاعدهم النيابية. ان اعادة التوازن الى المشهد الوطني الجامع والفاعل يبدأ بعودة المسيحين الى دورهم واستعادة المبادرة التي لم ولن ينوب عنهم احدا لاستعادتها باسمهم .فمبادرة معراب قد تكون فرصة جديدة واساسية لاستعادة المسيحين دورهم الوطني تمهيدا لاستعادة اللبنانيين جميعا مبادرة انقاذ وبناء الدولة القوية القادرة.