قبل المؤتمر التأسيسي الذي ترتفع وتنخفض الأصوات في شأنه، مطلوب مؤتمر تأسيسي مسيحي. لا يكفي أن نتكل على “لابورا” وعلى تصريحات متفرقة، لتعود حقوق المسيحيين في المشاركة الوطنية الصحيحة. والمسيحيون الفرحون بالمصالحة بين “القوات” والعونيين، كم سيخيب أملهم إذا اقتصرت المصالحة على نائب زائد هنا ووزير إضافي هناك. ثمة أكثرية مسيحية ساحقة خرجت من القمقم، ويجب أن تنتظم في “جبهة لبنانية جديدة”. جبهة تعود وتجتمع في دير ما، وتتخذ مقررات تاريخية على غرار مقررات سيدة البير.
نعم هكذا ينظر المسيحيون الى “مصالحة معراب”. توزع الأكثرية المسيحية بين 8 و 14 آذار لا يمنع انعقاد “مؤتمر سيدة البير الثاني”. ألا يتبارى كل يوم المسلمون في 8 و 14 آذار في تأكيد حرصهم على الوجود المسيحي الحر؟ فماذا ننتظر؟ ربما ينتظر المسلمون من المسيحيين أن يقولوا الكلمة السرية، لأن تلك الكلمة، إذا صدرت عن المسلمين، ستتحطم في خضم الصراع السُني – الشيعي في المنطقة. ربما الكلمة من فم المسيحيين هي “حج الخلاص” لشيعة لبنان وسُنته ودروزه. وتاريخياً، دائماً في البدء كانت الكلمة اللبنانية مسيحية! هذا التباري في خطب ود المسيحيين، من معانيه العميقة اعتراف ضمني إسلامي بالفشل. فشل في إدارة السلطة التي نشأت منذ العام 1990. المصارحة واجبة بين أبناء الوطن الواحد. حجم مسؤولية مسلمي السلطة في “فضيحة النفايات”، لا يقارن بمسؤولية الشركاء المسيحيين. النقمة العربية علينا، هل سببها حزب مسيحي، أم حزب “المقاومة الإسلامية” في لبنان؟ هل من منظمة لبنانية مسيحية موضوعة على لائحة الإرهاب في دول الغرب أو الشرق؟ المؤتمر التأسيسي المسيحي، خطوة أولى لإنتشال المسلمين اللبنانيين من المأزق الذي أوقعوا أنفسهم فيه. هم يدورون في حلقة مقفلة تشد على خناقهم، وعلى المسيحيين واجب كسر هذه الحلقة التي تكاد تخنق الوطن بمسيحييه ومسلميه. أيها الشركاء في الوطن، ساعدوا المسيحيين ليساعدوكم.
ولسليمان فرنجيه الحفيد، هذه الرسالة من جده عضو الجبهة اللبنانية الرئيس سليمان فرنجية:
“في كانون الثاني 1978، وبعد سنة على مقررات سيدة البير، عقدت “الجبهة اللبنانية” اجتماعاً في منزل الرئيس سليمان فرنجية في زغرتا. بعد الاجتماع أكدت الجبهة اللبنانية “إيمانها بكل مقرراتها وبياناتها السابقة، وبخاصة مقررات خلوة سيدة البير التي نحتفل اليوم بالذكرى السنوية الأولى لانعقادها، ولا سيما منها البند الآتي نصه: “اعتماد تعددية المجتمع اللبناني بتراثاته وحضاراته الأصيلة أساساً في البنيان السياسي للبنان الموحد تعزيزاً للولاء المطلق له ومنعاً للتصادم بين اللبنانيين بحيث ترعى كل مجموعة حضارية فيه جميع شؤونها وبخاصة ما يتعلق منها بالحرية وبالشؤون الثقافية والتربوية والمالية والأمنية والعدالة المجتمعية وعلاقاتها الثقافية والروحية مع الخارج وفقاً لخياراتها الخاصة”. أما في نص النظام الداخلي للجبهة فقد ورد في المادة الأولى أن “الجبهة (تعمل) على تنفيذ مقررات خلوة سيدة البير التي عقدت ما بين 21 و23 كانون الثاني 1977 نصاً وروحاً”. المؤتمر التأسيسي المسيحي يتسع لكل المسيحيين على ضفتي 8 و 14 آذار.