رأي حر – وحيث لا يناضل الآخرون

حجم الخط

ماذا تفعل الـSocial Media بالناس وبالصحافة وحتى بالـMedia؟

ما هي هذه الظاهرة الصاروخية التي تهب كالريح فتحرق كل ما يعترض مسارها وتسوّي أو تكاد عالمَي الصحافة والإعلام بالأرض، وتلقيهما أو توشك في غياهب النسيان؟

السوشيل ميديا أو وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها وألوانها هي السيدة التي تخطف الأنظار والأنفاس وتسبي العقول، وتلهي الأمهات عن أولادهن والأولاد عن دروسهم وأحياناً عن أخوتهم ورفاقهم، والنساء عن رجالهن، وربما العاشق عن عشيقته، والعكس صحيح.

هي السوشيل ميديا حبيبة قلوب المليارات . جميعهم يتعبّدون لها ولا أحد “يغار” من أحد، فهي للجميع تفتح أذرعها كالأخطبوط بمجسّاته اللاقطة، ولا تفرّق بين ذكر وأنثى، وأبيض وأسود، ومؤمن وكافر، وكبير وصغير. وكلما زاد محبوها اتسع فضاؤها وقلبها .

من الفيسبوك والواتساب، مروراً بالتويتر والإنستاغرام واليوتيوب، إلى الغوغل والإيميل والسكايب والفايبر وسائر البرامج والتطبيقات، وعِدّ والحقني.

السوشيل ميديا ليست مجرد ظاهرة، بل إنها لم تعد مجرد عالم افتراضي، فهي تفرض نفسها عالما حقيقياً يتيح علاقات وصداقات وثقافات هجينة، ولا يوفر مناسبات للزواج أو للطلاق!

عندنا في لبنان غائصون في السوشيل ميديا، والحمدلله أنها غائصون، كي نعوّض قليلاً عن تداعيات الإحباط والقلق والأزمات المتراكمة على اختلافها. ولكن الخطر عندما يتحوّل الأمر إلى مرض مستعص ونوع من الإدمان يتسبب باكثر من انفصام ومن انفصال عن الواقع.

كيف لنا أن نفهم من يحيّيك وهو يبتسم لهاتفه الذكي، أو طلاباً جامعيين يضطر الأستاذ بين الحين والآخر إلى تأنيبهم ومنعهم من فتح أو تفقّد هواتفهم الذكية والتي تعطّل ذكاءهم وتركيزهم!

وكيف لنا أن نفهم شرطياًّ يتمشى وهو ينظر بفرح غامر إلى شاشة الموبايل ، مديرا ظهره للزحمة والزمامير!

وكيف نفهم من يقصد الكنيسة ليصلّي ، وهو هائم في هاتفه، بينما الكاهن يعظ بالتخلّي قليلاً عن مباهج الحياة للتفرغ قليلاً للخالق!

أجل إنها السوشيل ميديا الإلهة الجديدة.

أما الخطر الذي تشكّله على الصحافة ووسائل الإعلام، فهو قصة معقدة ومؤلمة.

صحف ومحطات تلفزيونية وإذاعية محلية وإقليمية وعالمية مهددة بالإقفال أو بالضمور.

ومع ذلك نحن باقون، لأننا من أهل النضال، وسنبقى مناضلين حيث لا يناضل الآخرون. والسلام.

المصدر:
إذاعة لبنان الحر

خبر عاجل