عادت قضية ثروة لبنان النفطية الى الواجهة بقوة في الساعات الماضية من بوابة زيارة الموفد الأميركي الخاص ومنسق شؤون الطاقة الدولية آموس هوكستاين إلى بيروت للمشاركة في أعمال “منتدى النفط والغاز”، وقد اغتنم المناسبة لمقابلة عدد من المسؤولين أبرزهم رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة تمام سلام والرئيس سعد الحريري ووزيرا الخارجية والطاقة جبران باسيل وارثور نظاريان.
مصادر وزارية متابعة للملف أبلغت “المركزية” أن “الاقتراحات الجديدة لحل موضوع الحدود البحرية” التي تحدث عنها المسؤول الاميركي من عين التينة، لا تعدو كونها تكرارا للطرح الذي تحدث عنه خلال المؤتمر النفطي ويقوم على “حث لبنان على البدء بالتنقيب عن النفط في المناطق غير المتنازع عليها مع إسرائيل”، اذ لا يجوز، على حد تعبيره، ترك لبنان كله رهينة هذا الجزء الصغير المتنازع عليه في الجنوب… في المقابل، أشارت المصادر الى ان كل من قابلهم هوكستاين في الداخل، نقلوا اليه موقف لبنان الموحّد والمتفق على ضرورة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل قبل الشروع بأي خطوة في اطار “التنقيب”، وقد جددوا امامه رفضهم لاقتراح أميركي عرضه عليهم يقول بأن تتولى شركات عالمية بارزة استخراج الغاز والنفط بناء على اتفاق مسبق مع لبنان واسرائيل، وتوزيعه لصالحهما بنسبة 55% للبنان و45 % لاسرائيل، على ان يتم احتساب الحصة النهائية لكل منهما من النفط المستخرج، عند حسم الخلاف بين الدولتين وتحديد الحدود البحرية.
واضافة الى رفض هذا العرض، أبلغ الجانب اللبناني، وفق المصادر، هوكستاين بأنه كان سلّم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون خلال زيارته الاخيرة بيروت، رسالة رسمية من الحكومة اللبنانية يطلب منه فيها “القيام بمساع حميدة مع اسرائيل لترسيم الحدود البحرية وحسم الخلاف القائم حول المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الابيض المتوسط جنوبا وبالقرب من الحدود الاسرائيلية”، ليتسنى للبنان بعد ذلك ان يباشر اعمال البحث والتنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، بعدما توقفت الاجراءات التي كان يعتزم الاقدام عليها لاطلاق مناقصة عالمية للتنقيب عن الغاز في البحر ومن ثم في البر. وكشفت المصادر ان لبنان لم يتلق حتى الساعة، اي جواب من بان.
وازاء التمسك اللبناني بأولوية ترسيم الحدود البحرية، وتعويله على دور تلعبه الامم المتحدة في هذا المجال انطلاقا من موقعها كوسيط وحكم، بما يحسم الخلاف القائم “بحرا”، على غرار ما حصل في الجنوب حيث اعتمد خط أزرق فاصل، ولا مانع لبنانيا من ان تضع الامم المتحدة خطا ازرق بحريا بانتظار تحديد وترسيم الحدود البحرية في شكل نهائي.. لا تحبذ واشنطن التوجه اللبناني هذا، وقد لوّحت حسب المصادر، بسحب يدها من الملف النفطي اللبناني، وبالتخلي عن وساطتها بين بيروت وتل أبيب، اذا دخلت الامم المتحدة على الخط من زاوية ترسيم الحدود البحرية. وفي هذا الاطار، لم تستبعد المصادر ان تكون اسرائيل خلف هذا الموقف الاميركي، اذ يناسبها ان تضطلع واشنطن وحدها بمهمة رعاية اتفاق التنقيب بين لبنان واسرائيل والاشراف عليه، من دون تدخل اي جهات أممية أو دولية او اقليمية أخرى في هذا الموضوع.