وتعود الذكرى… أسماءُ تمرُّ في البال وهاماتٌ ما زالت ماثلة في عنفوان وطن لم تنحن، وعلى أكتافها تعب القضية وفي ضميرها طعم الوفاء. ولها مع أيلول الشهداء ألف حكاية عزٍّ ونبضِ شهادة، تحفر في التاريخ قصص مجد، وفي وجدان المستمرّين من حَمَلَة المشاعل عزماً على مواصلة النضال وحماية القضية مهما كثر الأعداء وتطاول المتطاولون.
تعود الذكرى… وفي هذه المناسبة الجليلة، لا يسعنا إلا أن ننحني أمام تضحيات من سبقونا إلى عالم الخلد فداء عن لبنان. من شهيد الرؤساء ورئيس الشهداء الشيخ بشير الجميل، إلى آخر مناضل ضحّى بحياته على مذبح القضية السامية. قوافل بعد قوافل في مسيرةٍ لا تنتهي، منذ الرهبان الشهداء في مغاور الجبال قبل أكثر من ألف عام، ولم يزل الإيمان ثابتاً والعزم قوياً والتصميم هو هو على مواصلة الدفاع عن الحق وصون الكرامات.
يا أيها الأبطال، ربما من بين أعظم مآثركم أنكم جعلتم أيلول يزهرُ فيعبق فرح القضية بعبير المجد. وتتزيَّن رياحين لبنان بألوان الخلود فتزهو حتى اللامتناهي من الأيام. أرقدوا بسلام. فالقضية التي قدمتم القرابين على مذبحها، مشعلُها مرفوعٌ وبأيادٍ أمينة. ولبنان الذي حلمتم به وإن هزّته العواصف، فهي ليست إلا مخاضا لولادة مجيدة آتية. والعنفوان الذي ضجّ في أعماقكم ما زال هادراً في صخب المقاومين، وسيظل كذلك، لأن أمّة أنجبت أمثالكم هي أمة لا تموت