عقم النظام السياسي تابع… إقتصاد متفلّت وبوادر إنهيار

حجم الخط

يبدو أننا نشهد اليوم تخبطاً غير مسبوق على مستوى إدارة الملف الإقتصادي وتراكماته على مدى سنين وعهود مضت، أرخت بظلالها على واقع الإقتصاد اللبناني نتيجة المؤشرات السلبية للنمو الإقتصادي مع غياب شبه تام لأي معالجة أو خطط إقتصادية تجنب البلاد كارثة محتمة الوقوع …

فما نراه اليوم في الواقع ليس إلا تطبيقاً حرفياً لسياسة طمر الرأس في الرمال، وهذا ما سوف يقود بالبلاد إلى كارثة إقتصادية لا نعلم من أين تبدأ وأين تنتهي، هذا فضلاً عما ينتظرنا من ديون تراكمية بالمليارات والتي تحتاج بدورها إلى خطط إقتصادية متكاملة لمعالجتها والتخلص من ذيولها وأعبائها وانعكاساتها …

هذا وقد بات معروفاً بأن كل فريق من الأفرقاء السياسيين يحاول أن يأخذ المبادرة في إدارة الملف الإقتصادي وفقاً لما يراه مناسباً من وجهة نظره،

ومن هذا المنطلق، يبدو أن الوضع الإقتصادي الراهن أصبح لا يختلف كثيراً عن حالة العقم التي أصابت نظامنا السياسي اللبناني، وإلى ما هنالك من حالة إرتباك واضحة قد أصابت الطبقة السياسية بأكملها بالنظر لما يختزنه هذا الملف من عوامل إنهيار للوضع الإقتصادي، خصوصاً وأن الإهتمام الدولي بلبنان بات غائباً عن السمع أو شبه معدوم أو ما يمكن وصفه بحالة اللامبالاة الدولية تجاه لبنان، هذا فضلاً عن غياب تام لأي خطط إستراتيجية لها فعاليتها على المستوى الإقتصادي ككل والتي من شأنها إعادة الثقة بالإقتصاد الوطني وبث الأمل والطمأنينة في النفوس.

وفي ظل ما نحن عليه من تأزم للوضع الإقتصادي، وإلى ما هنالك من ديون تراكمية بالمليارات وما يترتب عليها من فوائد وإلتزامات وموجبات تفوق قدرة لبنان على تحملها أو الإيفاء بها، فإن ذلك قد يؤشر وفي غياب أي خطط جدية للمعالجة، إلى إنفجار محتم إنما مؤجل الحدوث فيما لو بقيت الأمور سائرة بالإتجاه الإنحداري التي هي عليه اليوم، لاسيما مع غياب أي مبادرات دولية أو مؤتمرات تعنى بلبنان إقتصادياً ومالياً (كالتي شهدناها في باريس 1، باريس 2 …) وانعدام الثقة بالإقتصاد اللبناني مع مؤشر إستثمارات لا يدعو إلى التفاؤل، إلى معدلات في النمو لا تتجاوز في أحسن الأحوال 2%، وهذا كله يتزامن مع غياب تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وانعدام فعالية القطاع السياحي، إضافة الى وجود مليوني نازح سوري على الأراضي اللبنانية وما قد يشكلون من ضغوط على المستوى الديمغرافي والجغرافي وفرص العمل، زد على ذلك، أن الدين العام في لبنان كان ولا يزال يتعاظم بطريقة غير طبيعية حتى اتخذ شكلاً وحجماً يكاد يفوق قدرة لبنان على تحمّله، وهذا ما يحتّم من حيث المبدأ تحقق عدة شروط إقتصادية أساسية لوضع حد لهذا التنامي غير الطبيعي من جهة ولخدمة هذا الدين من جهة ثانية، بدءاً بعقلنة إدارة الدين بطريقة علمية وإقتصادية تسمح بكبحه وضبط تداعياته وتأثيراته على بنية الإقتصاد، كما وإيجاد تنظيم ملائم لمعالجة إرتفاع معدلات الفوائد، تصاعدياً وتراكمياً، المترتبة على الدين أصلاً وفوائد، مروراً بمعالجة الوضع الإقتصادي عامة عن طريق ضبط مكامن الهدر والفساد في الدولة وترشيد الإنفاق وإدارته وإعادة الثقة بالإستثمارات سواء الأجنبية أم المحلية وهذا ما يتطلب معه مناخاً إيجابياً وسياسياً مؤاتياً.

فمجمل هذه التحديات التي يواجهها الإقتصاد اللبناني قد يكون من الصعب التصدي لها في ظل عقم هذا النظام وفي ظل واقع سياسي مهترئ مع غياب تام لأي خطط إقتصادية ناجعة تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.

فإلى أين نحن ذاهبون… وهل بتنا أمام بوادر إنهيار إقتصادي كالذي شهدته اليونان؟؟

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل