كتبت جومانا نصر في “المسيرة” – العدد 1635
نعم سأكتب. قلتها من دون تردد وأنا في طريقي إلى مكاتب مجلة المسيرة ذاك الثاني من تشرين الثاني 2017. سأكتب لأنني منذ 32 عاما وأنا أعبر تلك المسافات التي تفصلني عنها شأني شأن كل الزملاء الذين أضأنا معا الشمعة الأولى في عمر المجلة ، وصولا إلى الزملاء المحررين والإداريين الذين نحيك معهم خيوط عمرها ال33.
سأكتب لأنني لا أتخيل صباحات العمر تشرق من دون أن أبدأها بكلمة صباح الخير لزملاء هذا الصرح الذي أدخله منذ تاريخ ولادتها.
محطات كثيرة خضناها في غمار مجلة صارت مرادفا للقضية وصفحات تؤرخ بالحبر والإلتزام تاريخ المقاومة المسيحية وسيرة شهداء. محطات لا يمكن أن تُطوى صفحاتها أو تُفتح حصرًا في المناسبات، لأنها امتداد لسيرة من مسيرة نضال بدأت ذات صباح تشريني من المجلس الحربي في الكرنتينا. يومها كنا مجموعة طالبات في كلية الإعلام والتوثيق الفرع الثاني سنة أولى، تجمعنا أحلام زهرية وطموحات والكثير الكثير من الفكر المقاوم. على هذا الأقنوم التقينا في مسيرة الحياة الجامعية وصولا إلى المجلس الحربي حيث مكاتب مجلة المسيرة داخل مستوعب حديدي. البعض منا ما كان يخطط لتلك المسيرة، لكن ثمة من حرّضنا على أن نكون في بوتقة الصحافة الملتزمة، ثمة من دخل إلى مكاتب المجلة ذات صباح ووقف أمامنا بهامته الطويلة والبزة الخضراء ليشرب معنا نخب القضية والإلتزام، نخب العدد الأول في 2 تشرين الثاني 1985. وبدأ المشوار مع الصحافة الملتزمة من قلب مجلة “المسيرة” والنضال بالحبر والكلمة مع مسيرة القائد سمير جعجع والإلتزام بقضية الشهداء والوطن.
ليس سهلا أن تقفل على مرحلة عمرية عشتها بصباحاتها ولياليها وأنت تكتب أسبوعيا مقالا أو أكثر على مدى 32 عاما…عمر. لكن من قال أننا نكتب؟. منذ البداية التزمنا وعن قناعة أن نقاوم بالكلمة فكنا نحول الملجأ والمطبعة أحيانا إلى غرفة عمليات صحافية. المهم أن لا تغيب مجلة المسيرة وتكون بين أيدي القراء والرفاق على الجبهات صباح كل سبت. ومع صباح كل سبت كنا نرتدي البزة الخضراء لنصل إلى الجبهات ونسلم العدد باليد للرفاق الذين اختاروا بإيمان وقناعة أن يسكنوا القضية ويكونوا شهودا للحقيقة وشهداء على مذبح الوطن.
كل هذا ما كان ليتحقق لو تكن هناك “أسرة” مصرة على إصدار مجلة ولو بملزمة واحدة لأن القضية هي الأهم.
في 2 تشرين الثاني 1985 كان النخب الأول. وفي كل عام نشرب نخب الكلمة التي حفرت وأحدثت فرقا في مكان ما وزمان ما. راهنا على الكثير لنحصد ما يخولنا أن نقف اليوم ونقول: هذه مسيرتنا ومسيرتكم.
مسيرتنا التي سكبنا فيها موقفنا كل اسبوع حتى في زمن الوصاية، وقلنا ما قلناه من دون مساومة ولا غربلة ولا مراعاة لخواطر أحد.
مسيرتنا التي احترفنا فيها الكلمة والموقف، حيث ال”نعم نعم، واللا لا”. من دون أن نطأطئ رؤوسنا ونكون محايدين أمام أول هبة ريح.
ومسيرتكم لأن صفحاتها البيضاء ما كانت يوما إلا واحة حرية لكل شهيد وملاذا لأمهات الشهداء والمعتقلين في السجون السورية، ومساحة غير مؤطرة في المكان والزمان لقضية آمنا بها، ولهم وحدهم سلمنا صك الملكية ومفتاح الأمانات وأقسمنا أن نبقى ونستمر ونهيء لانتظارات الغد.
وكما راهن حامل شعلة القضية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على ديمومة “المسيرة” نعاهدكم على أن نبقى ونستمر على قدر الوزنات.
2 تشرين الثاني 1985 كان النخب الأول الذي شربناه أسرة “المسيرة” مع الحكيم. 2 تشرين الثاني 2017 “المسيرة” مستمرة… فلنشرب نخب استمراريتها.
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]