تصدير الثورة والنأي بالنفس

حجم الخط

تريث الرئيس سعد الحريري في تقديم استقالته من رئاسة الحكومة واشتراطه التزام بنود اتفاق الطائف والتطبيق الفعلي لسياسة النأي بالنفس وعدم الاضرار بالعلاقات مع الدول العربية، تجد صداها في الحراك السياسي الذي تشهده المنطقة ومحاولة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تثبيت موقعها ودورها في حل الازمة السورية في خضم مؤتمرات واجتماعات تعقد  في اكثر من عاصمة ودولة.

فعلى وقع المعطيات الميدانية الجديدة واستعادة جيش النظام السوري وحلفائه من الميليشيات الإيرانية مدينة البوكمال الحدودية وطرد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية منها واستكمال تطهير باقي المناطق المحاذية للحدود السورية مع العراق، استكمل الفرقاء المعنيون بالازمة المسار السياسي بزخم على اكثر من مستوى وصعيد.

في الرياض التي استضافت  مؤتمراً للمعارضة السورية جمع  فيه نحو 150 معارضاً نصفهم من المستقلين والنصف الآخر  من منصات مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا وهدف للتوصل الى وضع ورقة عمل مشتركة من اهم بنودها “التشديد على رحيل بشار الأسد في بداية أي انتقال سياسي”  على ان يحملها وفد موحد الى محادثات جنيف المقبلة.

وفي “سوتشي” حيث عقدت قمة بين رؤساء روسيا وتركيا وايران اتفق في ختامها على عقد “مؤتمر وطني سوري” في روسيا يضم ممثلين من دمشق والمعارضة. بوتين شدد في ختام القمة على التزام دمشق عملية السلام والإصلاح الدستوري واجراء انتخابات. وكان لافتاً موقف الرئيس الإيراني الذي ندد بما قال انه “وجود قوات اجنبية في سوريا”، قاصداً القوات الأميركية، متحدثاً بالنيابة عن النظام  السوري  ومعتبراً ان “الامة السورية لن تسمح وستتصدى لاي تحرك يمس كرامة سوريا، وحدتها واستقلالها”.

اسقاطات لقائي الرياض وسوتشي قد تدفع بالمسار السياسي اللبناني الذي رسمته الاستقالة والتريث بها الى واقع جديد يتمرجح بين حدين:  الإرادة الدولية الضاغطة في اتجاه بناء تسويات جديدة في المنطقة وتحديداً في سوريا على ان تليها ربما اليمن، والرغبة الإيرانية في الإبقاء على نفوذها في دول الهلال الشيعي الممتد جنوباً وغرباً الى اليمن. ورغم ابداء “حزب الله” انفتاحه على الحوار في تفاصيل العناوين الحريرية وقوله انه مستعد لمناقشتها، وإعلان امينه العام ان لا لزوم لابقاء عناصر الحزب على الجبهات في العراق وسوريا، ونفيه وجود عناصر من الحزب في اليمن او اطلاقه صواريخ باليستية على الرياض، بعد التطورات الميدانية الأخيرة، فانه وارب موقفه هذا من حقيقة تحركات الحزب العسكرية ونواياه المستقبلية في ما خص الازمة اليمنية. فقد اعلن السيد نصرالله في كلمته التي القاها يوم الاثنين في 20 الحالي ان عناصر الحزب سينقلون الى ساحات أخرى (من سوريا والعراق) والى حيث يجب ان يكونوا او يطلب منهم ان يكونوا. الموقف الإيراني لاقى الموقف الموارب لـ”حزب الله” بإعلان واضح لقائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري من ان “دعم طهران للحوثيين سيستمر بناء على طلب شعب وحكومة اليمن”، وان “نزع سلاح “حزب الله” غير قابل للبحث او وارد”.

فهل ستتخلى طهران عن مبدأ تصدير الثورة كرمى لعيون الحريري ولبنان والمملكة؟ والى أي ساحة من الساحات ستنتقل القوى العسكرية للحزب؟ أ الى ساحة جديدة يتم تحضيرها ام الى اليمن او لبنان؟ وأين وكيف ستتم الترجمة السياسية للنصر الذي تم تحقيقه في العراق وسوريا؟ وهل ستتمكن قيادة الحزب من تحمل تبعات عودة مسلحيها الى لبنان من دون جائزة ترضية؟ وبمعنى أوضح هل خاض الحزب كل هذه المواجهات في الهلال الشيعي ليعود الى لبنان بخفي النأي بالنفس؟

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل