بين واشنطن وطهران… “حرب ناعمة ” في حقل الغام

حجم الخط

تثبت الولايات المتحدة يوماً بعد يوم ان قرار رئيسها دونالد ترامب التصدي لإيران ولانشطتها في المنطقة قرار جدي لا رجعة عنه. فمنذ اعلان الرئيس ترامب ضرورة مراجعة الاتفاق النووي الذي وقعه مع الجمهورية الإسلامية سلفه باراك أوباما بمشاركة المجموعة الأوروبية والأمم المتحدة، باعتباره غير كاف، لا بل ساهم بتمدد النشاط الإرهابي للجمهورية الإسلامية الهادف الى زعزعة استقرار المنطقة.  هذا الموقف جدده ترامب في إعلان استراتجية ادارته للأمن القومي، في وقت تراكم أجهزته مواقف طهران وما تصفها بالمخالفات التي ترتكبها في كل حين وآن.

بناء الملف الإيراني في أروقة الإدارة الأميركية يجري على قدم وساق منذ بداية ولاية الرئيس الاميركي. فقبل اعلان ترامب لاستراتيجية ادارته بأيام، دعت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي في مؤتمر صحافي، وخلفها بقايا الصاروخ الباليستي الذي اطلق على الرياض الشهر الماضي، دعت الكونغرس “الاطلاع على الاثباتات لمواجهة ايران وتهديداتها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان” و”لمنع تحولها الى كوريا شمالية ثانية” على حد قولها.  وفي الوقت نفسه كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يعلن ان الصواريخ التي اطلقت على الأراضي السعودية من اليمن، والتي تم تجميع أجزاء منها من مختلف المواقع من قبل فريق دولي تابع للمنظمة، إيرانية، وانها من صنع شركة “شهيد باغري” المحظورة دولياً، واتهم طهران بانتهاك قراري مجلس الامن 2216 و2231 المتعلقان بمنع تسليح اليمن ومنع الجمهورية الإسلامية من توريد أسلحة.

وفي تقرير حديث صادر عن “مركز العمل الوقائي” التابع لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي حول المخاطر الكبرى التي تواجه الولايات المتحدة، وشارك فيه 436 مسؤولاً حكومياً اميركياً ومختصين في السياسة الخارجية، حذر من احتمالية حدوث مواجهة عسكرية بين ايران وأميركا بسبب تزايد التوترات في الشرق الأوسط وبسبب السلوك الإيراني والدعم المقدم من جانبها الى “الميليشيات المنخرطة في حروب بالوكالة مثل الحوثيين في اليمن و”حزب الله” في لبنان”. واضافة الى احتمالية الحرب هذه، يحذر التقرير من “مواجهة قد تحدث بين الطرفين في حال وقوع حادث او اشتباك متعمد بين قوات البلدين في مياه الخليج”، خصوصاً ان الازمة مع ايران في حال “تطور وتصاعد”.

في المقابل برز تصريح لقائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري أمام حشد من طلاب جامعات الحرس الثوري قسَم فيه اهداف النظام الإيراني الى خمسة: تأسيس النظام، تثبيته، تطبيق ايديولوجيته داخلياً، اسلمة المجتمع وأخيراً تشكيل مجتمع عالمي قائم على أيديولوجية النظام. وأشار الى ان ايران تمر بالمرحلة الثالثة لكن ببطء رغم الوضع الخارجي الجيد المتمثل بدور طهران في 5 دول عربية وهي اليمن، لبنان، فلسطين، سوريا والعراق، لافتاً الى ان محور المقاومة في المنطقة والعالم امتداد للثورة الإيرانية. تصريح الجعفري تلاه موقف لممثل المرشد في الحرس الثوري علي سعيدي الذي قال إن الحرس نقل استراتيجية الحرب في المنطقة من الحروب المتوازنة الى الحروب المتماثلة أي ان اختلاف القوة بين طرفي الحرب يعني اختلافاً في الاستراتيجية المعتمدة (ميليشيا وعصابات في مواجهة جيش نظامي محترف) كما الحال في حرب 2006. وكرر سعيدي موقف المرشد من المواجهة مع الولايات المتحدة اذ اعتبر ان واشنطن تقود حرباً “ناعمة” عبر العقوبات ووسائل الاعلام والتقنيات وحتى عبر المفاوضات ضد طهران.

منذ إعلانه الترشح للرئاسة الأميركية، قارب ترامب الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه، والذي صاغته منافسته للرئاسة آنذاك وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، من زاوية تهاون فريق باراك أوباما وتغاضيها عن المكتسبات الضمنية التي منحها الاتفاق لطهران، والتي أدت الى تزايد نفوذها في المنطقة والى اثارة حلفاء واشنطن التقليديين وعلى رأسهم إسرائيل. لا بل تعتبر إدارة ترامب أن سياسة الديمقراطيين الخارجية سمحت بانتشار التطرف والإرهاب وتمدده بدعم من ايران عبر اذرعتها العسكرية في الشرق الأوسط والخليج وصولاً الى باكستان وأفغانستان.

يبقى أن سياسة “الحرب الناعمة” كما تقول طهران أو”التعامل معها الآن دبلوماسياً لا عسكرياً” كما يقول وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عن إيران، على وقع موجات العنف في فلسطين واليمن وسوريا والمناطق الكردية في شمال العراق، شبيهة بالسير في حقل الغام قد ينفجر بكامله، من دون خطوات، عند اول زلة “لسان”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل