مرة جديدة يُثبت سمير جعجع أنه رجل ﻻ يُشبه اﻻ الرجال الرجال، يُجيد وضع النقاط فوق الحروف والأصبع على الجرح، شخّص الداء ووصف الدواء… خاطب الشهداء بكلمات وجدانية، حاكى العقل والمنطق، منعشًا ذاكرة اللبنانيين، استذكر التاريخ وقلّب في صفحاته مشددًا على تضحيات الشهداء، وأنه لوﻻهم لكنّا اليوم أهل ذمة أو مهاجرين، وبأفضل حال لكنّا نفتّش عن “جبل سنجار” ما، نهرب منه أو نلجأ إليه، ونستجدي كسرة خبز أو قطرة ماء، منتظرين المساء لنفترش الأرض ونلتحف السماء…
وفي المقلب اﻵخر بدا صلبًا كصخرة عنيدة من جبل لبنان حين توجّه الى كل أعداء لبنان في الداخل والخارج قائلاً بما معناه “أننا لن نموت إﻻ واقفين وتاريخنا يشهد…”
نعم، من جهة ظهر سمير جعجع أنه متألّم حقيقي مع عائلة كل شهيد سقط ليبقى لبنان، ومن جهة ثانية خصم شريف، شرس ﻻ يهادن وﻻ يساوم، ولبنان فوق كل اعتبار…
مدّ يده الى خصومه داعيًا إياهم للعودة الى لبنان وعدم التضحية بخيرة شبابهم خارج الحدود.
سمير جعجع نشكر الله على وجودك معنا وبيننا، نشكر الله أننا نعاصر عملاقًا مثلك يعانق السماء بشهامته، وإﻻ لكنّا أسرى المنافقين الذين تنكّروا لدماء الشهداء وتضحياتهم وباعوا المسيحيين وحقوقهم.
شهداؤنا الأبرار هنيئًا لكم عليائكم، وهنيئًا لكم هذه القيادة وهؤﻻء الرفاق الأبطال الذين يحملون أمانة استشهادكم في أعناقهم، فاطمئنوا مشعل القضية مضاء ومرفوع وإن خفت نوره وشحّ زيته، فبالأحمر القاني نشعله…
فالدرب التي سرتم عليها لتحفظوا الأرض والوجود سنسيرها إن نادانا الواجب، وسنكمل كتابة التاريخ الذي نقشتم فيه حكاية وطن يرفض الموت والخضوع، وكتبتم أسماء خالدة، ورسمتم وجوهًا ﻻ تُشبه إلا وجوه الملائكة…
أنتم الذين صنعتم من النعوش عروشًا، ومن القبور قصورًا، ومن خيوط الشمس مشاعل نور ونار واكاليل زهر وغار…
لكم منّا كل المحبة والتحية والوفاء والإنحناء… والسلام.
#كرمالكن
مارون مارون رئيس دائرة الإعلام الداخلي في “القوات اللبنانية”.