الراعي زار مركز جدرا لمؤسسات الرعاية الاجتماعية: لقد قضينا يومين نتكلم فيهما عن المحبة فإذا بها هنا تعاش

حجم الخط

 

إختتم بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للطائفة المارونية الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، زيارته الراعوية لمنطقة إقليم الخروب، بزيارة مركز “الرعاية والتنمية”، التابع لمؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الأيتام الإسلامية، في بلدة جدرا الساحلية.

وأقيم للراعي والوفد المرافق استقبال حاشد عند مدخل المركز- منشأة الحاج نزار شقير- جسد أسمى معاني العيش المشترك بين أطياف المجتمع اللبناني، واستهل بتحية كشفية من مفوضية “كشاف دار الايتام الإسلامية”، وكان في استقباله رئيس عمدة المؤسسات فاروق جبر وأعضاء العمدة، المدير العام لمؤسسات “الرعاية الاجتماعية” في لبنان – “دار الأيتام الإسلامية” الوزير السابق خالد قباني، نزار شقير، نائب المدير العام لمجمعات ومراكز المناطق سلوى الزعتري، مديرة مركز جدرا “للرعاية والتنمية” ثروت حسن، فريق الإدارة العامة لمؤسسات الرعاية وعدد من مدراء مراكز المناطق التابعة لها.

ثم أقيم للراعي احتفال في قاعة المركز، وحضره النائب بلال عبد الله ممثلا رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، النائب فريد البستاني، ممثل النائب محمد الحجار نجله رشيد، محافظ جبل لبنان محمد مكاوي، قائمقام الشوف مارلين قهوجي ضومط، المدير العام لشركة “خطيب وعلمي” المهندس سمير الخطيب، اللواء ابراهيم بصبوص، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير، المدير العام لوزارة المهجرين أحمد محمود، الشيخ نجيب الصايخ من مؤسسة “العرفان التوحيدية”، راعي أبرشية صيدا ودير القمر المارونية المطران مارون العمار، المونسنيور مارون كيوان، رئيس المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو أبو كسم، رئيس بلدية جدرا الخوري جوزف القزي، رئيسا اتحادي بلديات إقليم الخروب الشمالي زياد الحجار والجنوبي جورج مخول، رؤساء بلديات ومخاتير وشخصيات وفاعليات اجتماعية وسياسية ودينية من منطقة الشوف وإقليم الخروب.

حسن

استهل الاحتفال بكلمة ترحيبية ألقاها جبر، وسلم الراعي كتاب المئوية، ثم كانت كلمة لمديرة مركز جدرا، التي نوهت ب”الدور الذي يقوم به المركز على صعيد الرعاية الاجتماعية والإنسانية في المجتمع المحلي، واحتضان المنطقة للمؤسسات”، شاكرة رئيس بلدية جدرا الأب جوزيف القزي “الذي له اليد الطولى في هذا الاحتضان، الذي يجسد المعنى الحقيقي للعيش المشترك بين أبناء الوطن”.

ثم كانت مشهدية استعراضية بعنوان “المحبة والسلام”، أداها أبناء مركز جدرا للرعاية التنمية، من ذوي الإعاقة الذهنية.

قباني

ثم تحدث قباني، فقال: “نستذكر ولا ننسى، يا صاحب الغبطة، لأنها باتت في الوجدان والضمير، كلماتك الوطنية الرائعة، التي تصدرت مذكرة بكركي في 9 شباط 2014، من أجل تحقيق وطن يليق بالإنسان، والتي دعوتم فيها الجميع إلى التمعن بطبيعة هذا الوطن، الذي يولد ويتطور في استمرار من تجربته التاريخية الطويلة في العيش معا وقلتم: ليست مقولة العيش معا، التي يتمسك بها اللبنانيون شيئا عرضيا أو شعارا مرحليا، إنما هي لب التجربة اللبنانية. صدقت يا صاحب الغبطة”.

أضاف: “من هنا تأتي زياراتك الراعوية إلى كل مناطق لبنان، ومنها هذه الزيارة المباركة إلى منطقة الشوف وإقليم الخروب، لتؤكد على أهمية العيش المشترك بين اللبنانيين، وعلى معاني العيش المشترك الأصيلة، وفي صلب العيش المشترك الحياة المشتركة وتثبيت روح المحبة والانفتاح والاعتدال والتواصل والمودة والتسامح، والحفاظ على الكرامة الإنسانية، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا”.

وتابع: “وروح المحبة والانتماء إلى الوطن، التي طالما دعيتم إليها، بتواضع المؤمن، هي التي دفعتكم اليوم إلى هذه الزيارة التاريخية الكريمة لدار الأيتام الإسلامية في هذه البلدة العزيزة، في جدرا في منطقة الشوف وإقليم الخروب، التي تشكل نموذجا للعيش المشترك، ونحن بدورنا، في دار الأيتام الإسلامية، وانطلاقا من هذه الروح اخترنا جدرا فامتدت يد الخير، يد الحاج نزار شقير، التي بنت وجهزت مكان هذا الصرح الإنساني الحضاري، الذي يحتضن أبناء معوقين ذهنيا، ليعدهم إلى حياة أفضل. ورحبت جدرا وأهلها وفتحت قلبها وذراعيها لهذا الصرح اللبناني الاجتماعي والرعائي والإنساني، وكان للأب قزي اليد البيضاء في هذا الشأن”.

وأردف: “نحن في مؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الأيتام الإسلامية، يا صاحب الغبطة، نعمل من أجل الإنسان، من أجل إكرام الحياة الإنسانية، لا نفرق ولا نميز، نعمل من أجل لبنان، لكل لبناني، تتوزع خدماتنا الرعائية والإنسانية على أكثر من 54 مركزا تنتشر على مساحة الوطن كله، نعمل منذ ما يزيد عن الماية سنة ومستمرون بالعمل بإخلاص وشفافية. لليتيم ومن لا عائل له، للفقير والمحتاج نعمل، للأرملة والمطلقة ولتمكين المرأة نعمل، للمسن، للأسر الفقيرة نعمل، وعملنا هو عبادة ورسالة، نتوجه فيها إلى الله، لكي يتقبل أعمالنا خالصة لوجهه، مؤيدين ومدعومين من مجتمع خير ومعطاء، ما تأخر ولا تردد يوما في العطاء، رغم الظروف الصعبة والأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مؤمنين بدور المجتمع في بناء وإعمار وإغناء الحياة الإنسانية و بفكرة التكافل والتضامن بين أبناء المجتمع، التي تضم الجميع تحت عنوان النهوض بالإنسان، وقيم المساواة والعدالة والرحمة، والحديث الشريف يقول: “إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”.

وشكر الراعي على “هذه البادرة الطيبة والزيارة الكريمة لدار الأيتام الإسلامية في بلدة جدرا المنيرة”، مؤكدا أنها “ستبقى محل تقديرنا ومحفورة في ذاكرة أبناء هذه الدار وفي القلوب”.

هدية

ثم قدم أبناء المؤسسة هدية تذكارية للراعي.

الراعي

وألقى الراعي كلمة، فقال: “ما أجمل ما يدبر الله، ما كنت أظن أننا ننهي هذين اليومين الجميلين في هذا اللقاء، الغني بالعاطفة والمحبة. لقد قضينا يومين نتكلم فيهما عن المحبة وضرورة المحبة، فإذا بنا هنا نعيشها، هنا تعاش، ونشكر الله، فهذا الذي يبقى”.

أضاف: “يقول الرسول بولس في رسالته، التي أنشد فيها سر المحبة: الإيمان ينتهي، والرجاء ينتهي، وتبقى المحبة، لأن الله محبة”. إن المشهدية التي رأيناها من الأطفال، الذين تعلموا المحبة ويعيشونها، فما أجمل أن يقولوا لكل الأطفال نحبك، لأنها صادرة من قلوب تعرف المحبة، هذه المشهدية تملي علينا أن نضيف إليها اسم مركز جدرا للرعاية والتنمية – الطريق إلى السلام بالمحبة والتسامح”، شاكرا جميع الحضور على “محبتهم”، منوها ب”جهود المطران العمار والخوري جوزف القزي، اللذين أرادا أن نختتم زيارتنا في هذا المركز، وهذا مقصود عن نية، لكي لا ننسى أبدا هذا المكان، ثم حيا الراعي جميع الحضور وجميع القيمين على مؤسسات الرعاية الاجتماعية”.

وتابع: “هنا، وفي دار الأيتام وفي مؤسسات الرعاية الاجتماعية الإسلامية في لبنان، نعم فعل عبادة لله عبر رسالة المحبة. إن محبتنا للانسان كل الإنسان، تنبع من محبتنا لله، والعبادة لله فعل محبة لله، نستمد المحبة منه لنحملها رسالة للمجتمع، هذا ما تقوم به مؤسسات الرعاية الاجتماعية- دار الأيتام الإسلامية، وما تعيشه ويعيشه مركز جدرا للرعاية والتنمية، هذا ما لمسناه منذ أن وطأنا هذه الأرض الطيبة. فأحيي رئيس العمدة وكل الذين يحسنون والذين يسخون، فالله دائما يريد منا القليل وهو يصنع الكثير”، وقدم مثلا “كيف أن يسوع أطعم 5000 رجلا، ما عدا الرجال والنساء من خمسة أرغفة وسمكتين، وهذا يعني أن الرب هو الغني، ويطلب منا القليل وعليه الكثير، وهذا ما أنتم تختبرونه هنا”، كما حيا “المحسن الكبير الحاج نزار شقير ومديرة المركز ثروت حسن وجميع العاملين”، واصفا أنها “ثروة كبيرة”.

وأردف: “لقد تأثرت كثيرا منذ أن وطأت عتبة هذه المؤسسة، فتذكرت كلمتين من الكتب المقدسة 73 كتابا من العهدين القديم والجديد، حيث تقول: خلق الله الإنسان على صورته ومثاله. وذات يوم التقى الرب بأحد الذين يحملون إعاقة، وسألوه من أخطأ والده أم والدته، فأجاب كلا لا أمه ولا أبوه، بل لكي يظهر مجد الله”.

وقال: “إن الذين يحملون إعاقة ما في أجسادهم بالنسبة لتعليمنا المسيحي، يواصلون آلام الفدا من أجل حياة العالم، أنهم مثل الحربا، التي تقي غضب الله عن البشر، هؤلاء هم الحربا، لذلك أقول معك فعل عبادة لله، بالرسالة التي نكرمهم بها، هؤلاء يدفعون عنا، ويتألمون من أجلنا، وهؤلاء يرفه الله غضبه عنا في الشرور والظلم والحروب والخطايا، التي لا تبلغ حدها بعد، فهم الحربا”.

أضاف: “نعم هذه المشهدية، مشهدية لاهوتية إسلامية مسيحية عميقة، أجل ونعم مركز جدرا للرعاية والتنمية الطريق إلى السلام والمحبة والتسامح، فالقلوب التي لا تحب تعيش التعاسة، لا يشعر الإنسان بالسعادة إلا عندما يحب، وإذا ربطنا الكلمة الأولى والأخيرة، خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، وهو محبة، ليكون كل واحد منا محبة، وللذين هم بحاجة إلى محبة، نكون نحن نزرع فيهم هذه المحبة، ليعيشوا فرح المحبة كما أنتم تفعلون، فشكرا للمحسنين الذين يحرسون هذه المؤسسة”.

وتخلل الزيارة جولة تعريفية في أرجاء مركز جدرا، للتعرف على الخدمات التي يقدمها المركز للمحيط، من برامج متنوعة، منطلقا من احتياجات المجتمع، وخصوصا الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية، إلى جانب البرامج الأسرية للأرامل والمطلقات، برامج تمكين المرأة وأطفال الأمهات العاملات، مدعما ببرامج التوعية المجتمعية والإرشاد والعون الأسري، والأنشطة الثقافية والتنموية لأهالي المنطقة والمحيط.

المصدر:
الوكالة الوطنية للإعلام

خبر عاجل