عامان مفصليان هما 2017 و2018 تركزت فيهما الجهود العسكرية والامنية لتنظيف لبنان من الارهاب بخلاياه او بذئابه المنفردة، لا سيما بعدما وضع حد نهائي له عبر الحدود الممتدة من الشمال الى الشرق بين لبنان وسوريا، والتي كانت معركة فجر الجرود المفصل الحاسم فيها، كونها شكلت المنطلق لتركيز الجهد على البدء في عملية اجتثاث منظمة لهذا الارهاب.
وبتوجيهات مباشرة من قائد الجيش العماد جوزاف عون صعّدت مديرية المخابرات من وتيرة نشاطها، وباشرت خطة عملانية ممنهجة ومدروسة لملاقاة الانجاز العسكري الكبير عند الحدود عبر عملية مستمرة لن تتوقف للقضاء على الخلايا الارهابية او العناصر المنفردة في الداخل اللبناني استنادا الى داتا من المعلومات يتم تحديثها لحظة بلحظة، اثمرت انجازات نوعية بتوقيفات لشبكات خطيرة ولإرهابيين خطرين، اذ ان متابعة المحاكمات الجارية في المحكمة العسكرية تظهر حجم الانجازات المحققة والتي مكّنت لبنان من التقاط انفاسه بعد الموجة الدموية من التفجيرات الارهابية التي ضربته بموازاة الحرب السورية.
ويسجّل لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني عملها الصامت في مجال محاربة الارهاب في السنتين المنصرمتين، اذ تمكّنت وحداتها من تنفيذ مئات العمليات الامنية الدقيقة والحساسة والمحترفة، والكثر منها لم يعلن عنه، على الرغم من سعي الاعلام للحصول على معلومات حول الحرب الخفية التي خاضتها المديرية، والتي تكتّمت على كل مجرياتها حرصا على عدم تقديم معطيات يستفيد منها العدو الارهابي، وبالتالي لم تكشف المعلومات الا عند تحويل الموقوفين الارهابيين مع الملف الى القضاء المختص وبدء المحاكمات العلنية التي تتابعها وسائل الاعلام من منطلق الشفافية المعتمدة من قبل رئاسة المحكمة العسكرية.
وفي هذا السياق علمت وكالة “اخبار اليوم” ان العام 2017 شهد توقيف 3743 ارهابيا بين مجموعات وشبكات وافراد، اما العام 2018 تم توقيف نحو 500 ارهابي فقط ايضا بين مجموعات وشبكات وافراد، وهذا التراجع في عدد الارهابيين الموقوفين لا يعني خفوت الهمة لدى مديرية المخابرات انما تفسيره ايجابي بالمطلق، لانه يعني ان عملية اجتثاث الارهاب من الداخل اللبناني وصلت الى مراحل متقدمة وهي اذ تستهدف تنظيف كامل المساحة اللبنانية من الارهابيين، فهو لا يكتفي بذلك انما يعمد على تدمير الخلايا النائمة عبر اخراج هذه الجرذان الارهابية من جحورها، خصوصا وان الحاضنات لها صارت شبه معدومة في كل المناطق اللبنانية، لذلك تعمد الى الاختباء في مخيمات النازحين السوريين ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وحتى في الملاذين المذكورين الخناق يشتد يوما بعد آخر حولها، نتيجة التعاون الوثيق بين الاجهزة الامنية وبين المرجعية الفلسطينية الرسمية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الاخرى، اضافة الى ابقاء العين مفتوحة وساهرة على مخيمات النزوح وامكان تجمع وانتشار النازحين السوريين.
وهذا الانجاز في الحد من خطر الارهاب على لبنان، يحمّل الاجهزة المعنية وتحديدا مديرية المخابرات المزيد من المسؤولية في المحافظة على الاستقرار والامن في الداخل اللبناني، بالتزامن مع سهر ألوية وافواج الجيش اللبناني لا سيما افواج الحدود على حماية الحدود والسهر على منع تسلل الارهابيين عبرها الى الداخل، وما المشاهد المنقولة من قمم السلسلة الشرقية لابطال الجيش اللبناني وهم يتحدّون الظروف المناخية القاسية جدا ويقومون بأداء مهماتهم على اكمل وجه الا الرسالة الاكيدة على ان قرار حماية لبنان لن تقف عائقا امامه لا الثلوج ولا الانواء ولا مخططات الارهابيين المرصودة بارادة الصمود والتصدي بلا هوادة.