“القوات” يحرّك جمر الكهرباء

حجم الخط

هي حكاية إبريق الزيت التي ملّ منها اللبنانيون. هي الوعود التي لا تنتهي لـ26 وزيراً للطاقة منذ العام 1992 بكهرباء 24/24، فيما لبنان مهدد بالعتمة في كل لحظة.

 

الحلول الموقتة نادراً ما تصبح دائمة في هذا البلد، وتتأرجح المعالجات بين سيء وأسوأ. حتى أكثر الدول تخلفاً تنعم بالضوء ونحن ندور حول أنفسنا في عتمة قاتلة كمن فقد صوابه. ساعة بواخر للطاقة تعوم فوق مياهنا الإقليمية وتطفو منها قيمة الاسعار المرتفعة، وساعة تنظيم عمل المولدات الخاصة. يوم لتأهيل معامل الإنتاج ويوم آخر لبناء أخرى قادرة على مواكبة الألفية الجديدة. اقتراحات ومشاريع لا تنتهي والنتيجة ذاتها، عجزٌ في القطاع الاكثر حيوية يفوق الثلاثين مليار دولار منذ العام 1992، دعم تقدمه الدولة اللبنانية للقطاع وصل الى 45% من كلفة الدين العام، حتى فاق الـ2500 مليار ليرة في السنة الماضية وحدها، وتقنين يطرق الأبواب “كل ما دق الكوز بالجرة”.

 

حزب “القوات اللبنانية” أخذ على عاتقه المساهمة في إيجاد الحل الدائم لهذا القطاع، وفي إطار ورش العمل التي ينظمها بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور ومركز الشرق الأوسط للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، عُرض واقع الكهرباء بالتفصيل، بمشاكله التقنية والمالية والاستشارية والقانونية، وكان اللقاء مناسبة لتبادل الأفكار بغية الخروج بتوصيات عملية ستنقل الى مجلس الوزراء.

معضلة القطاع في آلية اتخاذ القرار

رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الادنى للخدمات الهندسية والإنمائية الدكتور منير يحيى، وهو أحد المشاركين في ورشة العمل، أكد أن أزمة الكهرباء ستوصل البلاد ليس الى الإفلاس والانهيار وحسب وإنما الى الحضيض، وشدد على “ضرورة أن تتمكن الحكومة التي نعلق اليوم عليها الكثير من الآمال، من مواجهة هذه المشكلة بجرأة، وإما سيكون الوضع بغاية السوء”.

ورأى في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أن هذا الملف يحتاج الى إجماع سياسي ووطني، لافتاً الى وجود وجهات نظر متعددة، فيما المطلوب من الجميع الجلوس والحوار للاتفاق على وجهة نظر واحدة، لان بالتحدي والمعارضة لن تسير الامور.

وتابع يحيى، “كارثة الكهرباء لم تعد حالياً مرتبطة بوزير وباتت تتطلب لجنة وزارية متخصصة مؤلفة من وزراء الطاقة والمياه والمال ونائب رئيس الحكومة وخبراء، تتابع هذه اللجنة شهرياً الملف مع مؤسسة كهرباء لبنان ووزارتي الطاقة والمال”.

وشدد على ضرورة إجراء إصلاحات إدارية في هيكلية المؤسسة إذ لا يجوز أن يقوم قطاع ستكون تكلفته الإجمالية حوالى 2 مليار دولار سنوياً، بغياب مجلس إدارة ملتزم وشفاف.

وطالب رئيس شركة الشرق الادنى للخدمات الهندسية بضرورة وضع الاهداف الواضحة والحل السريع على سكة التنفيذ وطبعاً بمناقصات شفافة. أضاف، “تقنياً، استشاريا وحتى مالياً، لا يوجد مشكلة، إنما المعضلة كلها في آلية اتخاذ القرار”.

ورأى أن الحل السريع يمكن أن يقوم على استئجار طاقة موقتة لسنتين في المناطق، على محطات التحويل المركزية، وايضاً في العرض الموقت الذي قدمته شركة Siemens، جازماً ان الحل الموقت لا يجب أن يطبق إلا تزامناً مع تنفيذ خطة الحل الدائم لقطاع الكهرباء وهو “برأيي عبر انشاء معامل لإنتاج الطاقة”.

الحل الموقت لاقتراح Siemens قد يكون دائماً

الرئيس التنفيذي للمبيعات العالمية للطاقة في شركة Siemens الالمانية كريم أمين، الذي عرض مشروع الشركة المقدّم إلى الدولة اللبنانية خلال الورشة، أشار الى أن الحل الموقت سيكون جزءا من المناقصة التي ستعلن عنها الحكومة اللبنانية والتي ستُحدد فيها احتياجاتها وشروطها، مذكراً بأن Siemens عرضت مشروعها على وزارة الطاقة، التي وعدتنا بأنها ستصدر المناقصات خلال أشهر قليلة.

وكشف امين لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني عن أن اقتراح Siemens هو في أن يكون الحل الموقت جزءا من الحل الدائم، من خلال البدء بإنتاج مبني على الدورة الكهربائية البسيطة، وكفاءة استغلال الوقود التي ستعتمد بدورها، وفي مرحلة مقبلة، على الدورة المركبة.

وأضاف، “الحل الموقت الذي نقترحه يعتمد على استخدام توربين دورة بسيطة بإمكانها انتاج الوقود بشكل ممتاز، وبعد فترة من الزمن، أي عند انتهاء فترة الذروة، يمكن تحويلها الى دورة مركبة ويكون الحل الموقت قد أصبح جزءا من الحل النهائي”.

وإذ أشار الى أن 80% من كلفة الإنتاج تعتمد على الوقود، وأفضل وقود لتقديم اقتصاديات تشغيل بكفاءة عالية هو الغاز، أوضح أن أي حل سيكون اليوم موقتاً الى حين استخراج الغاز، مبدياً ثقته بأن تستثمر الحكومة اللبنانية الغاز الموجود في مياهها الإقليمية، وتابع، “هناك تقنيات جدية حصلت في موضوع استدراج الغاز المسال وهناك مناقصة تمت بالفعل”.

كما تطرق أمين الى الحل الدائم الذي يكون بتوربينات أو محطات أكبر، بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال وجود مستثمر يتفق مع الحكومة اللبنانية، على انه مستعد لدفع تكلفة معامل انتاج الطاقة، ويوقع بعد ذلك عقد شراء طاقة مع الدولة لمدة معينة (قد تكون 25 سنة)، وبالتالي لا تتحمل الدولة تكلفة إنشاء المعامل.

على الحكومة البدء بتنفيذ الخطط

الممثل المقيم لمؤسسة كونراد اديناور الالمانية في لبنان د. مالت غاير اشار الى أن ورشة العمل هذه بغاية الأهمية لأنها ركزت على القطاع من جوانبه كافة عارضة الكثير من الافكار في محاولة لإصلاحه وتحسينه لما له من تأثير على الاقتصاد والمجتمع اللبنانيين، مشدداً لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني على ضرورة تطمين اللبنانيين وإخراجهم من حالة الإحباط التي يعانون منها والمتعلقة بملف الكهرباء.

وتابع، “سمعنا اليوم الكثير من المبادرات والعروض الجيدة وكان النقاش مفتوحاً، واعتقد انها الطريقة الافضل للقاء صناع القرار معاً واتخاذ أفضل التوصيات بهدف الوصول الى حلول نهائية”.

ولفت الى أن هذا الملف يأتي في توقيت بغاية الدقة. هذه فرصة من المجتمع الدولي لإظهار اهتمامه والمانحين الدوليين بلبنان وحث الحكومة أيضاً على البدء بالخطوات العملية التنفيذية في ملف الكهرباء الذي يطاول اللبنانيين جميعاً”.

وأوضح ماير انه سيكون هناك العديد من ورش العمل التي تتعلق بقطاعات انتاجية اخرى و”سنكون جداً مسرورين بعرض وجهات النظر ومناقشتها للوصول الى حلول عملية”، خاتماً، “المانيا كانت دائماً من الداعمين للبنان ومن المشاركين في إيجاد الحلول لمشاكله الاقتصادية واستقراره وسنستمر بدعم هذا البلد الصديق خلال السنوات المقبلة”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل