إستقالته جعلت لبنان من دون حصانة

حجم الخط

كتب سمير عبد الملك في “المسيرة” – العدد 1694

 

عندما نَذكُر إسم البطريرك صفير، نتذّكر مباشرة صفحات مشرقة من تاريخ وطننا، طبعها غبطته بطابعه الخاص، وجعلت منه بطريركاً إستثنائياً ستذكره الأجيال القادمة لمدة طويلة.

لقد تسّنى لي معايشة غبطته في مرحلة اعتبرها من أدّق وأهّم وأخطر المراحل في تاريخنا الحديث، عندما طالب غبطته  في ما سُمّي بالنداء الأول (أيلول ٢٠٠٠) بوجوب تطبيق إتفاق الطائف وانسحاب الجيش السوري من لبنان .

 

وعلى أثر هذا النداء، تأسس لقاء قرنة شهوان، الذي رعاه المطران يوسف بشارة بحكمته وبتوجيه من غبطته، «من أجل حوار وطني» لتوسيع مساحات التلاقي بين اللبنانيين على ثوابت جامعة قام عليها وطننا وأصبحت تشّكل مبرراً لوجوده.

تمحور عمل اللقاء على تحقيق شعار «خلاصنا في وحدتنا». هَمُنا إستعادة «دور وطن الرسالة» في العيش معًا، وفي قبول الآخر المختلف، في نظام ديمقراطي يُدير التنوّع بحرّية ومساواة وعدالة اجتماعية.

 

لم يكن غبطته يبخل علينا في النصح والتوجيه للعمل بإيمان وصبر، ومدّ جسور التواصل بين كافة مكوّنات الوطن، خاصة في تلك الأيام الصعبة عندما كانت تكثر التهديدات والمخاوف والإغتيالات …

 

لقد جعلت إستقالة غبطته من السدة البطريركية المارونية، لبنان الكيان والدولة عارياً من دون أية حصانة.

نفتقد اليوم حكمة البطريرك صفير وصلابته في الدفاع عن مقوّمات وطننا المهدد بشتى أنواع المخاطر.

 

وكم نحن بحاجة الى تظهير تاريخ هذا البطريرك الذي دخل التاريخ من بابه الكبير لبث الحياة في الجسم اللبناني المستسلم. وخاصة لرفع معنويات أجيالنا الشابة وحثها على التمسك بالوطن، ومسك مصيرها بأيديها، بدلاً من البحث عن وطن بديل تُحقق فيه أحلامها واستقرارها.

 

تأتي مناسبة دخول غبطته عتبة المئة عام هذه السنة، ولبنان الوطن – الرسالة مهددٌ في انهيار دولته وفي استبدال شعبه بشعب آخر، وحُكاّمه يتجادلون حول جنس الملائكة…

ولعل صلوات غبطته تُحرك ضمائر حكامنا، الروحيين والزمنيين، وتُعيدهم الى رشدهم، لتدارك المصير المحتوم قبل فوات الآوان، فنُعيد الى الوطن دوره الإنساني والحضاري بين الأمم.

 

وكما حفر غبطته صخرة الظلم والإستبداد إبّان حكم الوصاية السورية بإبرة الحق والإيمان والصلابة، فإننا اليوم مدعوون، وفي أي موقع كنّا، الى الإستهداء بتاريخ غبطته، والترفّع عن الصغائر ولنتذكر أننا من تراب والى التراب نَعود.

 

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل