ازدهر حزب الله على مدار عقود، بسبب الدعم النقدي السخي الذي تتلقاه من إيران، وهو الأمر الذي مكّنه من الإنفاق على مسلحيه ومراكمة ترسانة هائلة من الأسلحة، وصولا إلى صعوده كقوة إقليمية كبيرة في سوريا والعراق.
لكن الصورة تغيرت الآن، وفق تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، أشار إلى أن العقوبات الصارمة التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على التجارة مع إيران العام الماضي، أضعفت من قدرتها على تمويل ميليشياتها، وخاصة حزب الله، أبرز وكلاء طهران في المنطقة.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن عدد من مسؤولي الميليشيات وأعضائها وأنصارها أن إيراداتها هبطت بشكل غير مسبوق، مما أجبرها على إجراء تخفيض كبير على النفقات.
تضرر الجهاز العسكري
وباتت الميليشيات الآن تمنح عددا من مسلحيها إجازات، أو تسرحهم من الخدمة وتحيلهم إلى الاحتياط، حيث يتلقون رواتب محدودة أو لا يتلقون رواتب على الإطلاق، وفق ما يقول عضو في الوحدات الإدارية للميليشيات رفض الكشف عن اسمه.
وحتى أولئك الذين ظلوا في الخدمة العسكرية، باتوا يتلقون فقط الرواتب دون الامتيازات السابقة التي تمتعوا بها، مثل الوجبات وقسائم الوقود والمواصلات.
وعلاوة على ذلك، تم سحب الكثير من مسلحي الميليشيات من سوريا، حيث لعبت هناك دورا رئيسيا إلى جانب القوات الحكومية خلال الحرب الأهلية المندلعة هناك منذ سنوات.
ونقلت “واشنطن بوست” عن مصدر لم تسمه داخل حزب الله، قوله إن الميليشيات بصدد إغلاق تلفزيون “المنار” التابع لها وتسريح موظفيه.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ تم أيضا تقليص برامج الإنفاق الاجتماعية المخصصة لعناصر الميليشيات، مثل الأدوية المجانية والبقالة.
لكن الميليشيات أبقت على مخصصات أسر قتلاها في سوريا أو المواجهات مع إسرائيل، ويقول مسؤولون في الميليشيات إن هذه المخصصات ضرورية من أجل جذب مقاتلين جدد.
أقسى العقوبات
وتقول الصحيفة الأميركية أن العقوبات التي فرضها ترمب العام الماضي على إيران، بعد انسحابه من الاتفاق النووي، كانت أقسى بكثير من تلك التي ساعدت في جلب إيران إلى طاولة المفاوضات في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وتركت هذه العقوبات أثرا عميقا على الاقتصاد الإيراني.
وصرح المبعوث الأميركي الخاص بإيران، برايان هوك، أن بلاده تمكنت من حرمان إيران من 10 مليارات دولار منذ تشرين الثاني الماضي، الأمر الذي قلّص من قدرة النظام الإيراني على الإنفاق.
ونقلت “واشنطن بوست” عن مسؤول كبير في حزب الله اعترافه بأن الأموال الواردة من إيران قلت كثيرا، مما اضطر الميليشيات إلى تقليص نفقاتها، مضيفا “لا شك أن لهذه العقوبات تأثير سلبي”.
ويواجه حزب الله منذ عقود عقوبات أميركية، بسبب تورطه في هجمات طالت مصالح أميركية، لكن المسؤول قال إن العقوبات الأخيرة على إيران أثرت بشكل أكثر من أي وقت مضى على تمويل الميليشيات.
مصادر تمويل جديدة
ولم يوضح المسؤول مقدار الانخفاض الذي طرأ على التمويل الإيراني للميليشيات، لكن هوك صرح في نيسان الماضي بأن إيران كانت ترسل في الماضي نحو 700 مليون دولار سنويا إلى الميليشيات، وهو ما يمثل 70% من مداخيل حزب الله.
وقال مسؤول في ميليشيات حزب الله إن لديها مصادر أخرى وتسعى للبحث عن مصادر تمويل جديدة.
وفي آذار الماضي، دعا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، إلى المساهمة في أسماه “جهاد المال”، وبعدها انتشرت صناديق التبرعات في معاقلها.
وبدأ حزب الله في ابتكار وسائل عدة لتوفير الأموال، مثل تسيير شاحنات صغيرة مزودة بمكبرات صوت تدعو إلى التبرع، كما نشر العديد من اللوحات الإعلانية التي تحث اللبنانيين على التبرع للجمعيات الخيرية التي يديرها.