تسلّم رئيس جامعة الحكمة الخوري الدكتور خليل شلفون السعفة الآكاديميّة التي منحته إياها وزارة التربية الفرنسية، تقديرًا لعطاءاته وجهوده والتزامه الثابت في خدمة التعاون الفرنسي في حقل التربيّة، وذلك خلال إحتفال أقيم في كلية السياحة والعلوم الفندقيه في الأشرفيّة برعاية رئيس أساقفة بيروت وليّ الحكمة المطران بولس مطر وبحضور راعي أبرشية جبيل المطران ميشال عون والنائب البطريركي للسريان الكاثوليك المطران شارل مراد ، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد والقنصل العام في السفارة الفرنسيّة السيد كريم بن شيخ ورؤساء جامعات ومدارس وشخصيات سياسية وآكاديميّة واجتماعية.
بعد النشيدين الوطنيين الفرنسي واللبنانيّ وتقديم لعريفة الإحتفال السيدة سوزان الصايغ، ألقت السيدة فيرونيك أولانيون مستشارة السفارة الفرنسيّة للتعاون والعمل الثقافي ومديرة المعهد الفرنسي في لبنان كلمة،
السيدة اولانيون كلمة شكرت فيها الأب الرئيس الخوري شلفون على استضافته الحفل في الجامعة. وتوّجهت اليه بالكلام مشيرة الى أن سبب اللقاء هو لمنحه السعفة الأكاديمية الذهبية برتبة ضابط من قبل الجمهورية الفرنسية، تقديراً للعمل الذي يقوم به على رأس جامعة الحكمة والتعاون بينها وبين جامعات فرنسية، وتتويجًا لسبع وعشرين سنة من التعليم الجامعي.
وقالت:”إن عملكم الدؤوب لمصلحة نقطتي التلاقي بين بلدينا والمتمثلين باللغة والجامعة كفيل وحده لتبرير منحكم الوسام من قبل الجمهورية الفرنسية، ويمكنني أن اتوقف عند هذا الحد.” كما قالت، قبل أن تكمل بسرد الأعمال التي قام بها االخوري شلفون من أجل خدمة العلاقات اللبنانية الفرنسية والفرنكوفونية.
” لقد أسّستم، بالتعاون مع المعهد الفرنسي في لبنان والوكالة الجامعية للفرنكوفونية، مركزاً للغات سيسمح بالمحافظة على المستوى العالي لتعليم اللغة الفرنسية في جامعتكم التي تبلغ نسبة الطلاب الذين يدرسون باللغة الفرنسية 65% وهذا ما يجعل من مؤسستكم سفيرة فعليّة للفرنكوفونية، ولتعدّد اللغات في قلب التعليم العالي في لبنان. وأضافت: ” إن دفاعكم عن اللغة الفرنسية هو دفاع عن عالم مشترك وعند إستقبالكم السفير الفرنسي السيد برونو فوشيه في جامعتكم السنة المنصرمة، كان لكم كلام قوي عن الفرنكوفونية التي ساندت دائما المتوسط، الحرية، حقوق الإنسان، حق الإختلاف، وإن معها ، نشعر بالإنتماء الى عائلة إنسانية وجامعيّة لها مدى عالمي، عطشى للتنمية المستدامة، والعدل والحوار. وان تعلّقكم بالفرنكوفونية راسخ ولن تتخلوا عنه أبدًا”.
الخوري خليل شلفون
بعد كلمات الترحيب والشكر، أهدى الأب الرئيس الوسام الى الأشخاص الذين رافقوه في مسار حياته، الى روح والده الذي كان أول من علمه حب اللغة الفرنسية وقيمها، الى والديه ومعلميه في مدرسة الإخوة المريميين، كما الى اساتذته في فرنسا. وأشار الى ان هذا الوسام هو تقدير لجامعة الحكمة ومؤسسها ومن خلفه. وأهداه ايضًا الى سيادة المطران بولس مطر الذي حول المعهد العالي للحقوق الى جامعة أبرشية وأغناها بعدد من الكليات، سنة 2000، وأوكل اليها مهمة تربية مواطنين ملتزمين ومسؤولين وتزويدهم بما يلزم كي يؤمّنوا مستقبلًا زاهرًا لهم وللوطن.
ثم شكر السيدة اولانيون وفريقها الذين يشكلون سندًا مهما للجامعة في نشاطاتها وأبحاثها ومركز اللغات فيها. وتمنّى إستمرارية وتقويّة التعاون من أجل التميّز وتعزيزالفرنكوفونية في كل أبعادها.
وتحدّث الخوري شلفون عن صانعي السلام و كيفية التربية على السلام في الجامعة. وقال: فهي تبدأ بتمرين يومي على الأخوة بين طلاب من مكونات مجتمعيّة ودينيّة مختلفة. هذه الأخوة تندمج مع ثقافة السلام الإنسانية التي توقظ ضمير الشبيبة على الإختلاف الثقافي والجمال الذي يحمل الإنسانية العالمية.
وقال: إن ” العالم الحالي بحاجة الى رؤية متجدّدة عن الإنسان، رؤية جديدة مبنية على إحترام حقوق الإنسان تتخطى المقاربة التقنية بل المادية”، ودعا إلى الغوص في وسائل الإنفتاح والتقارب بين الطلاب و تحدّث عن الحوار بين الأديان والثقافات “الذي أصبح ضرورة تُسقط البربرية والمواجهة”. فمن الأساس وضع الفكروالقلق الإنساني في قلب كل إختصاص ، بمواجهة النمط التقني المحض، الذي يؤكد على أولوية فاعلية الإنتاج، بنزع كل حكم أخلاقي أو بعد انساني عن التقنية” .
وفي الختام، أعرب المحتفى به عن رغبته في مشاركة منحه الوسام مع كل فريق جامعة الحكمة وعائلة رؤساء مدارس الحكمة الذين يعملون لتربية الشباب وإنتشار الفركوفونية.
المطران مطر
وألقى المطران بولس مطر كلمة ركّز فيها على علاقة الصداقة والأخوة التي تربط الشعب اللبناني بفرنسا والتي تمتّد إلى عقود من الزمن، وهي علاقة ذات أبعاد إنسانية وثقافية، أكثر منها سياسية. فالصراع من أجل الإنسان والحضارة. وفصل سيادته شعار الجمهورية الفرنسية ” الحرية والمساواة والأخوة ” وإلتزام الشعب اللبناني، الى جانب الشعب الفرنسي، بمكوناته.
فلبنان يثمّن الحرّية وقد “ضحى بكل ما كان يجب التضحيّة به من أجل الحرية، حرية المعتقد، حرية الضمير والحريّة الإنسانية ككل. ومن دون الحريّة لا يمكنه الإستمرار في العيش”، كما قال. واستذكر في هذا المجال كلام الراحل الكبير الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي اعتبر ” انه لدينا هدفان أمامنا، الحرية والتعايش، واذا دُفعنا الى الإختيار بينهما، نختار الحرية.”
وبعد الحرية، تكلم المطران مطر عن المساواة وحقوق الإنسان وتكافوء الفرص وعن تمسّكنا بهذه القيم. واعتبر ” إن كل إنسان له الحق أن يحظى بفرصة ويحقق ما أراده الله له”.
وذكّر المطران مطر، ما تمّ من تقارب أخوي هذه السنة بين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر في أبو ظبي، وقد ذكرا لأول مرة أنه علينا أن نكون أُخوة في الإنسانية. وقد دعيا الجامعات، ومنها جامعة الحكمة، ودُور الفكر والمفكرّين الى العمل على نشر فكرة الأخوة كي تصبح منغرسة في الثقافة وطريقة العيش، لأن العقبات كثيرة أمام تحقيق هذا الحلم، لكنّه حلم مهم.
وبعدها، شكر المطران مطر السفارة الفرنسية والسفير الفرنسي ووزير التربية الفرنسي والسيدة اولانيون على منح هذا الوسام المميّز الى الخوري خليل شلفون، ” فهو كان ولا يزال رجل فكر وأدب ورجل الله”، كما وصفه واعتبر هذا الوسام جرعة دعم لجامعة الحكمة، كي تتابع رسالة الثقافة ورسالة الإنسانية ورسالة التقدّم في المجتمع اللبناني وجواره.
وأخيراً، توجه الى الخوري شلفون بهذه الكلمات :” انك لست فارسًا بل ضابطًا في السعفة الذهبية، فمهامك أكبر وبانتظار أن تكبر أكثر في المستقبل، أُهنئك، ونهنئ أنفسنا، ونشكر فرنسا على هذه اللفتة.”
كلمة العائلة
وكانت كريمة المحتفى به يوانّا شلفون ألقت، باسم العائلة، كلمة معبّرة ومؤثرة عن الكاهن والمثقف والوالد والزوج والجد، المليء قلبه بالمحبّة والإيمان الحقّ وروح الله.