صاروا اربتعشر سنة حكيم

حجم الخط

أجمل ما حصل في كل ما حصل، ان جيل الاربعتش ذاك ينده بغالبيته باسم القوات اللبنانية وسمير جعجع! ليش يا شباب وانتم لا تعرفون الرجل بعد؟ “مين قلّك؟ سمير جعجع بطل من لبنان” أجابني احدهم وبحدّة، اذ لم يعجبه القول انهم لا يعرفون الحكيم “بيكفي نتعرّف على افعالو وعلى النواب والوزرا يللي بيختارن ت يشتغلوا صح للبلد ويكافحوا الفساد”.

هذا ثمن لا يقدّر بثمن، لا يقدّر بمال الدنيا بحالها، قبضه سمير جعجع مقابل بعضا من بعض ما عاناه زمن الاعتقال والانتهاك والعبودية. الى هنا يريد الحكيم ان يصل بالقوات اللبنانية، ان تبني اجيالا واعية لأجل الوطن. هذا أجمل الاثمان يقبضها الرجل مقابل زمن النضال والمقاومة والصراخ واللهاث خلف الحرية، الحرية يومذاك للوطن والحرية للشباب والحرية الحرية لسمير جعجع، كان ذاك الـ26 تموز 2005.

لا شيء مؤبد في الحياة. لا ظلم يدوم فوق هذه الارض طالما الرب وطأها، وكل يوم يخطو فوق ترابها خطوات تخترق عمق التراب لتعلن الاشجار والطيور، ولادة قديس جديد او اعجوبة جديدة عبر قديسيها، ومن لا يصدق، فليسأل عميد الاعاجيب في لبنان مار شربل تحديدا.

لم يخرج ختيار عنايا لحظة من زنزانة ذاك الاسير. 11 عاما وكم شهر بقي جليسه، كان يعرف القديس ان المناضل سيتحرر لا محال، لكن بقي يختبره بالتجربة، وكان يعرف الاسير الا ظلم يدوم فوق الارض مهما جن وطال واستفحل. وأتى ذاك اليوم بعد أشهر قليلة على جلاء الاحتلال السوري من لبنان، وتحقيق ثورة الارز المجيدة، وتعرفون كل تلك الحكايات الرائعة التي وبكل كل فخر العمر، شاركنا فيها وكنا جزءا لا يتجزأ من تلك المشهدية الوطنية الاستثنائية.

صاروا اربتعشر سنة حكيم، بلغة الشاعر موريس عواد، وانت في الحرية، هل انت ونحن والوطن كذلك؟ هل نحن عن جدّ في الحرية؟! اذ كلما تهيأ لنا اننا تحررنا واذ بنا ندخل سجونا أضيق بعد، وللسجون في لبنان وجوه كثيرة، كلها مضيئة ولا شيء يبدو مضيئا اكثر منها، في زمن الظلامة الكبرى. لن يعجبك هذا الكلام اعرف، اذ انه مناقض تماما لفكرك المقاوم المنظّم المناضل. لكن لوهلة، او لنقل هيك للمحة قلب، لخفقات خيبة، نشعر احيانا بعدم جدوى كل ما فعلناه ونفعله، ولما نتنبّه الى نتائج افعالنا نحن كقوات لبنانية، نعود ونشكر الرب عليك، وعلى الرفاق المناضلين الذين استمروا في الصمود والوفاء والمواجهة، وبسبب هذا الصمود صار لنا ما صار من نظام داخلي في الحزب، ومن نواب ووزراء يرفع لهم الوطن القبعات احتراما، ومن حضور قوي مدوي في قلب قلب الوطن الصغير الكبير، رغم الحروب التي تُشن علينا، ويظن البعض انها ستدمرنا او تعيقنا او تدخلنا في يأس الزمن، ولن، لن يحصل.

اربعة عشرة عاما حكيم وعندما أسأل حالي والناس ماذا فعلنا لبلدنا وماذا تغيّر، لا اجد الكثير من الاشراقات والانتصارات في الوطن، كي لا اقول اراه اسير الهزائم والتراجع والانحدار التصاعدي والسلطة المجنونة لاجل المال والزعامة الكاذبة الخادعة، ارى الوطن يبتعد، وكلما اقتربنا منه يهرب منا كأنه سراب ما في صحراء قاحلة، خصوصا في تلك العلاقة بين الوطن والمواطن، بين اولويات الانسان واولويات “الزعماء” حكيم.

طافت اولويات هؤلاء على شطوط البلاد، بعدما ارسوا مفهوما خاطئا جدا عن عمق الزعامة الحقيقية التي ضميرها الرئيس هموم الناس وقضاياهم، وعبقت روائح القمامة في الاتجاهات كافة، ودخلنا في سجننا الكبير، وأشهد، اشهد امام ربي والعالم ان لولا “القوات اللبنانية”، لولا قدسية معنى السجن الذي اسرك عن الناس، وقدسية تلك الحرية وما تركته فينا وفي الوطن، لولا نضال القوات الحقيقي الصامد في وجه كل شيء معاد لمفهوم الوطن والجمهورية وكرامتها، لكنتُ الان وكثر كثر امثالي، في بلاد الغربة نعيش سجننا الكبير، وان لولا تلك القوات لكان الوطن في سجن مظلم تحت سابع ذل، وانا اؤمن تماما بما اقول واعرف ان ما اقوله قليل جدا امام ما هي عليه الحقيقة، وامام المعنى الكبير لسجنك ولحريتك… حكيم.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل