نقل رفات الشهيد نعمان كرم الذي استشهد في معارك شرق صيدا في 31 آذار 1985 من بلدة روم قضاء جزين إلى مسقط رأسه في العدوسية قضاء صيدا، وذلك براية رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وبدعوة من منطقة صيدا – الزهراني في “القوات اللبنانية” ومنطقة جزين وبالتعاون مع جهاز الشهداء والأسرى والمصابين
وانطلق موكب نقل الرفات الذي ضم حوالي 200 سيارة من بلدة روم وتوقف في بلدات وادي بعنقودين، القرّية ودرب السيم حيث أقيمت استقبالات شعبية حاشدة ترافقت مع قرع اجراس الكنائس واطلاق المفرقعات، بعدها انتقل الموكب إلى مسقط رأس الشهيد الى العدوسيىة حيث استقبل الشهيد نعمان كرم بالزغاريد ونشر الأرز والورود، وقد حُمل النعش الى بيت الشهيد ومنه الى كنيسة مار يوسف حيث اقيم قداس لراحة نفسه، ترأس الذبيحة الالهية الأب يعقوب صعب، بحضور النائب بيار بو عاصي، رئيس هيئة التفتيش في القوات إدغار مارون، رئيس جهاز الشهداء والمصابين والأسرى جورج العلم، منسّق منطقة صيدا الزهراني عماد روكز، منسّق منطقة جزين جورج عيد، رئيس دائرة الإعلام الداخلي في “القوات اللبنانية” مارون مارون، وعددٍ من رؤساء البلديات والمخاتير، وحشود كبيرة من أبناء المنطقة وكوادر ومحازبين.
بعد القداس، القى النائب بيار بو عاصي كلمة قال فيها: “نريد دولة يكون المواطنون فيها سواسية أمام القانون، وخالية من المحسوبيات والولاءات والاستزلام، لذا علينا القيام بالكثير من العمل على هذا المستوى”.
واعتبر أن “الديمقراطية منظومة أخلاق، لا أكثرية عددية، فالمحسوبيات والتفلت والفساد، أمور بعيدة عن مفهوم الديمقراطية، والوسيلة التي توصل للحكم، ليست هي التي تحدد معيار النجاح أو الفشل، بل المواطن من يقرر ذلك”.
وتحدث بو عاصي عن “الشهيد وهواياته وأجمل الذكريات عنه”، مذكرا بأن “نعمان رغب في الدخول إلى أجهزة الدولة، ولكنه رأى أن الدولة لا تتمتع بقرار حماية أرضها وشعبها، لذا قرر الانخراط بالمسلك، الذي يحمي تاريخه وهويته وأرضه وعائلته ووطنه”، معتبرا أن “الدولة تخلفت عن القيام بواجباتها، واتخاذ القرار السياسي بفرض السلم والأمان للمواطنين، فتحمل ورفاقه المسؤولية، وقام بواجباته، حتى دفع حياته ثمن تقاعس الدولة”.
وبعدما قدم “اعتذارا من الشهيد، الذي استشهد ليكون لبنان سيدا، حرا ومستقلا”، أسف أن “يتم اليوم التفريط بسيادة الدولة، لأنها تتعايش وتتقاسم السلطة مع الدويلة، التي لديها مشاريع خارجية، لا تشبه حلم شهدائنا بأي شيء”. وقال، “نريد دولة تدار بالشراكة بين كل الشعب اللبناني، نعمان استشهدت لأنك كنت تواجه سلاحا غريبا هاجم منطقتك، وحاربت على جبهات متعددة، واليوم تغير السلاح، ولكن التفلت نفسه، بالتالي المهمة لم تنجز بعد، أنت قمت بواجبك ونحن مستمرون بالقيام بواجبنا”.
أضاف: “منذ 3 سنوات سماني الدكتور جعجع وزيرا، ومن بعدها رشحني كنائب في تكتل الجمهورية القوية، ما يعد شرف كبير لي، ولكن الشرف الأكبر يبقى عند الوقوف على قبر شهيد، مع ما تحمله هذه اللحظة من رهبة ودموع، فالجرح لم ولن يلتئم، لأننا لا نتحدث عن شهدائنا كمفهوم نظري، بل نحن عشنا معهم، وحاربنا معا، وحلمنا معا بمستقبل أفضل، ولكنهم استشهدوا بعدها، لأنهم أعطوا كل ما لديهم”، مؤكدا “متابعة مسيرتهم وتحقيق حلمهم”.
وتابع: “بلدة روم حضنت الشهيد كرم 34 عاما، بكل محبة وعاطفة وكرم، حتى هذا اليوم الذي نُقِل فيه إلى مسقط رأسه، بالقرب من ذويه، ولا يمكنني إلا أن أتوقف عند محبة الناس للشهيد كرم، ومدى تقديرهم لشهادة هذا البطل وشكره، كما كل الشهداء على تضحياتهم، لا سيما بعد اتهام البعض لهم بالزعران، كل نقطة دم من الشهيد نعمان تساوي أكثر بكثير، من كل من يتحدث عن شهدائنا بسوء، شهداؤنا دافعوا عن الأرض عندما تعرضت لأخطر الظروف، وكانت مهددة بالزوال، وقدموا دمهم فداء لكل الوطن، ومن كل لبنان، ومن دون أي مقابل، وبكل كبر وتضحية ولمستقبل أفضل لهذا البلد”.
وأمل أن “يتحلى الجميع بما تمتع به الشهيد كرم، من حب للتطوع نحو المهمة الأخطر، التي يرفضها الجميع، من دون انتظار الأوامر من أحد، وألا يتوقف الفرد عن تنفيذ المهمة، إلا حين ينجزها، مهما كلف الثمن، كما كان يقوم به الشهيد كرم، لأنها مهمة وطنية يتوقف عليها مصير وطن، وبهذه الطريقة تبنى الأوطان”، مجددا “الوعد باسم رئيس الحزب وباسم الرفاق القواتيين، بالاستمرار في مسيرتهم، من دون أي تنازل على حساب تضحياتهم ومصالح المواطنين، وإلا لا يمكن الوقوف إلى جانب أهل الشهداء والتأكيد أنهم: ما راحوا”.
وتوجه منسق صيدا الزهراني عماد روكز للشهيد نعمان كرم حيث قال له:” نعمان أنت خرجت من العدوسية وفي قلبك وعنفوانك القضية وأتيت بعد 34 سنة ملفوفاً بعلم القوات وهذه هي كل القضية”.
كما القى رئيس دائرة الإعلام الداخلي في “القوات اللبنانية” مارون مارون كلمة أكد أن فيها ان “المحاولات مستمرة لإلغاءنا واستبعادنا واقصاءنا وحصارنا، وقد فاتهم انه في زمن الحرب نحن الذين لم ترهبنا جنازير الدبابات ولا فوهات المدافع، ولا الاقبية ولا الزنزانات، نحن الذين حملنا السلاح يوم كان الدفاع واجباً، وحملنا القلم يوم باتت الكلمة سلاحاً، فكيف لنا ان نخاف في زمن التغريد والتدوين، في زمن التهديد والوعيد؟ وقد منحنا المجتمع على تنوعه ثقته التي تمثلت بخمسة عشر نائباً، وبات للقوات اللبنانية كتلة من اربعة وزراء، كلهم حراساً يجهدون للتخلص من المزرعة الحالية ويسعون لأجل قيام دولة فعلية.
كما القى امين سر منطقة صيدا – الزهراني في “القوات” الدكتور ميشال شماعي كلمة، وقال: “بعد 34 سنة نعمان أتى إلى بلدته والجمر ما زال في قلوبنا متوهجاً، عاد ليعتني بتراب العدوسية، وإذا دق الخطر بابنا سنكون اول المدافعين، حتى لا يحمّلنا الوطن لوما وذنبا… إن نعمان بجوار القديسين، وصوبه سنأتي، وأنتم من بعدنا ستقولون ما راحوا”.
كما القت جوانا كرم ابنة شقيق الشهيد كلمة باسم العائلة تحدثت فيها عن الم الغياب والفراق الممزوج بفخر الشهادة والبطولة. وبعدها قدم أهل الشهيد ذخائر ابنهم لجهاز الشهداء والمصابين والأسرى تسلمها العلم لعرضها في متحف الذخائر المخصص للشهداء.
إقرأ ايضاً: