تستغرب مصادر برلمانية “السرعة القياسية التي واكبت اقتراح تعديل قانون الانتخاب المقدم من كتلة التنمية والتحرير، والقائم على اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النظام النسبي، وسلوكه طريقه بشكل مباشر إلى جلسة اللجان النيابية المشتركة، عبر خط عسكري، متخطياً، بشكل أو بآخر، الأصول والقواعد البرلمانية المعتادة”.
وترى المصادر، عبر موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أن “مردَّ الاستغراب لكوننا لم نعهد هذا الأمر من قبل، واعتماد هذه الطريقة في موضوع ميثاقي وحيوي وحساس بدرجة قصوى كقانون الانتخاب، الذي يتعلق برسم معالم السياسة والحكم في لبنان إلى سنوات مقبلة. خصوصاً أن مسافة أكثر من سنتين ونصف السنة تفصلنا عن موعد الانتخابات النيابية المقبلة في العام 2022، والأمر لا يتّصف بصفة العجلة الملحة التي قد تبيح كسر التقاليد والأعراف المتبعة فيما لو كان الحال كذلك”.
عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله، يقول من جهته، في حديث إلى موقع “القوات”، إن “موقفنا كلقاء ديمقراطي مبدئياً، هو أنها مبادرة إيجابية من قبل كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، لتحريك هذا الملف، لأن القانون الذي اعتمدناه في الانتخابات الأخيرة أظهر ثغرات كبيرة”.
ويضيف أنه “بغض النظر عن القانون الذي سيمشي به ويقرّه مجلس النواب، لكن فتح النقاش المبكر في هذا الملف أفضل من تركه إلى اللحظة الأخيرة”، معتبراً أن “التصويت الطائفي المذهبي المناطقي الذي شهدناه خلال تطبيق القانون الحالي في الانتخابات الأخيرة، أعادنا كثيراً إلى الوراء”.
غير أن عبدالله يشير في المقابل، إلى أن “قانون الانتخاب الحالي أعطى في بعض الأماكن تمثيلاً أفضل لبعض القوى السياسية، وحقق حسن التمثيل لشرائح المجتمع، إلا أن التصويت الوطني غاب كلياً”.
ويؤكد أنه “ليس بالضرورة أن يعني موقف اللقاء الديمقراطي هذا تأييداً لاقتراح القانون المقدَّم من قبل كتلة التنمية والتحرير كما ورد، لكن الكتلة تُشكر على فتحها هذا الملف”. ويشدد على أن “أي تحسينات باتجاه المنحى الوطني للانتخابات أكتر، والتصويت بطريقة تجعل جميع الشرائح السياسية مرتاحة نسبياً، نحن بالتأكيد معه”، ويضيف: “نؤكد أننا مع تعديل القانون الحالي وتحديثه وتطويره في هذا الاتجاه”.
ويرى عضو “اللقاء الديمقراطي”، أن “طرح موضوع قانون الانتخاب في هذا الوقت، لا يلغي ضرورة التركيز على تخطي الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فهذا لا يأخذ من درب ذاك”.
من جهته، يشير أمين سر تكتل “الجمهورية القوية” النائب السابق فادي كرم لموقع “القوات”، إلى أن “المسار الطبيعي القانوني لاقتراح القانون هذا، هو المرور أولاً عبر لجنة الإدارة والعدل للبحث والتمحيص. لكن يبدو أن لدى الرئيس بري نيّة بالتسريع في هذا الموضوع ومرّره بهذه الطريقة، وكأنه مستعجل على طرح قانون انتخاب جديد”، مستغرباً “طرح الموضوع في هذه الفترة، فالجميع يعلم الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد”.
ويؤكد كرم على أننا “لا نضع الأمور في خانة أي نوايا سيئة، وربما أراد بري الوصول إلى تفاهم بشكل مبكر حول هذا الموضوع قبل أن نصل إلى فترة الانتخابات، حيث تتشنج المواقف أكثر وتصبح محط مزايدات، وهو يحاول في الوقت البارد الوصول إلى قانوني انتخابي. لكننا من جهة أخرى، نرى أن توقيت الطرح اليوم وافساح المجال للنقاش حول قانون انتخاب جديد، ليس الوقت المناسب لذلك”.
ويوضح أن “البلد يمرّ في وضع اقتصادي متأزم، ووضع غير مستقر سياسياً واجتماعياً، وربما ينعكس على بعض البلبلة والفوضى، التي تظهر تلقائياً أحياناً بسبب الظروف التي يمر بها البلد، لكنها تبدو أحياناً أخرى مدفوعة، إذ شهدنا في الفترة الأخيرة تحركات عدة مدفوعة ومشبوهة لخضّ الاستقرار الأمني في لبنان في عدد من المناطق”.
ويلفت إلى أن “هذا الاقتراح يأتي في هذه الظروف، وهو سيفتح المجال واسعاً لانقسامات كبيرة، إذ من المعروف أن قانون الانتخاب في لبنان يرتبط بشكل كبير بعملية الدستور والميثاقية التي يجب أن يمثلها أي قانوني انتخابي جديد، والنظرة إلى هذه المسألة غير موحدة، بل هي ليست حتى قريبة من بعضها البعض لدى مختلف الأفرقاء”.
ويشدد كرم على أن “الأهم اليوم هو التركيز على المواضيع الاصلاحية، وإطلاق حركة تؤدي إلى تحسين الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان. وهذه مسألة لم يعد بالإمكان أن تتم بقرارات بسيطة وعادية وتقليدية، ولم يعد ممكناً بتاتاً أن تتحقق بشكل سريع”، مؤكداً أننا “دخلنا في مرحلة اقتصادية ومالية صعبة جداً، والخروج منها يحتاج إلى سنوات”.
لكن أمين سر تكتل “الجمهورية القوية”، يؤكد أن “القوات اللبنانية صارمة لجهة عدم الموافقة على طرح هذا الموضوع والنقاش فيه في الوقت الراهن بالنظر إلى الأسباب المذكورة، بالإضافة إلى أن هناك اختلافاً كبيراً جداً حول النظرة للقوانين الانتخابية التي يمكن أن يطرحها كل طرف. علماً أن لدينا قانون انتخاب جديد لم يُقدَّر لنا تجربته وإجراء الانتخابات على أساسه إلا مرة واحدة، وهذا القانون حسَّن كثيراً في عملية التمثيل الميثاقية في لبنان، ولكن قد يكون هناك ضرورة لإجراء بعض التعديلات عليه لتجنب وجود شواذ في الديمقراطية من خلال بعض النتائج”.
ويلفت إلى أننا “بهذه الطريقة نطوّر في القانون الحالي عبر إجراء بعض التحسينات في سبيل ديمقراطية أفضل، وليس نسف قانون الانتخاب القائم وطرح قانون مختلف تماماً قائم على فلسفة مختلفة كلياً، لأنه لا يوجد بلد في العالم يغيّر قانونه الانتخابي في كل دورة انتخابية”.