لبنان اليوم: الثورة تُسقط حكومة الخطيب قبل “إثنين المسامير”

حجم الخط

 

لبنان يترقب بحذر الاستشارات النيابية يوم الإثنين المقبل. دعوات إلى عصيان مدني تزامناً مع الاستشارات النيابية إيماناً بألا حلول للوضع الراهن إلا بحكومة اختصاصيين.

شعبياً، حكومة المرشح سمير الخطيب سقطت قبل التكليف والتأليف. سياسياً، استخفاف السلطة بالمطالب الشعبية يزيد الشارع غضباً، خصوصاً مع الإصرار على تشكيل حكومة سياسية مطّعمة بـ3 مقاعد قيل إنهم من الحراك، علماً ان الأخير تبرأ منهم قبل معرفة الأسماء والوجوه معتبراً أن هؤلاء دخلاء ومتحاملين على الثورة الشعبية الصادقة ذات المطالب المعيشية البحتة، لا السياسية.

ميدانياً، الأزمة لم تنسحب على اقفال الطرقات بعد. والترقب سيّد الموقف والتحضير لـ”إثنين المسامير” لتسكير الطرقات المؤدية إلى قصر بعبدا، بحسب ما يتداوله الثوار، فيما التحركات في الأيام الأخيرة اقتصرت على الاعتصامات امام المؤسسات العامة.

حكومياً، مصادر بعبدا تعتبر ألا تجاوز للدستور وأن التأليف قبل التكليف لم يحصل، علماً أن شكل الحكومة المقرر تشكيلها وإعداد المقاعد وتوزيعها لم يعد مخفياً على أحد.

وفي ما يخص الاستشارات، قليلون هم من تجرؤا على اتخاذ قرار برفض اسم المهندس سمير الخطيب كرئيس لحكومة “تقاسم الجبنة” المقرر تشكيلها. من بين هذه الأقلية، نواب عارضوا قرار تكتلاتهم، وتكتلات عارضت قرار الأكثرية، وفي طليعة هذه التكتلات “الجمهورية القوية” الذي أعلن رفض تسمية أحداً في حكومة من غير الاختصاصين، في موقف منسجم تماماً مع مواقفه السابقة التي بدأت بالمطالبة بحكومة تكنوقراط منذ 2 أيلول، قبل الانتفاضة الشعبية.

رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن اليوم صراحة دعمه وتسمية، وتكتل “التنمية والتحرير”، المهندس سمير الخطيب، علماً ان دعمه له أتى بعد إعلان ترشيح رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري له.

هذا التخبط المحليّ قابله إصرار دوليّ، فرنسيّ خصوصاً، على الوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته في الخروج من محنته بحكمة ووعي كبيرين نسبة لما تتطلّبه المرحلة من معالجة دقيقة للأوضاع الراهنة. ففحين فرنسا دعت إلى حضور اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان.

خطوة فرنسا لاقت ترحيباً محلياً، خصوصاً بعد طلب الحريري، من دول صديقة، مساعدة لبنان اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات.
كذلك، كشفت “الجمهورية” عن حركة دبلوماسية دولية وأوروبية نصحت بالتوجّه فوراً نحو تشكيل حكومة إنقاذية للأزمة الاقتصادية الخطيرة، طارحة تساؤلات ومقدّمة ملاحظات وتوضيحات.

وبالعودة إلى الداخل، اعاد بري التأكيد، أنّ الضرورة الملحّة باتت تحتّم إدخال البلد الى حوار الانفراج، عبر التعجيل في تشكيل حكومة طوارئ إنقاذية على كل المستويات. ورداً على سؤال عمّن سيسمّي في استشارات الاثنين، قال بري لـ”الجمهورية”: “أنا في الأساس كنت سأسمّي رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، أو الشخصية التي يدعمها لتشكيل الحكومة، وبما أنه يدعم المهندس سمير الخطيب فسأسمّي وكتلة التحرير والتنمية المهندس سمير الخطيب”.

وإذ شدد بري على “انّ الانقاذ الحقيقي للبنان يتم عبر الدولة المدنية”، أكد في الوقت نفسه العزم على إقرار المجلس النيابي لمشروع موازنة 2020 قبل عيد الميلاد، بحيث يفترض ان تنجز اللجنة النيابية للمال والموازنة مشروع الموازنة في فترة لا تتعدى الأسبوع المقبل.

وفي حين تُتهم بعبدا بتجاوز الدستور، اعتبرت مصادر قريبة من بعبدا لـ”الجمهورية”، انّ الامور في ما يخصّ الاستشارات الملزمة المقررة الاثنين المقبل تسير وفق ما هو مرسوم، وكل الاجراءات مُكتملة لاستقبال رئيس الجمهورية النواب في المواعيد المحددة.

واستغربت المصادر إصرار بعض الاطراف على العزف على الوتر الدستوري والحديث عن تجاوز لصلاحيات هذا الطرف او ذاك، خلال فترة المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية حول الملف الحكومي، وكذلك الاتصالات المباشرة التي حصلت بين الاطراف السياسية.

وأضافت المصادر: “القول انه قد جرى تجاوز للطائفة السنية في حركة المشاورات والاتصالات تنفيه الوقائع التي أحاطت بهذه الاتصالات التي شملت الجميع، إذ انّ هذه المفاوضات كانت تجري بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر والحريري الذي يمثّل الشرعية السنية الأكبر. وبالتالي، ليس هناك تجاوز او قفز فوق أحد أو صلاحيات أحد، والأمر نفسه حصل مع وليد جنبلاط، إلّا مع القوات اللبنانية التي سبق لها ان حسمت أمرها بألا تكون في حكومة تضم سياسيين”.

دولياً، وجّهت الأمانة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية دعوة الى مجموعة الدعم الدولية للبنان لعقد اجتماع في باريس في 11 كانون الأول في “الكي دورسي” للتشاور في المساعدة على صياغة الحلول الضرورية لإخراج لبنان من أزمته المالية والاقتصادية.

وإذ يُنظر الى هذه المبادرة على أنها رسالة من الأسرة الدولية بأن لبنان ليس متروكاً لأخطار الانهيار التي تحاصره أفاد مراسل “النهار” في باريس أن فرنسا دعت الدول التي تتشكل منها مجموعة الدعم وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا ومصر والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كما المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ولبنان.

وسيشارك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الاجتماع. وسيكون هذا الاجتماع على مستوى الأمناء العامين لوزارات الخارجية على أن يرأس الجلسة الصباحية وزير الخارجية الفرنسية جان – ايف لودريان.

وسيعقد المؤتمر جلسة صباحية يشارك فيها أعضاء مجموعة الدعم الدولية وممثلون للدول والمنظمات الدولية والاقليمية المدعوة. وسيدعى ممثل لبنان للمشاركة في جلسة بعد الظهر، علماً أن الدعوة وُجّهت الى الأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي.

وهذا المؤتمر يهدف الى توجيه رسالة من مجموعة الدعم الدولية لحثّ السلطات اللبنانية على أن تشكّل في أسرع وقت ممكن حكومة فاعلة يدعمها الشعب اللبناني على أن تلتزم إجراء الاصلاحات الاقتصادية الضرورية التي تنهي الفساد المزمن وتكافحه في البلاد، حكومة تقوم بالإصلاحات الادارية والخصخصة في بعض المرافق العامة وتشكيل الهيئات الناظمة، حكومة تأخذ في الاعتبار المطالب الشعبية الذي يعبر عنها الحراك الشعبي والشعب اللبناني بشكل عام. وستعبر هذه الدول عن استعدادها لمساعدة لبنان إذا قرّر مساعدة نفسه بإجراء الاصلاحات الضرورية التي وافقت عليه الحكومة السابقة خلال مؤتمر “سيدر” الذي يوفّر للبنان قروضاً ميسّرة من خلال مشاريع للبنى التحتية تفوق قيمتها 11 مليار دولار.

وفي السياق، علمت “الجمهورية” انّ الايام الاخيرة شهدت حركة دبلوماسية دولية وأوروبية على وجه التحديد، في اتجاه المستويات الرئاسية والوزارية والنيابية، تقاطعت عند إسداء نصيحة لبنان بالتوجّه فوراً نحو تشكيل حكومة إنقاذية لأزمته الاقتصادية الخطيرة.

وبحسب المعلومات، فإنّ هذه الحركة التي شارك فيها ايضاً مسؤولون أمميون، طرحت تساؤلات وقدّمت ملاحظات وتوضيحات، ومنها ما يلي:

–الامم المتحدة لم تطرح في اي يوم من ايام الازمة اللبنانية الراهنة، تشكيل حكومة تكنوقراط في لبنان، فهي لم تتدخل في الشأن اللبناني الّا من باب النصح بالتعجيل في تشكيل حكومة ترتكز الى برنامج عمل يقارب الازمة بما تتطلبه من علاجات وإصلاحات

– هي ترى أنّ تشكيل حكومة في لبنان هو شأن اللبنانيين وحدهم، وهي في الوقت نفسه تشجّع اللبنانيين على تشكيل حكومة تأخذ في الاعتبار المطالبات الشعبية

– إنّ المجموعة الاوروبية تقف مع الحكومة التي يتفق اللبنانيون على تشكيلها

– لا نية لدى المجتمع الاوروبي للتدخل في الشأن الحكومي اللبناني

– ثمة قرار نهائي لدى المجموعة الاوروبية بالالتزام بدعم لبنان، مع التشديد عليهم بأن يتفقوا في ما بينهم، والحفاظ على لبنان، وعدم ترك الامور تذهب الى صدام، خصوصاً انّ بعض الاحداث التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية أثارت القلق لدى المجموعة الاوروبية

– طرح بعض السفراء الغربيين سؤالاً مباشراً: هل انّ سعد الحريري قرر نهائياً عدم ترؤس الحكومة الجديدة في لبنان؟ هل سيستطيع المهندس سمير الخطيب ان يقود حكومة إنقاذية للأزمة اللبنانية؟

– طرح بعض السفراء خلال حركة الاتصالات الدبلوماسية، أسئلة حول حزب الله وموقفه من الحكومة وعودة الحريري، وقال بعضهم صراحة ما حرفيّته: “نحن نسمع مواقف من قادة حزب الله عن تفضيلهم عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، لكننا في الوقت نفسه نسمع من بعض الاطراف اللبنانيين أنّ حزب الله يريد الفوضى في لبنان”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل