المسيحيون درة التاج

حجم الخط

كتب الأستاذ الجامعي والمحاضر الدكتور محمد موسى:

لم يكن يوما” هذا المشرق مشرقا” و مُشرقا” بلا المسيحية , فالمسيحيون ملح هذه الشرق و ريحانة ترابه و زهرته الفوحة التي يفيض منها عبق يملا القطبين.

أدركت من اقوال جدي و أفعاله حبه للمسحيين حيث كانت مقولته الثابتة ” الأرض بلا نصارى …. خسارة ” وتحت هذه المقولة ترعرعت لأعلم و بكامل قناعاتي أن المسحيين لم يكونوا يوما” عددا” يقاس و لا نوعية للمباهاة ….. إنهم الركيزة لبقاء المشرق حي ينبض بل هم حجر الزاوية دورا” و إشعاعا” قبل ظهور الرسالة المحمدية و بعدها.

و نحن على أبواب عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام نظرت في حال المسيحين المشرقيين الحقيقيين في ارض المسيحية الأصيلة , ارض المشرق من معجزة السيدة مريم عليها السلام في ارض بيت لحم الطاهرة في فلسطين المحتلة الى ارض الاعجوبة في قانا في لبنان المنهك اقتصاديا” و ماليا” مرورا” الى معلولا الشامية أرض يوحنا المعمدان المغمسة بالدماء وصولا” الى ارض الرافدين المشتاقة الى اهلها المنتشرين في أصقاع الارض عربا و كردا” و كلدان و سريان و اشوريين.

أكتب هذا المقال وأنا المسلم الخائف على الوجود المسيحي على غرار الامام الاوزاعي الذي كان درعا” بشريا” حاميا” لمسيحي هذا الشرق في اصعب المحن و مع اشد الخلفاء.

إن المسيحيين اليوم في رأي البعض في حالة ضياع الهوية في ظل الأصوليات الإسلامية المنتشرة

ففي العراق الأعداد الى هبوط وفي مصر حالة من اللا استقرار و في سوريا مقاومة الصمود و البقاء و في فلسطين صراعات متعددة و في لبنان خليط باحث عن ريادة في ركب الملحقين هنا و هناك.

فمع اجراس الكنائس ليلة الميلاد اقول ان المسيحيين في هذا الشرق ليسوا اهل ذمة و لا مواطنون ناقصوا الهوية و ليسوا رعايا بل هم جزء فاعل من احلام و امال المشرق.

و ثقتي كاملة أنهم حماة الشرق وليسوا بحاجة للالتحاق بأي كان من المحاور المنتشرة و دورهم ليس خلف حلف الأقليات, فكلنا غدونا أقليات في هذا الشرق المعذب, ان تعزيز دور المسحيين يكمن في ان يكونوا جسر البناء و التواصل و التقارب بين مختلف المكونات الاخرى ضمن اوطانهم و متى تخلوا عن هذا الدور الريادي سقطوا وان كلفهم خوض غماره تضحيات ببعض المكاسب و المواقع.

يقينا” راسخا” ليس لدى المسحيين بدائل برغم واقعهم المؤلم إلا ان يكملوا مسيرة اجداهم و ابائهم بصلابة من يوحنا مارون مرورا” بالبطاركة  صفير وهزيم و حكيم  وصولا الى الكاردينال الراعي و البطرك اليازجي و البطرك عبسي.

إن الدور السياسي المسيحي المشرقي لابد ان يعود الى الكتاب (الدستور) على ما يصفه علم من أعلام المؤسسات و الانضباط و المناقبية  المغفور له الرئيس فؤاد شهاب وان يستلهم رؤية المغفور له فارس الخوري الذي غدا ملاذ للمسلمين و أوقافهم حينما كان فارس الخوري رئيس وزراء سورية 1944، وفي ذات التاريخ وزيرا للأوقاف الإسلامية، وعندما اعترض البعض خرج نائب الكتلة الإسلامية في المجلس آنذاك عبد الحميد طباع ليتصدى للمعترضين قائلا: ” إننا نؤّمن فارس بك الخوري على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا “.

و اختم مقالتي بقصة جرت بين المغفور له الملك فيصل ابن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية و احد ابرز الصحفيين العرب اللبنانيين المسيحيين حينما عرفه الإعلامي اللامع عن نفسه فقال له الملك فيصل ” العرب تاج أنتم المسيحيون درة تاج العرب”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل