هون لبنان الحر… هون في مغارة ليسوع

حجم الخط

رمى سندويشته في القمامة، ذهبت المعلمة لتلملم بقايا الاكل لتطعم بها هرتها، فاكتشفت السندويش ولما فتحته وجدته خبزا ناشفا، وبعد الاستفسار وما سجلته كاميرات المراقبة، عرفت هوية التلميذ وعندما سُئل اجاب “ما عنا شي بالبيت ناكلو”. طوني نصار كشف الرواية في برنامجه اليومي “كل مواطن سياسي” عبر اثير اذاعة “لبنان الحر”، وإذ بمستمعة تتصل لتخبره حكاية اخرى، موجعة أكثر، حصلت في مدرسة اولادها، عن طفلة لم تتناول فطورها الصباحي لان “اليوم مش دوري بالترويقة دور خيي”، ومذ تلك اللحظة حصل ما يشبه الثورة في لبنان الحر اثيرا ومبنى.

أطلق الزميل نصار عبر الاذاعة حملة مساعدة شملت الاراضي اللبنانية كافة ومن الطوائف كافة، وغيّر اسم البرنامج فأصبح “كل مواطن انسان”، وصارت الاذاعة صوت صرخات الناس الموجوعة، والاهم من ذلك، صارت منبرا لثورة من نوع آخر “كان بدي يوصل صوتي وتوصل المساعدات لأكبر عدد من الناس”، يقول نصار الذي لم يتوقع هو والفريق المساعد في الاذاعة، ما حصل ويحصل حتى اللحظة “بطلب بدي حبوب، واذ بأقل من ساعة تكون الشوالات ع الباب”. مواد غذائية من كل الانواع، أدوية، اموال، ثياب، حتى تحوّل مبنى الاذاعة الى ما يشبه سوبر ماركت كبير، يتغذى على مدار الساعة من تعاون الناس الذين شكلوا ثورة محبة لا تقارب، ثورة تعاضد، ثورة تعاون ومشاركة في هموم الناس ومآسيهم “عم عيش احلا شعور بالدني، ما توقعت بحياتي يصير معنا للي عم يصير هالشهر بلبنان الحر. اللبنانيين احلا عالم، أجمل الناس، اللبنانيين افضل المواطنين، السياسة بلبنان هي العاطلة مش الناس، الناس بيستحقوا وطن بيشبهن، وطن حر وطن كلو انسانية” يقول نصار ودمعته تكاد تغفله.

حكايات كثيرة ترويها أروقة الاذاعة عما يجري معهم، يخبرون مثلا وبفخر كبير عن شابين اتيا من طرابلس، سني ومسيحي، أخبرا نصار أن شباب الثورة في ساحة النور في طرابلس امضوا نهارا كاملا في توضيب حصص غذائية ليقدموها للناس عبر الاذاعة. سيدة احتاجت ثمن دواء كلفته عالية جدا، وصل سائق تاكسي واعطى سيدة مخلوف، معاونة نصار في تأمين التواصل بينه والناس، وقال لها “هيدي سبعين الف ليرة غلتي لليوم اعطوهن للست للي طلبت حق دوا وما معي غيرن”.

وذات صباح استيقظت الاذاعة على اصوات كميونات ضخمة، ماذا يجري في الخارج؟ “نحنا من عشاير البقاع وصحتين ع قلبكن البصل والبطاطا البقاعي”. وانهمرت الشوالات لتصطف عساكر عند الباب الخارجي للإذاعة… وحكايات وحكايات وحكايات.

ثمة وجوه كثيرة للثورة، اجمل وجوهها المحبة. ثمة وجوه كثيرة للميلاد، اسمى الوجوه المحبة. ثمة ابواب كثير لمغارة يسوع، المحبة هي المغارة هي الميلاد هي هي الثورة. ثوار لبنان ليسوا فقط في الساحات يرفعون الصوت لأجل انسانية اللبنانيين وكرامتهم، ثوار لبنان في ذاك الغِمر من الالتفاف حول بعضهم البعض، لا دولة تحمي اللبنانيين من العوز، من المرض، من الجوع، اللبنانيون يحمون بعضهم البعض من تلك الدولة المتهالكة فوق فسادها ويأسها وقلة حنانها. اللبنانيون يمارسون انسانيتهم في دولة معدومة الانسانية، اللبنانيون الثوار في المحبة وحدهم يصنعون العيد.

شو يا طوني شو ناقص اليوم؟ بدي شوية حبوب. نده طوني عبر اثيره، فانهالت الشوالات من كل الاتجاهات، الصبايا والشباب في الاذاعة جميعهم جنود لكل ذاك العبق. شو يعني عيد الميلاد؟ من قال الا عيد هذه السنة في لبنان؟! من قال ان يسوع يسكن في بيوت الاغنياء ويهجر الفقراء وكلنا صرنا كذلك؟ بيت يسوع حيث بيت الانسان وبيت الانسان المحبة. في “لبنان الحر” عمّر يسوع مغارته المتواضعة، وانارها من ضوء وجهه المشع حنانا، لتسكن فيه عيون الانسان ولتصير المغارة قصرا من نجوم لا يقطفها الا من يسكن المحبة، من يسكن الله.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل