اعتباراً من ليل الأحد 15 آذار 2020، دخل لبنان، عملياً، في مرحلة التعبئة العامة لمواجهة تفشي فيروس كورونا، لغاية منتصف ليل 29/03/2020، بعدما اتخذ مجلس الوزراء في جلسة الأحد هذا القرار. وأكد المجلس على وجوب التزام المواطنين البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها الا للضرورة القصوى، على أن يبدأ إقفال مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي وجميع المرافئ الجوية والبحرية والبرية اعتباراً من يوم غد الأربعاء، علماً أنه بدأ أمس الاثنين إقفال بعض المعابر الحدودية في البقاع.
ومع تخطي أعداد المصابين عتبة المئة، أشارت مصادر عدة إلى أن الرقم أعلى بكثير، في ظل وجود أشخاص يحملون الفيروس من دون أن تظهر عليهم العوارض، عدا عمّن لا يصرحون عن إصاباتهم، بالإضافة إلى ما يحكى عن مصابين “معيّنين” لا يكشف عنهم لأسباب “خاصة”.
الأنظار تتجه نحو المستشفيات الخاصة والحكومية وسط مخاوف حول قدرتها على الاستيعاب، في ظل النقص الحاد الذي تعاني منه في الطواقم البشرية والمستلزمات الطبية والمخبرية ومنشآت الحجر الصحي المطلوبة. وذلك مع اقتراب مستشفى رفيق الحريري من الوصول إلى نقطة الطاقة القصوى على الاستيعاب.
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، يشير، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “المشكلة قائمة عندنا قبل أن يباغتنا فيروس كورونا. فمنذ نحو 7 أشهر ونحن نصرخ أن هناك نقصاً لدينا في المستلزمات الطبية والكواشف المخبرية، وللأسف لم تتم معالجة هذا الموضوع”. ويقول، “صحيح، هناك مختبرات عدة موجودة تقوم بإجراء فحوصات الـPCR، لكن هناك شح في الكواشف، Laboratory reagents، التي تستعمل لإجراء الفحوصات، وبدأنا نعاني من نقص”.
ويضيف، “نحاول قدر الإمكان عدم إرسال الأشخاص لإجراء الفحص، إلا الذين لديهم عوارض معينة ويشتبه بالتقاطهم كورونا، هؤلاء يجب أن يجروا الفحص. لكن أتمنى ألا يقوم الناس بذلك فقط ليطمئنَّ بالهم، هذا حرام، لأنهم يأخذون الفرصة من أمام أناس ربما يكونون حاملين للفيروس، وبالتأكيد لا كواشف لدينا لفحص 4 أو 5 ملايين إنسان. لذلك نتمنى ممّن يقرر إجراء الفحص أن يمر على الطبيب والمستشفى أولا، حيث تدرس حالته وعوارضه وأوضاعه وتنقلاته واحتكاكاته بشكل عام، قبل اتخاذ القرار”.
ويكشف هارون لموقعنا، عن أن “في لبنان حوالى 850 جهاز للتنفس الاصطناعي، نحو 10% منها معطَّلة وبحاجة لقطع غيار، وكما هو معلوم لا نتمكن من استيراد القطع. وهذا يبقي حوالى 770 جهاز تنفس، من أصلها هناك على الأقل 550 جهاز نستعملها يومياً على المرضى الموجودين في المستشفيات، أي أن العدد المتبقي كي يخصص لمرضى كورونا أقل من 250 جهاز تنفس اصطناعي”.
ويلفت إلى أنه “مع هذا الرقم، إن حصل انتشار للوباء بالتأكيد لا يكفي. فإحصائياً، 5% من الذين يصابون بعوارض شديدة يحتاجون إلى أجهزة تنفس، وإن حصل انتشار واسع للفيروس، مثلاً 4000 آلاف مصاب، نحن بحاجة أقله لـ200 جهاز لتغطية الـ5% الذين يحتاجونه. من هنا الاستراتيجية التي نتَّبعها مع وزارة الصحة ورئاسة الحكومة تعتمد على اتخاذ أقصى درجات الوقاية كي لا يحصل انتشار كبير، لأنه بالنسبة للنقص في التجهيزات والمستلزمات الطبية في الوقت الحالي، نحن غير قادرين على احتوائه”.
أما عن إعفاء المستلزمات والمعدات الطبية والاستشفائية والمخبرية المنحصر استعمالها بالوقاية من فيروس كورونا ومعالجة حالات الاصابة به، من الرسوم الجمركية ورسم الاستهلاك الداخلي لمدة شهرين، فيعتبر هارون أن “هذه المسألة تتعلق بالمستوردين، والمشكلة أن هؤلاء غير قادرين على الاستيراد منذ نحو 7 أشهر تقريباً. وهذا ما لفتنا النظر إليه وبُحَّ صوتنا ونحن نقول إننا واصلون إلى أزمة، بكورونا ومن دون كورونا نحن في أزمة”.
ويوضح أن “المستوردين وضعوا طلباتهم منذ أشهر وأسابيع في المصارف التجارية، ومعاملاتهم لا تمشي. بالتالي إلغاء الضرائب والرسوم الجمركية ليس العقدة اليوم، فنحن بالأساس حين نجد مستلزمات للوقاية، ندفع ثمنها أكثر بثلاثة أضعاف لأن بعض التجار الجشعين يستغلون الفرصة ويبيعون بأسعار خيالية”، مشدداً على أن “همّنا كمستشفيات ليس الضرائب والرسوم الجمركية، بل أن تكون المستلزمات الطبية موجودة بالأسعار الطبيعية”.
ويلفت هارون إلى أن “هذه القضية عالقة بين المستوردين والمصارف التجارية ومصرف لبنان. لكن عتبي على المسؤولين كافة، من رئيسَي الجمهورية ميشال عون والحكومة حسان دياب إلى الآخرين، إذ لا تزال هذه المعضلة من دون حل”.
ويشدد على أن “المشكلة ليست فقط في مواجهة فيروس كورونا، ومن المفروغ منه أنه إن حصل تفشِّ واسع وإصابات بالآلاف لا يمكننا استيعابها، فلنكن صريحين. لكن نحن لدينا يومياً في المستشفيات بين 7 و8 آلاف مريض غير مرضى كورونا، هؤلاء لا نتمكن من تطبيبهم كما يجب، وعمليات جراحية متوقفة لا نستطيع إجراءها”.
ويشير إلى “مسألة لفت نظر كل الصناديق الضامنة إليها، وهي أن بعض تجار المستلزمات الطبية يريدون ثمنها بالدولار بسعر 2700 ل.ل ونقداً، بينما لا تزال تُسعَّر بالنسبة للمستشفيات على سعر 1500 ل.ل للدولار، أي حتى ولو كانت موجودة لا نستطيع الاستحصال عليها”. ما يعني، (ملغوصة) من كل الجهات”.
وإذ يشكر هارون “أي مساعدة خارجية قد تأتي، على غرار التي طلبها وزير الصحة حمد حسن من الصين”، لكنه يشدد على أنه ” قبل انتظار المساعدات، ليسهِّلوا لنا استيراد طلباتنا الطبية التي وضعناها ومستعدون لدفع ثمنها ولا نتمكن من استيرادها. هم لا يقومون بذلك، والمعاملات عالقة بين المصارف التجارية ومصرف لبنان وكل طرف يرمي كرة المسؤولية على الآخر”.
ويؤكد هارون أن “الطواقم العاملة في المستشفيات تدفع الثمن في المواجهة، بالحد الأدنى من أجهزة الوقاية، إذ لغاية اليوم هناك في الجهاز الطبي والتمريضي نحو 20 إصابة بالفيروس من أصل الإصابات على مستوى لبنان”. ويضيف، “نحن نحارب باللحم الحي”، متمنياً على “الناس التزام البقاء في بيوتهم، فهكذا يحمون أنفسهم ويوفرون مشكلة كبيرة لا نقدر عليها ولن نستطيع مواجهتها إذا تفشى الفيروس على نطاق واسع”.