مع تزايد التحدي العالمي الناجم عن انتشار فيروس كورونا الذي عطل الحياة الاقتصادية واصاب السياسية منها بالحجر، مما قلل من التواصل والاتصال اوقف الى حد الجمود الزيارات بين مسؤولي الدول، ليتقدم الهم الصحي على ما عداه من اهتمامات اساسية اخرى، وجد لبنان نفسه في قلب التحدي غير المحسوب، وهو من خلال حكومته ومؤسساته يبلي البلاء الحسن الى وقتنا الحاضر في مواجهته الاستباقية والاحترازية لمنع تفشي والوباء وفقدان السيطرة عليه.
الاعلام
ولم تترك الحكومة اللبنانية عبر كل الوزارات المعنية بابا لنفاذ فيروس كورونا وانتشاره الا واغلقته باحكام، مع حملة توعية اعلامية، اجادت فيها وزيرة الاعلام الدكتورة منال عبد الصمد، وبرهنت عن قدرة ودينامية ومثابرة متميزة في ادارة المواجهة الاعلامية والتوعوية، الامر الذي شكل رافدا اساسيا في المواجهة القائمة لهزيمة الوباء من خلال منظومة الوعي الشعبي ورفع حس المسؤولية الوطنية.
الصحة
كما ان وزارة الصحة العامة بشخص الوزير حمد حسن وفريق عمل الوزارة، تقدمت الى الخطوط الامامية في المواجهة ولم تخف او ترتعد، وكان ذلك بمثابة التحصين الاساسي في مواجهة خطر انتشار كورونا في لبنان بشكل وبائي، واتخذت الاجراءات الصارمة والمتنوعة، الامر الذي كان ولم يزل محل اعجاب وتقدير المؤسسات الصحية والطبية العالمية، بعدما عجزت دول كبرى عن المواجهة وتبين هشاشة منظومتها الطبية علما انها تتمتع بمقدرات مالية وتقنية عالية.
اكتظاظ السجون
يبقى ثغرة تؤرق المسؤولين والجهات المعنية، وتتمثل في اكتظاظ السجون، وخطر انتقال الفيروس الى داخلها، من خلال المواجهات التي تحصل بين المساجين وزوارهم من الاهل والاقرباء، او عبر وسيلة اخرى، لذلك طرح هذا الملف باكرا وبعيدا من الصخب ومن ثلاثة زوايا للمعالجة:
الاول: اخلاء سبيل المساجين المحكومين الذين امضوا مدة عقوبتهم ولا يملكون المال لدفع الكفالة للخروج من السجن.
الثاني: الذهاب الى اصدار عفو خاص عن المساجين المحكومين بجنح ولم يتبق على محكوميتهم الا اشهر قليلة.
الثالث: تعليق المواجهات بين المساجين المحكومين بجنايات والذين لا يزالون يحاكمون الى حين الانتهاء من فيروس كورونا، والاستعاضة عن ذلك بوسائل مأمونه اخرى.
آلية مدروسة
وفي هذا الاطار كشف مصدر وزاري لوكالة “اخبار اليوم” عن ان “رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتجه الى اصدار عفو خاص عن مساجين محكومين بجنح، بعدما فاتحته وزيرة العدل ماري كلود نجم بالوضع داخل السجون وامكانية انتقال العدوى الفيروسية اليهم، وهذا الامر طرح مرتين في اجتماعين للمجلس الاعلى للدفاع، وكانت مداخلات للاجهزة المعنية حول الموضوع كلها خلصت الى ان الوضع داخل السجون خطير ويحتاج الى اجراءات وقائية لمنع تفشي كورونا ومنها التخفيف من الاكتظاظ وفق آلية مدروسة وواضحة”.
الاصول القانونية
واوضح المصدر ان من “سيشملهم العفو الخاص هم اولئك الذين تبقى على محكوميتهم من شهر الى ستة اشهر، شرط ان تكون سمعتهم جيدة ومحكومين بجنح وليس بجنايات، وباشرت الجهات المختصة اعداد جردة بهولاء، والدفعة الاولى ستكون من 300 شخص، على ان تليها دفعة اخرى او اكثر استنادا الى الجردة المنجزة ودراسة اوضاع الحالات التي يمكن شملها بالعفو، ويتم التحضير للعفو الخاص وفق الاصول القانونية بحيث يرفع الى اللجنة المختصة بالعفو وتمر عبر مجلس القضاء الاعلى ووزارة العدل ومن ثم الى رئيس الجمهورية لاصدار مرسوم العفو الخاص وهذا حق دستوري مخصوص للرئيس”.
وقال المصدر ان “الهدف من هذه الاجراءات، سواء تسديد الكفالات عن الذين امضوا مدة محكوميتهم او العفو الرئاسي الخاص، هو تفادي الاكتظاظ في السجون ومراكز التوقيف، تفاديا لحصول انتشار لفيروس كورونا وهذا امر خطير جدا لا بد من تفاديه واستباقه بما يمنع الوصول الى هذه المرحلة”.