توافق قواتيّ ـ اشتراكي على حشد الاستقالة النيابيّة

حجم الخط

“نحن على بعد ساعات من إعلان موقف كبير”. اختصرت هذه العبارة التي أكّدها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلاصة الاجتماع الثنائيّ مع موفد الحزب التقدميّ الاشتراكيّ في معراب. “الموقف الكبير” سيكون كبيراً حتماً؛ هذا ما يؤكّده مطّلعون. “استقالة الحكومة لا تعنينا”، قال جعجع. واقعيّاً، لا مجال للمقارنة بين “الموقف الكبير” وتفصيل استقالة الحكومة. بقاء الحكومة من عدمها ليس حدثاً. يتساءل لسان حال اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعيّ: هل كان ثمّة من حكومة أصلاً؟ وإذا كان حضور الحكومة كما غيابها سيّان، فإنّ على الحاضر أن يُعلم الغائب بأنّنا على عتبة ساعات من “موقف كبير” فعلاً.

يؤكّد حاضرون في الاجتماع الثنائيّ الذي ضمّ “القوات” والتقدميّ لـ”النهار” أنّ الحليفين الاستراتيجيين توافقا على الاستقالة الجماعيّة من المجلس النيابيّ وحشدها بانتظار معرفة قرار الرئيس سعد الحريري ومقاربته. تتوخّى كلّ الإجراءات المعمول عليها من قبل ثنائي التقدمي – “القوات”، الوصول الى انتخابات نيابيّة مبكرة. يتمثّل الهدف الآنيّ  في الوصول الى تفاهم على كتلة وازنة من النواب المستقيلين للعبور بالبلاد الى الهدف المرجوّ. يرى المعنيوّن أنّ الخطوة الأولى في رحلة الانتخابات النيابية المبكرة، تبدأ باستقالة نوّاب كتل “المستقبل” وو”اللقاء الديموقراطيّ” و”الجمهورية القويّة”، على أن يتبع هذا الإجراء التحاق عدد إضافيّ من النواب بالمستقيلين منهم. النتيجة ستتظهّر في غضون الساعات المقبلة. تشير كواليس المشاورات الهادفة الى بلورة موقف موحّد باتجاه الاستقالة، إلى أنّ اكتمال تفاصيل اللوحة ينتظر ما سيرشح من اتصالات ولقاءات تجري حاليّاً مع تيار “المستقبل”.

يذكر أن أيّ قرار نهائيّ لا بدّ أن يرتبط قبل اتّخاذه بشرط توافق عدد ضخم من النواب على الاستقالة. عدم تأمين فريق ضخم من النواب، يبقي علامات الاستفهام مطروحة. مرحلة ما بعد الاستقالة قيد البحث أيضاً. تفيد المعطيات بأنّ أي استحقاق انتحابيّ جديد لن يكون كما قبله. الاتجاه واضح من أكثر من فريق نحو المطالبة برقابة دوليّة، لكن لا يزال هذا المطلب سابقاً للحظة تظهيره.

يبقى السؤال: أيّ مقاربة لمرحلة ما بعد استقالة النواب؟

 

بارود لـ”النهار”: الدستور في خدمة الشعب ومن الواجب الاستماع إلى مطالب الناس

عمليّاً، شكّل موضوع الاستقالة من المجلس النيابي بأبعاده ونتائجه على الصعد الوطنية والشعبية والدستورية، العنوان الأبرز المتداول بكثافة شعبيّاً وسياسيّاً. تكمن الخلاصة المستنتجة التي يؤكّدها الخبير الدستوري والوزير السابق زياد بارود عبر “النهار” في أن “الدستور هو في خدمة الشعب والحياة السياسية… وليس في خدمة العرقلة. يمكن البعض استخدام الدستور للعرقلة ويمكن استعمال مقدمة الدستور لخدمة الشعب ايجاباً. وأبسط الإيمان أنه إذا استقال أكثر من ثلث المجلس النيابيّ، عندها يعتبر كلّ البرلمان في وضع غير سليم. ولا شكّ في أن المزاج الشعبي تبدّل في مرحلة ما بعد انتفاضة 17 تشرين الأول، وسيطر غضب الشارع جرّاء الأوضاع الاقتصادية والمالية وصولاً إلى مأساة 4 آب. هذا ما يساهم في القول إنه لا يمكن لأي سياسي أو قاضٍ أو مسؤول أن يتعامل مع أي ملف كما في السابق. وأصبح واجب على الجميع أن يستمعوا إلى مطالب الشعب بطريقة مختلفة، خصوصاً أن مطلب الانتخابات النيابية المبكرة قد برز في انتفاضة 17 تشرين؛ فلماذا الانتظار حتى اليوم للتحدث به بعدما خسر لبنان شهداء وجرحى؟”.

يرى بارود أن “هناك الكثير من الاجتهادات في موضوع استقالة النواب نظراً إلى غياب النص الواضح في الدستور”، مشيراً الى أنه: “أوّلاً، الاستقالة حقّ لكلّ نائب وليس ما يمنع أي نائب من تقديم استقالته”.

ويوضح ثانياً، أنّ “الاستقالة تخضع لشروط معينة فهي لا بدّ أن تكون خطية وغير معلّقة على شرط وأن يعلم رئيس مجلس النواب بالاستقالة عبر تلاوتها علناً في أوّل جلسة”.

ويلفت بارود ثالثاً إلى أن “المادة 41 من الدستور اللبناني تشير إلى أنه إذا خلا موقع نيابي يجب انتخاب الخلف في مهلة شهرين من تاريخ اعتبار الاستقالة نهائية، علماً أن النص لا يحدِّد عدداً معيّناً من المقاعد”.

ويشير رابعاً إلى أن “القانون الانتخابي الأخير 44/2017 لحظ في المادة 43 منه آلية الانتخابات الفرعية. فإذا خلا مقعد أو مقعدان في دائرة انتخابية معينة، تجرى الانتخابات وفق القانون الأكثري. وإذا خلا أكثر من مقعدين في الدائرة الانتخابية نفسها تجرى الانتخابات وفق النظام النسبي”.

ويقول خامساً: “لا نصّ أو حالات واضحة في الدستور لاعتبار مجلس النواب مستقيلاً أو منحلاً كما بالنسبة إلى مجلس الوزراء، حيث المادة 69 منه تحدد حالات تعتبر فيها الحكومة مستقيلة”، وأضاف: “أفهم تحليلات البعض ربطاً بعدم قدرة المجلس على عقد اجتماعات لأنه يصبح غير قادر على تأمين نصاب النصف زائداً واحداً. وهذا يدفعني إلى التساؤل: هل غياب نصف المجلس يؤدي إلى تعطيله أم فقدان ثلث أعضائه؟ ذلك أن ثمة مواضيع تستوجب نصاب الثلثين كانتخاب رئيس الجمهورية أو تعديل الدستور، وبمجرد تخطي الاستقالات ثلث المجلس يعطّل عمله نظريّاً”. ويختم بارود: “إجتهادات كثيرة في غياب النص الدستوري الواضح والحاسم للجدل، ولكن الأكيد حتى الآن أن الدستور يوجب على الحكومة تنظيم انتخابات فرعية لكل المقاعد التي شغرت او ستشغر بالاستقالة، ويبقى السؤال: أي حكومة؟ علما أن ثمة سوابق في الشغور تمت فيها مخالفة هذا الموجب الدستوري. الازمة في السياسة لا شك ولكن لا يجوز ان يستعمل الدستور مطية”.​

المصدر:
النهار

خبر عاجل