مخالفة دستورية: المكوّن السرياني مهمش

حجم الخط

مرّة جديدة تجتمع الطبقة الحاكمة في لبنان لتتقاسم مغانم السلطة وتشكيل حكومة يتمنّون أن تصمد لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة أو لحين انتهاء ولاية الرئيس، من كل ما سبق وبعيداً عن مهاترات المواقف السياسية من شكل هذه الحكومة أو من عدد أعضائها أو إنتمآتهم السياسية، يهمني أن أتطرق الى مخالفة دستورية مقبلون عليها من قبل هذه السلطة الحاكمة، مخالفة معيبة اعتادت السلطات السياسية المتعاقبة منذ الاستقلال حتى اليوم على ارتكابها بحقّ شعبنا، وهي تتمثل بإقصاء وتهميش وإلغاء الحضور السياسي لمكونات أساسية ومؤسسة لهذا الوطن، عنيت بها طبعاً المكوّن السرياني بكل عائلاته (السريان الكاثوليك، السريان الأرثوذكس، الكلدان والاشوريين) بالإضافة الى اللاتين والأقباط، مخالفين بذلك احكام كل من الفقرة “ج” من مقدمة الدستور اللبناني التي نصت على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز او تفضيل، والمادة السابعة من الدستور التي نصت على ان “كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية” ، كما والمادة 95 من الدستور التي نصت في فقرتها “أ” على وجوب تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة.

إنهم يتناتشون الحصص والمقاعد الوزارية فيما بينهم، مختبئين بشمّاعة حقوق طوائفهم، مرتاحين آمينين الى أنّ السريان ومن معهم ساكتين صامتين لا تأثير لهم في هذه السَلَطَة التي يحضرونها،أيها المرتكبين للمخالفات الدستورية، من رأس هرمكم لأصغر مرتكب فيكم، أيها الرؤساء من أصحاب الفخامة والسيادة والمعالي، يا من تغدقون الوعود على مسامعنا ويزعم المسيحيّ بينكم انه مشرقيّ يحافظ على وجودنا وحضورنا، والشيعيّ بباطنيته المعهودة يُسمعنا ما يُطرِبُ آذاننا، بأنه لا يمانع حصولنا على حقوقنا، والسنيّ يُخبِرُنا، كيف أنه ووالده كانوا دوماً الى جانب شعبنا وكان النائب الممثل لنا من فريقه السياسي وانه الوحيد الذي وزّر واحد منّا، نحن اكتفينا من كذبكم ومراوغتكم، نحنُ شَبِعْنَا من وعودكم الجوفاء، نحنُ لا نريد منة منكم، ولا صدقةً ولا حسنة أو هديّة، حقّنا الدستوري، نحن أبناء العائلات الروحيّة الستة ولحين اتفاق المسيحيين على إزالة الفوارق التمثيليّة فيما بينهم أن نكون ممثلين بوزير على الأقل في كل حكومة تشكل مهما كان عدد وزرائها، واجب عليكم، أن يكون السريان ومن معهم شركاء في الحكم في كل مؤسسات الدولة الدستورية والتشريعية والتنفيذية والسياسية والعسكرية والقضائية والإدارية، صحيح، أن بينكم من سينبري ليقول من هم هؤلاء السريان لننصت إليهم، دعوهم يطبلون ويزمرون ولا تهتموا لما يقولون ويصرّحون، فهم لا يشكلون أي ثقل في تقاسمنا للسلطة ما دمنا ندعي ونزعم حماية طوائفنا وحقوقها التمثيلية في النظام السياسي اللبناني، صحيح، أنّ بينكم من لا يهتم لمطالبنا ومطالباتنا المتكررة ولا الى نداءات رؤساء كنائسنا والناشطين بيننا في الحقل السياسي والاجتماعي اللبناني، ولكن، يا أيها الجاهلين، تذكروا، انه لولا السريان لما كان لبنان، ليس لأن اعدادنا بمئات الالاف، بل لأن أجدادنا وأجداد أجدادنا سكنوا هذه الأرض وأعطوها الحياة، جللوا جبالها ووديانها، سكنوا مغاورها وقممها، أطلقوا على أنهرها ومناطقها أسمائها التي ما زالت لغاية تاريخنا الحاضر، استقبلوا، المضطهدين بينكم، ودافعوا عنهم، حاموا عن الإيمان المسيحي، واستشهدوا في سبيل بقائه في هذا الشرق، كانوا سرياناً ودعيَ بعضهم فيما بعد موارنة سريان – وروم أرثوذكس وملكيين كاثوليك، كانوا سرياناً وحافظوا على هويتهم وحضارتهم وتاريخهم وإيمانهم وصليبهم، شعب، مثل شعبنا، إن قلّ عددنا أو كَثُر، حريتنا الايمانية والوجودية السياسية حقّ مكتسبٌ لنا، ننتزعه من براثن من يحاول خنقنا، فنحن لا نحسب تاريخ نضالنا بعدد الايام والسنين، بل بعمق ارتباطنا بهذه الجغرافيا والتاريخ، لذلك فإننا لا نيأس لا نستسلم ولا نستكين، فيا أيها المتحكمون، بمفاصل السلطة في لبنان، لا تظنّن انّ تهميشكم وإقصائكم لشعبنا على مدى مئة عام وعام، ستجعلنا ننسى او نتوقف عن المقاومة والنضال لتحصيل الحقوق، فمن صمد ألفي عام في هذا الشرق المغمّس بالحروب والدماء، يصمد ألفي سنة جديدة ولا يسلّم ولا ينكسر ولا ينهزم، قد تشكلّون اليوم ايضاً حكومة من دوننا، وغداً تجرون الانتخابات من دون تعديل المقاعد النيابية بحيث يكون لكلّ مكوّن منّا ممثلاً له وعنه، ولكن سيأتي اليوم الذي ستحصّل فيه حقوقنا، لأنه ما مات حقّ وراءه مطالب.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل