“كضربة سيف في الهواء أو في الماء، لا تدمي، ولا تحفر حدّاً فاصلاً بين ما قبلها وبين ما بعدها. أو كمن يكتفي بإظهار السيف والتلويح به، مرحلياً، إن لم يكن متاحاً الضرب في المادة الصلبة الآن”. هكذا تختصر مصادر برلمانية، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، خلاصة جلسة اللجان النيابية المشتركة التي شاركت فيها، أمس الأربعاء، لمناقشة الاقتراح المقدم من كتلة التنمية والتحرير لتعديل قانون الإنتخاب باتجاه لبنان دائرة انتخابية واحدة على قاعدة النسبية.
وإذ تشير المصادر ذاتها، إلى أن “الجو العام في الجلسة لم يكن متوتراً، ومن حق أي فريق برلماني تقديم اقتراح بالقانون الذي يرتئيه”، لكنها تسارع إلى التشديد على أن “المطروح ليس اقتراح قانون عادي، إنما اقتراح قانون للانتخابات. بالتالي، حيثيته تتصل بإعادة تشكيل السلطة ومراكز القرار في البلد”، مؤكدة أن “المسألة بهذا الحجم”.
وتكشف المصادر البرلمانية، عن أن “النقاش كان صريحاً وواضحاً من قبل الأطراف كافة، المؤيدة والمعارضة”. وتلفت، إلى أنه “من الطبيعي أن كتلة التنمية والتحرير دافعت عن اقتراحها، تحت عناوين إعادة إنتاج السلطة وآلية اتخاذ القرار وتطوير النظام. مع تسجيل تراجع لمقدم الاقتراح النائب أنور الخليل، إذ قال إنه في حال اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، دائرة كبيرة، يمكن الذهاب إلى مستوى 5 أو 6 محافظات”.
وتشير، إلى أن “اللافت ليونة موقف كتلة الوفاء للمقاومة الذي عبَّر عنه النائب علي فياض، بأن حزب الله غير متمسك بتغيير قانون الانتخاب الحالي، وإذا تم التوافق على قانون جديد نمشي به، وفي حال لم يتحقق التوافق نجري الانتخابات على القانون القائم. ما يعني أن الحزب يتمايز عن حركة أمل، علماً أن موقفه هذا ليس جديداً بل هو ذاته منذ الجلسات الماضية لبحث تعديل القانون”.
وتضيف، أن “التقاطع واضح بين تكتلي الجمهورية القوية ولبنان القوي، حول اعتبار أن المطروح اليوم تغيير النظام السياسي لا تغيير قانون انتخابات فقط، كما أشار النائبان جورج عدوان وآلان عون، على الرغم من الخلافات القائمة بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر”.
وتعتبر، أن “تركيز النائب بيار بو عاصي على القاعدة الدستورية القاضية باستقرار التشريع، وأنه لا يمكن تعديل قانون انتخاب مستمر بأشكال مختلفة منذ الستينيات في العام 2018، وبعد سنتين نقرّ قانوناً جديداً، نقطة تستحق التوقف عندها. وكذلك تأكيده أن وظيفة أي قانون انتخاب أن يعكس واقع وطبيعة المجتمعات وتوجهاتها السياسية وتمثيلها، لا تغيير المجتمعات. فضلاً عن إشارته، إلى أن توقيت الطرح يطرح علامات استفهام، فيما الأولوية اليوم لتشكيل حكومة والتصدي للأزمة الاقتصادية والمعيشية وإعادة إعمار بيروت والتحقيق بتفجير المرفأ والتحقيق الجنائي في مصرف لبنان وأموال المودعين ورفع الدعم، وغيرها من الكوارث التي يرزح تحتها اللبنانيون”.
وتلفت إلى “أهمية المطالعة المكتوبة التي قدّمها النائب جورج عقيص، وما بيَّنه من أن المادة 7 من الدستور تؤكد على المساواة بين اللبنانيين بالحقوق المدنية والسياسية”، معتبرة أن “ما أوضحه حول الحقوق السياسية بحسب الشرعة الدولية لحقوق الانسان والاختلاف بين حق التصويت وحق الانتخاب اللذين تكرسهما، يظهر بوضوح تناقض الاقتراح المقدم مع الدستور”.
وعن موقف الحزب التقدمي الاشتراكي، تعتبر المصادر أن “موقفه كان هادئاً، ويأتي من ضمن رؤيته لإعادة بحث أطر النظام ككل، بمعنى نظام مدني لا طائفي بكل مندرجاته لا فقط لناحية قانون الانتخاب”. لكن اللافت بالنسبة إليها هو أن “تيار المستقبل كان مستمعاً خلال الجلسة، وكأنه يفضل، خصوصاً في هذه المرحلة، التروي”.
وترى المصادر البرلمانية المشاركة، أن “الغالب على الجلسة كان استشعار الجميع وإقرارهم، حتى مقدّمي الاقتراح، بأن قانون الانتخاب ليس قانوناً عادياً يقرّ بالتصويت أو بمنطق الأكثرية والأقلية البرلمانية، بل هو يحتاج إلى توافق بين مختلف المكونات. من هنا كانت مواقف الأطراف، على وضوحها، غير متشنجة. كما أن جو البحث والاختلاف في المقاربات لم يكن على أساس طائفي أو مذهبي نافر كما كان يخشى البعض، بل عبَّر كل فريق عن وجهة نظره وسط أجواء هائدة”. لكن ذلك لا ينفي، من وجهة نظر المصادر عينها، أن “توقيت طرح قانون انتخابات جديد على بساط البحث في الظروف التي نعيشها، لم يكن موفقاً”.