مجدداً اتجهت الأنظار إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، لعلَّه يُخرج من قبعته أرنب الحكومة المستعصية على الولادة. لكن شتّان ما بين الأماني البيض والوقائع السود، إذ لا يبدو أن أرنب “أليس في بلاد العجائب” لبنان، مكتمل النموّ حتى الساعة، وبالتالي لا يزال في طور التكوين ولم تحن ولادته بعد.
ما طُرح في الأيام الماضية عن مبادرة يتولاها بري، فيها الحل المنشود لأزمة تشكيل الحكومة وتقضي بتوسعتها لتضم 24 وزيراً ومؤلفة من 3 ثمانيات، أي لا ثلث معطلاً فيها، لا يرقى إلى مستوى التفاؤل المطلوب. ومن غير الواضح ما إذا كان البعض حاول من خلال الترويج الممنهج، توريط رئيس البرلمان في “مبادرة هيوليّة” لم يطرحها أو يتبنّاها، في حال فشلها المرجَّح نتيجة عدم اكتمال عناصرها، أو أن هذا البعض عبّر فقط عن رغبته وأمنياته أكثر مما هي وقائع فعلية جدية.
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى، يؤكد، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، “ألا وجود لمبادرة مكتملة التكوين عند الرئيس بري”. ومع إشارته، إلى أن “كل شيء مطروح للمناقشة”، لكنه يشدد على “ألا مبادرة مطروحة بنقاط معيَّنة، بقدر ما أن المسألة هي تفعيل للتواصل الذي يقوم به بري مع الفرقاء من أجل تأليف الحكومة”.
ويجزم موسى، بأن “رئيس البرلمان ليس صاحب طرح فكرة حكومة من 24 وزيراً بـ 3 ثمانيات، بل إن الفكرة مطروحة في التداول من ضمن الأفكار حول الأعداد التي تبدأ من 18 وزيراً إلى حكومة أوسع”، لافتاً إلى أن “بري ناقش فكرة حكومة الـ24 من ضمن سائر الأفكار المطروحة في التداول العام”.
وعن انفتاح بري على حكومة بهذا العدد، يوضح عضو كتلة التنمية والتحرير، أن بري “لا يطرح مبادرة بنقاط محددة، بل هو يريد حكومة. وأي أمر يتفق عليه الفرقاء نتيجة التواصل في ما بينهم بما يؤدي إلى حل، فهذا المطلوب”. ويضيف، “صُوِّرَت المسألة وكأنها مبادرة، لا، هي ليست مبادرة محددة بنقاط معينة”.
وإذ ينفي اطلاعه على موقف حزب الله من هذه القضية، يعرب موسى عن أسفه لأن لا أجواء إيجابية، “فحتى الآن لا شيء واضحاً، والموضوع الحكومي لا يزال بإطار التداول والتواصل بين الأفرقاء بهدف تشكيل الحكومة”. ويوضح ما قصده بوجود أطراف منفتحين على حكومة الـ24 مثل الحزب التقدمي الاشتراكي، معتبراً أن “الاشتراكي منفتح لأنه أيضاَ يريد حكومة، بأي رقم، وهذا ما أعلنه رئيسه وليد جنبلاط، عن أن المهم تأليف الحكومة بصرف النظر عن الأعداد”، لكنّ موسى يجدد التأكيد على أن “هذا ليس اقتراح بري”.
من ناحيته، يشير عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار، لموقع “القوات”، إلى أنه “بغض النظر عمّا يقال هنا وهناك، أي صيغة حكومية تتضمَّن ثلثاً معطِّلاً ستكون صيغة فاشلة، لأنها استًنسخت في السابق وفشلت. كذلك، أي صيغة تتألف بموجبها حكومة سياسية لا حكومة اختصاصيين، هي فاشلة، لأنها جُرِّبت أيضاً وفشلت”.
ويلفت الحجار، إلى أننا اليوم “أمام مستجد لا يأخذه أطراف كثر في الاعتبار، وهو إرادة اللبنانيين. فحين نكون بصدد تشكيل حكومة تأخذ قرارات صعبة في الاقتصاد والمال وغيرها كي تستجيب للمتطلبات التي يطرحها صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي من أجل مساعدة لبنان، إن لم يكن هناك ثقة من اللبنانيين بأي حكومة ستولد وبأي صيغة ستُطرح، لن تمرّ، وسيلاقونها في الشوارع ويسقطونها في الطرقات”.
ويستغرب، كيف أن “البعض لا يزال يعيش وكأن لا انتفاضة حصلت، ولا ثورة قامت، ولا فقر ولا تعتير في لبنان. ولا يزال هذا البعض يفكّر بمنطق آخر”.
وإذ يشدد، على أن “كل الحكومات، السياسية والتكنو ـ سياسية، الـBuilt in فيها، أي بتكوينها وتركيبتها وأساسها، لن تتمكن من حمل الخلاص وإيجاد الحلول للأزمة التي نعيشها”، يؤكد الحجار، أن “الرئيس المكلف سعد الحريري وتيار المستقبل على موقفهما بضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً، من دون ثلث معطل، لأنها التي تستجيب لمطالب اللبنانيين والمبادرة الفرنسية وتنال ثقة المجتمع الدولي لمساعدتنا”، مشدداً على أن “أي لعب بغير هذه المعايير، إضاعة للوقت”.