رصد فريق موقع “القوات”
منذ أكثر من سنة، لا حديث في لبنان إلا عن تشكيل حكومة، ارتفاع سعر الصرف، غلاء، انفجار بيروت، فساد… ومنذ ذلك الحين، لم يتغير شيء، وأصبحت بيروت عاصمة التباينات السياسية و”العداوات” الشخصيّة، لا يبالي حكامها بكل طوابير الذل لشعبه ومشاهد الجوع والفقر. واليوم، تناست السلطة جميع المشاكل في البلد، وصبت تركيزها على معركة التدقيق الجنائي “الشخصي”.
لم تسفر جهود الدول العربية في فك أسر العقد الحكومية، فلا تبدو طريق المبادرات مفروشة بالورود في لبنان، بل مكتوب لها الفشل مرات أخرى. ولاحظت الدول اليوم أنها تعمل من دون جدوى، و”التشبص” يبقى سيد الموقف. فاعتبار “وجودها مثل غيابها” هي صورة لبنان المرسومة عند معظم الدول، إذ تحولت المبادرات إلى تهديدات وعقوبات.
من هنا، أشارت مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية باريس للـ”الجمهورية”، الى أن “باريس باتت تُراكم سلبيات بعض المكونات السياسية في لبنان، والأجواء هنا تشير الى أن الجانب الفرنسي يعدّ، او هو ربما على شفير ان ينتهي من إعداد مقاربة قاسية تجاه الوضع في لبنان، تتضمّن ما قد يُفاجىء الكثيرين في حدّته وصراحته وإلقاء مسؤوليات مباشرة على بعض المسؤوليين وكذلك على بعض السياسيين التي أدرجتهم باريس في خانة المعطلين للحل الفرنسي في لبنان ومنع تشكيل حكومة المهمة الانقاذية فيه، مع إعلان سلّة اجراءات وخطوات عقابية في حق هؤلاء”.
ولفتت أوساط سياسية مراقبة لناحية التوقف بإيجابية عند مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي يُذكر أن أفكارها الأخيرة تُرجمت على أساس مبدأ توسيع عدد وزراء الحكومة إلى 24 وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين، ومن دون أن ينال أيّ فريق الثلث المعطّل.
في السياق، أكدت أوساط سياسية أنها “لا تستطيع ان تعزل تعطيل تشكيل الحكومة عن عامل خارجي”، وقالت، “فلننظر الى ما يجري في المنطقة، وتحديداً الى سوريا والعراق وايران واليمن واخيرا الى الاردن، كلها نقاط متفجرة، فهل ان لبنان معزول عما يجري”.
وكشف نائب بارز بالتيار الوطني الحر، عن أنه “صارح عون أكثر من مرة لتسريع الخطى لتشكيل الحكومة، باعتباره رئيس الجمهورية وبامكانه تقريب وجهات النظر وان يكون حكما بين الجميع، لأن استمرار الأزمة وتداعياتها كما يحصل يأكل من رصيد العهد، فيما بالامكان التحرك لإنقاذ ما تبقى من ولايته”. كما لاحظ أن “رغبة عون تصطدم بطموحات ومصالح شخصية للمقربين منه”.
على صعيد آخر، توقعت مصادر وزارية للـ”الشرق الأوسط”، “ألا يتناغم رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، مع طلب رئيس الجمهورية ميشال عون، بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد في جلسة استثنائية للبحث في التدقيق الجنائي بذريعة الحفاظ على أموال المودعين في المصارف”.
ورأت المصادر نفسها أن “عون طلب في اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع من دياب ضرورة تفعيل حكومة تصريف الأعمال وتوسيع نطاقها في هذا الخصوص لكنّ الأخير لم يتجاوب، كما لم يتجاوب مع دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في هذا المجال”.
وأوضحت المصادر، أن دياب وإن كان يصرّ حتى الساعة على أن يلوذ بالصمت حيال طلب عون دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، فإن صمته لا يعني موافقته، بمقدار ما أنه يدرك أنه لن يكون من مفاعيل سياسية لرسالة عون حول التدقيق الجنائي، مع أن أكثر من وزير يتعامل معها على أنها قنبلة صوتية لم يتجاوب معها سوى “أهل البيت” داخل التيار الوطني الحر والنواب الأعضاء فيه الذين انبروا للدفاع عن عون، بناءً على أمر عمليات صدر عن رئيسه النائب جبران باسيل.
لذلك، فإن دياب في حال قرر الصمود وعدم الرضوخ لحملات الابتزاز لدفعه للانقلاب على موقفه الرافض لتعويم حكومته، سيبادر إلى عقد جلسة لمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام الحالي وإحالته إلى البرلمان للتصديق عليه وإقراره”.
دولياً، مع أن العلاقات بين الدول لا تكون غالباً عرضة لمفاجآت غير محسوبة، جاء إرجاء الزيارة التي كان مقرراً ان يقوم بها دياب للعراق على رأس وفد وزاري ليرسم علامة شك إضافية في واقع تعامل العرب والغرب مع الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها في ظروف تتسم بطابع كارثي بكل المعايير.
من جهة أخرى، عُلم من دوائر السراي الحكومي أنّ “رئاسة الجمهورية لم تردّ بعد، على الكتاب الذي أرسلته الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى قصر بعبدا قبل نحو أسبوعين، والذي ضمنته موافقة استثنائية من رئيس حكومة تصريف الأعمال على إجراء انتخابات فرعية، لملء عشرة مقاعد نيابية شغرت بالاستقالة أو الوفاة، مع تحديد 23 أيار، أو 30 أيار، أو 6 حزيران، موعداً لإجرائها”.
وأكدت الأوساط المواكبة لملف الانتخابات الفرعية لـ”نداء الوطن”، أن “عون لا يزال يهرب من منح موافقته على إجراء هذه الانتخابات تماشياً مع مصلحة باسيل”، فإنّ مصير هذا الملف بات معلقاً على قرار رئيس الجمهورية.