منسقية فرنسا قلب ينبض عطاء ومساعدات عابرة للتحديات

حجم الخط

كتبت جومانا نصر في “المسيرة” – العدد 1715

منسقية فرنسا قلب ينبض عطاء ومساعدات عابرة للتحديات

5 مراكز مثل خلية النحل ولسان حالها… نحن هنا!

قبل جائحة كورونا كانت الأزمة النقدية والإقتصادية، وكان قلب الإنتشار في فرنسا على لبنان واللبنانيين. يومها لم يوفروا جهداً لمساعدة العائلات التي وطأت خط الفقر. حطّت جائحة كورونا في لبنان وارتفع رصيد الأزمات أثقالاً تهدّ الجبال. الصحة باتت أولوية لكن القطاع الصحي يترنح تحت وطأة الأزمة المالية والإقتصادية، فدخل بدوره نفق الأزمات ولم يعد الأوكسيجين وحده يكفي لإعادة ضخ الحياة في قلب وطن نزل إلى قعر جهنم.

4 آب كانت ذروة المآسي والنكبات. لا بيروت بقي لها وجه يحاكي الإنسان والتاريخ والجغرافيا، ولا أهلها الذين دفنوا آمالهم ومستقبلهم وجنى عمرهم والأهم فلذات أكبادهم تحت أنقاض المباني التي اختفت معالمها في دقائق. كل هذا وقوات الإنتشار في فرنسا يراقبون وعينهم على جسر المساعدات وخطة العمل لتذليل كل العراقيل التي يمكن أن تنشأ.

دقت ساعة الحقيقة. وفي اقل من ساعات كان جسر اللقاء من القلب الحنون النابض بالإيمان والألتزام إلى القلب المجروح المؤمن بأن لبنان باقٍ ولن يزول. جسر كتب عليه قوات فرنسا بحبر الكرامة والعنفوان… نحن هنا ومعكم. كيف رسم قوات الإنتشار في فرنسا خارطة المساعدات للعبور نحو ضفة الحياة الكريمة لرفاقهم وأهلهم في لبنان؟ رئيس جمعية معهد لبنان إيلي شلهوب يروي.

عبر خمسة مراكز فاعلة في فرنسا هي باريس ومرسيليا وليون وبوردو وغوادالوب تدور محركات ال قطار على جسر المساعدات بين فرنسا ولبنان بطلب من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والأمين المساعد لشؤون الإنتشار مارون سويدي وبالتنسيق مع صمام أمان المساعدات في الإنتشار منسق أستراليا طوني عبيد. ويقول إيلي شلهوب: «قبل جائحة كورونا بدأ العمل على خطجسر المساعدات بين فرنسا ولبنان وكانت غالبيتها مادية. كورونا قلب المقاييس ليس في لبنان بل في العالم أجمع. لكن في لبنان الوضع يختلف. فالأزمة الإقتصادية والنقدية كانت تشد الخناق على أعناق اللبنانيين ولا حول لهم ولا قوة. فكان القرار بتغيير خطة العمل على نوع المساعدات بطلب مباشر من الدكتور جعجع وسويدي وبالتنسيق مع عبيد. وتضمنت جمع مساعدات عن طريق جمعيات خيرية في الإنتشار وإرسالها إلى لبنان على شكل مساعدات عينية وأدوية ومبالغ مالية ليصار إلى توزيعها على جمعية الأرز الطبية و»ريكا» و»غراوند زيرو» .

خطة العمل في الإنتشار انسحبت على منسقية فرنسا، بدأ العمل منتصف العام الماضي عبر جمعيتي «معهد لبنان» و»دياسبورا لبنان في فرنسا» من خلال جمع تبرعات مالية وتحويلها إلى لبنان شهريا. ولأن الصحة أولوية اعتمدت خطة المساعدات في شقها الأساسي على إرسال كميات من الأدوية وفي هذا السياق يقول شلهوب: «مركز باريس كان الأكثر نشاطا في مسألة المساعدات الصحية والطبية وهناك فريق يتولى جمع أنواع عديدة من الأدوية من الصيدليات بعد التدقيق في تاريخ الصلاحية وإبلاغ مستوصفات الأرز بمضمون كل شحنة قبل إخراجها من فرنسا. وقد وصل عدد الحقائب التي أرسلها المركز إلى لبنان حتى اليوم حوالى 11 حقيبة زنة الواحدة منها ما يقارب ال30 كيلوغراماً، وفور وصولها يتم تسليمها مباشرة إلى جمعية الأرز الطبية. وبالإضافة إلى الأدوية تمكّن الرفاق في مركز باريس من جمع مبلغ مالي لشراء أجهزة أوكسيجين كما نظّم حملة تبرعات لشراء آلات لفحص الأوكسيجين. وحالياً يتم الإعداد لحملة تبرعات يعود ريعها لشراء أجهزة كومبيوتر لطلاب لبنانيين لتمكينهم من متابعة دروسهم عن بعد ووصل العدد إلى سبعة أجهزة».

مساندة الطلاب اللبنانيين وصلت أيضاً إلى فرنسا. ويوضح شلهوب «أن الأزمة المالية والإقتصادية حالت دون تمكُّن أهالي الطلاب اللبنانيين الذين يتابعون دروسهم في فرنسا من تحويل المبالغ المالية المطلوبة لتسديد أجرة إقامة السكن والأقساط الجامعية. إزاء هذا الوضع بادرنا إلى جمع مبلغ مالي وتم توزيعه على حوالى 17 طالب بقيمة 250 يورو للطالب الواحد، إضافة إلى تأمين فرص عمل للمتخرجين الجدد على رغم الأوضاع الإقتصادية الصعبة الناتجة عن جائحة كورونا ومساعدة الطلاب الوافدين إلى فرنسا عن طريق إيجاد مسكن وتأمين كفيل بحسب شروط الإقامة في باريس».

4 آب 2020 فتح صفحة لا بل صفحات في مجلد الموت والظلم والإجرام.. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يدفع فيها اللبنانيون الثمن من لحمهم الحي وتتّشح اجساد الأمهات الثكالى بالأسود لكن تفجير 4 آب حمل في خلفياته الإجرامية وتداعياته المدمرة أكثر من رسالة. 209 ضحية وحوالى 6000 جريح وتشريد عشرات الآلاف من منازلهم التي تضررت، إما بشكل كامل أو جزئي. وبعد 8 أشهر على الجريمة لا يزال أهالي الضحايا والجرحى والمعوقين يسألون: من أدخل نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وكيف انفجرت؟ إزاء هذا الواقع تحركت منسقية فرنسا عبر مراكزها الخمسة ووضعت في الأولوية خطة عمل لمساعدة ومساندة أهالي بيروت لا سيما المتضررين منهم،إما على المستوى الجسدي أو المادي أو حتى المعنوي. وتولى مركز ليون جمع مواد بناء ودهان لترميم المنازل المهدّمة والمتضررة كما تم إرسال شحنة من المفروشات كانت موجودة في أحد فنادق باريس قبل أن يقرر صاحبه إعادة تجديد الديكور والمحتويات. وعلى خط موازٍ نظم معهد لبنان تحركا أمام وزارة الخارجية الفرنسية، رفعت في خلاله صور ضحايا المرفأ وجريمة التفجير، إضافة إلى شعارات تطالب بالتحقيق الدولي».

لا يخفي شلهوب وجود صعوبات في عملية جمع التبرعات المالية من الرفاق بسبب الأزمة الإقتصادية وانعدام فرص العمل في فرنسا نتيجة الإغلاق وتداعيات جائحة كورونا، أضف إلى ذلك أن الغالبية تكفّلت بمساعدة أهلها أو الأقارب في لبنان «من هنا بات من الصعب طلب المساعدة المالية مباشرة من الرفاق. وبهدف الإلتفاف على الأزمة وضعت منسقية باريس خطة رديفة تعتمد على بيع المأكولات ومعمول العيد على أن يعود ريعه إلى العائلات الفقيرة والمتضررة من جراء تفجير مرفأ بيروت».

جسر المساعدات بين قوات الإنتشار في فرنسا وقوات الداخل قد يكون طويلاً لكن حتى لو وصل إلى نقطة النهاية، يبقى القلب النابض بالإلتزام ومساندة الإنسان وتمكين الأهالي من البقاء والصمود في أرضهم وتحت سقف بيت حاول المحتل انتزاعه منهم ذات عهد. واليوم ثمة احتلال من نوع آخر وجحيم من نوع آخر، لكن في النهاية  ما بيصح إلا الصحيح. قالها قوات الإنتشار في فرنسا أو قل قلب قوات الداخل في الإنتشار.

 

شلهوب: تشكيل لجنة لتقصي الحقائق ودعم مبادرة البطريرك صرخة حق

في سياق التحركات وعلى رغم الإجراءات الصحيّة التي تشهدها فرنسا لبّى عدد من أبناء الجالية اللبنانية بمشاركة عدد من ممثلي الأحزاب اللبنانية والفرنسية دعوة «معهد لبنان» في التجمع أمام مقر وزارة الخارجية الفرنسية تضامناً مع الشعب اللبناني والمطالبة بضرورة كشف الحقيقة في جريمة المرفأ وتشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية برعاية الأمم المتحدة. وعلى وقع النشيدين اللبناني والفرنسي وتحت الشعارات التي حملت صوراً عن مأساة كارثة 4 آب أعرب المشاركون عن تأييدهم لمبادرة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لعقد مؤتمر دولي والإعلان عن حياد لبنان والعمل على استعادة سيادة ووحدة الأراضي اللبنانية وتطبيق المقررات الدولية

في الشكل لا بد من الإعتراف بأن انعقاد المؤتمر أمام الخارجية له دلالة رمزية نظراً لأهمية دور فرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن، وكونها تابعت الملف عن قرب إضافة إلى المبادرات التي بذلتها لإنقاذ لبنان.

وألقى مدير معهد لبنان في فرنسا إيلي شلهوب كلمة عدّد فيها الأسباب الداعية لضرورة كشف جريمة المرفأ وكل ما سببته من نتائج وتوقيفات غير مبررة وجرائم، لافتاَ إلى أن ذلك أدّى إلى ممارسة ضغوط واستقالة القاضي فادي صوان بعد 7 أشهر من الإنفجار. وشدد شلهوب على انه على ضوء هذه الأسباب وانعدام الثقة بين الشعب والسلطات اللبنانية هناك ضرورة للمطالبة بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية. وعدد شلهوب أسباب المطالبة بلجنة لتقصّي الحقائق برعاية الأمم المتحدة منها، تورّط عدد كبير من مسؤولي الأمن في ملابسات الجريمة، وحملة اعتقالات غيرمبررة قانوناً لضباطمن دون المسّبرؤسائهم بحسب التسلسل الهرمي، حصول عمليات اغتيال ارتبطت بجرم هذا الانفجار ذات شبهة قوية.

وتطرّق شلهوب إلى حادث تعرُّض قاضي التحقيق في محكمة العدل المكلف بالتحقيق فادي صوّان لضغوط سياسية من جهة، ودخوله في نزاع قانوني مع مجلس النواب اللبناني من جهة أخرى، وبعد سبعة أشهر على جريمة التفجير، أُقيل القاضي المسؤول عن التحقيق بعد ضغوط سياسية وتم تعيين القاضي طارق بيطار. وفي هذا الإطار سأل شلهوب: هل هي إعادة فتح التحقيق أم مزيد من المماطلة لإخفاء الحقيقة؟!

كما أشار في كلمته إلى تزامن سحب المحقق العدلي من ملف التحقيق مع الكشف عن معلومات حول تورط مزعوم لرجال أعمال سوريين مقربين من نظام بشار الأسد في استيراد مادة النترات.

شلهوب أكد على دعمه وتضامنه مع البطريرك الراعي في دعوته إلى الحياد ومبادرته للمطالبة بعقد مؤتمر دولي للبنان تحت رعاية الأمم المتحدة، خصوصاً أنها تهدف إلى استعادة سيادة لبنان واستقلاله الحقيقي ضد من يسعى إلى استعباده. وأكّد على أهميّة الحفاظ على حياد لبنان في النزاعات الإقليمية، حفاظاً على لبنان نفسه ورسالته، واللجوء إلى مؤتمر دولي يساعد على ترسيخ استعادة الاستقلال ووحدة لبنان وتنفيذ القرارات الدولية.

واعتبر أن حيادية لبنان ومساعدته من قبل المجتمع الدولي تشكلان حصنًا ضد التدخل الإقليمي وإطباق»حزب الله»على مؤسسات الدولة اللبنانية ومصادرة سيادة البلاد في خدمة النظام الإيراني.

وختم شلهوب: اليوم أكثر من أي وقت مضى، نؤكد على دعمنالجهود البطريرك الراعي، لإيجاد حل سلمي للأزمة اللبنانية وتوحيد اللبنانيين لإنقاذ لبنان.

نتفق جميعاً على أنه لا أمل في الأغلبية البرلمانية الحالية وأن الحل الوحيد للأزمات المتعددة في لبنان هو إجراء انتخابات نيابية مبكرة لإعادة الصوت للشعب. من هذه الانتخابات ستخرج أغلبية تتماشى مع التطلعات الحالية للشعب وستتحمل المسؤولية الثقيلة لإحياء البلاد وتنفيذ الإصلاحات. هكذا يولد لبنان الذي ندافع عنه جميعاً، وسيعرف كيف يكون دولة عادلة تحمي جميع مواطنيها، وجمهورية قوية.

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل