لبنانيون مشرّدون والإيجارات نار

حجم الخط

صعب العيش في لبنان، في منزل حارّ في الصيف كلهيب الأسعار، وبارد في الشتاء مع انقطاع المازوت. صعب العيش في لبنان في منزل برّاده فارغ وخزائنه خالية وجدرانه شاحبة وأبوابه “مخلخلة”. إنما الأصعب هو العيش في لبنان من دون سقف يأوي العائلة.

تعوّد اللبنانيون أن المصائب هنا لا تأتي بـ”المفرّق”، بل تتكدّس وتتكاثر كالبكتيريا الضارة حين تفتك بجسم نحيل. فمع أزمة الغلاء الفاحش وانقطاع كل شيء من محروقات ودواء وحليب… وأمل، تظهر إلى العلن منذ مدة أزمة ارتفاع أسعار إيجارات المنازل (إنْ توفّرت).

عائلات كثيرة لا تجد منزلاً لتبيت فيه، فهل الأزمة وليدة أصحاب الملك أم هم أيضاً ضحايا الانهيار العظيم؟

“ما في بيوت للإيجار”، يقول صاحب أحد مكاتب بيع وشراء العقارات. ويضيف، في حديث لموقع “القوات” الإلكتروني، أن “معظم أصحاب العقارات والشقق السكنية يفضلون عدم تأجير المنازل في هذه الظروف لأن تكلفة الصيانة تفوق في معظم الأحيان بدل الإيجار الذي بدوره أصبح خيالياً والمستأجرون غير قادرين على دفعها”.

ويكشف عن أن “لا شقق للإيجار بمبلغ أدنى من مليوني ليرة للشقة في أكثر الأحياء شعبية وخارج العاصمة بيروت طبعاً. أما الشقق المقبولة نسبياً يتراوح سعر تأجيرها بين 3 و5 ملايين شهرياً في مناطق المتن وكسروان. أمّا بيروت أمر آخر، معظم الشقق المعروضة للإيجار في العاصمة لا يقل سعرها عن الـ7 ملايين وما فوق، وكل أصحاب الملك يشترطون دفع 3 إلى 5 أشهر مسبقاً وقبل الدخول إلى الشقة”. لكنه يردف، “المشكلة أكبر من غلاء سعر الإيجارات، إذ إن معظم أصحاب العقارات لم يعد يناسبهم عرض عقاراتهم للإيجار بأسعار السوق، لذا يفضلون إبقاءها خالية أو تأجيرها بالـfresh دولار ليتمكنوا من دفع تكاليف الصيانة والطلاء وغيرها من الأمور الضرورية”.

 

ويدحض رجل الأعمال ذاته، الأخبار المتداولة عن ألا شقق للإيجار لأن أصحاب الملك يؤجرونها للسياح والمغتربين حصراً. ويقول، “نسبة المغتربين الذين يستأجرون الشقق في لبنان قليلة جدّاً، فهم بغالبيتهم يقضون شهر العطلة أو أقل حتى في منزل أقاربهم وأهلهم أو في الفنادق التي باتت أسعارها مناسبة جدّاً بالنسبة لهم، أما السياح الأجانب، فهم لا يستأجرون البيوت طبعاً بل يقصدون المنتجعات السياحية والفنادق”.

ويتابع، “بعض المغتربين يستأجر البيوت لبضعة أيام في مناطق معينّة قرب البحر أو في الجبل، أما بيوت الإيجار في المناطق السكنية فهي اليوم شبه خالية، محرَّمة على معظم اللبنانيين كما على أصحابها”.

ويوضح أن “وسط كل هذه المشاكل التي تقضم الاقتصاد وتفقر الناس وتجعلهم يشتهون انقطاع الكهرباء والمياه في بيت يأويهم، على العيش على حساب الآخرين أو حتى من دون مأوى، وسط كل هذا نرى أن الدولة تقف في صفوف المتفرجين وكأنها تشاهد عرضاً في سيرك، تتفرج ولا تتدخّل بأي شيء يحصل. فالمسؤولون في السلطة لا يعلمون ما معنى العيش من دون منزل، فقصورهم موجودة، وتتوفر فيها الكهرباء دائماً، وربما صوت الموسيقى في الحفلات يطغى على صوت أنين الناس واحتضار الشباب”.

ويلفت إلى أن “الوضع المزري اقتصادياً على كل الناس والفئات ولم يستثن أحد، لا أصحاب الدخل المحدود ولا أصحاب العقارات الكثيرة، فطوابير المحطات وحّدت الطبقات وألغت الفوارق الاجتماعية. هذا ولم نتكلّم بعد عن اعجوبة اقتناء منزل في لبنان اليوم، فهذه قصة أخرى، تحكى في الكتب والدواوين إنما على أرض الواقع، فباب الطائرة أقرب بكثير إلى أي شاب لبناني من باب منزله الخاص”.

​أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل