قلائل جداً مَن يدركون أنّ اللّغة العربيّة اسمها لغة الضّاد، وإنْ عَلموا جهلوا السّبب. سُمّيت بذلك لأنّها الوحيدة التي تحتوي على حرف الضّاد. ويبقى هذا الحرف عصيّاً على لسان الأعجميّ، حتّى لو أجاد اللّغة العربيّة. هذا هو بشير الجميّل حرف الضّاد. متميّز منفرد متمرّد مارد لا يتكرّر، ضادّ لبنان!
هو ليس أغنية نتناقلها أو مجموعة شعارات نُدندِنها في المناسبات كما يتّهم البعض. بعد مرور 39 عاماً، لا أزال قادراً على زرع حبّ الوطن والعنفوان والشجاعة في نفوس الأجيال، حلمها حلمه لبنان. 21 يوماً في سدّة الرّئاسة، 21 يوماً أعاد خلالها الحياة والأمل في بناء وطن.
في لحظة جهلٍ وتخلّ، اغتيل لأنّه أراد وطناً حقيقيّاً، 10452 كلم2 لبنانيّة للجميع. قُتل لأنّه حَلم بِبلدٍ يفتخر به أبناؤه، نقيضاً لمزرعة الفساد الحاليّة. غُدر به بسبب رؤيته اللّبنانية وطروحاتِه الوطنيّة الواقعيّة المُمنهَجة لتحقيق مستقبل أفضل.
عاش مناضلاً فدائيّاً، كما وصفه مؤسّس حزب الكتائب اللبنانيّة الصّخرة “الشيخ بيار الجميّل”. انطلاقاً من إيمانه المسيحيّ، دافع عن لبنان كَلبناني فقط. طالب بتحقيق سلامة واستقرار كل اللّبنانيين على حدّ سواء. الكلّ متساوون في الحقوق والواجبات ضمن البلد الواحد رغم التمايز في الانتماء الديني، الفكري أو الحزبي.
بالنسبة للمؤمنين بمشروعِه، خُطف زمن رجالات الدّولة بِاغتياله، بغض النّظر عن آراء اللبنانيين والكرة الأرضيّة جمعاء. السّبب مخالف لكلّ الأقاويل والثرثرات؛ لا لتأليهه والعبادة أو لإيقاف الزمن عنده، لا لاختصار الوطن به أو فشلهم بالمحافظة على وطنهم وكرامتهم من دونه، بل لِتيقّنهم أنّه الخيار الوحيد والأفضل بكل سيئاتِه وحسناته للبنان بالأمس والحاضر. ثلاثة عقود من الزمن مرّت على رحيله استمرّ القدوة في حياتهم، وبقيَ الفراغ الرّئاسي على الرغم من توالي الرّؤساء والأسماء.
في ذكرى استشهاده، تكريمُه يُضفي نفحة قوّة وصمود وحريّة لِكثيرين. التّكريم لا يعني اختصار أمجاد هذه الأرض أو ضعف، لا بل تعبير عن الوفاء وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه.
14 أيلول ذكرى استشهاد الشيخ بشير الجميل شاء مَن شاء وأبى مَن أبى، فخامة رئيس الجمهورية اللّبنانية، الرّئيس السّابع قائد ورئيس لا يتكرّر.