سفر وسهر وخطة أحلام لا حدود لها. هكذا عاش الشاب اللبناني المليء بالحياة، قبل العام 2020. تغيّر المشهد، تدريجياً، في ظل الأوضاع الخانقة، واختفت البحبوحة والأجواء الفرِحة إلى غير رجعة. وبعدما كانت العائلة والمنزل طموح معظم الشباب باتت اليوم أقرب إلى حلم، وأصبحت الهجرة إلى دولة تأويهم من قساوة العيش، هدفاً.
أولى التحديات أمام الشباب، عجزهم عن تأمين المبلغ الأولي اللازم لشراء منزل، وهو العائق الأهم الذي يدفعهم إلى إعادة التفكير في الزواج، خصوصاً الذين تآكلت رواتبهم في المصارف بالإضافة إلى العاطلين عن العمل والمسرحين من وظائفهم. نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى، يتحدث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، ملخّصاً وضع سوق العقارات في لبنان، والقدرة الشرائية لدى الشباب المقيمين في لبنان، التي انخفضت 10 مرات مقابل الـ”cash”، بحسب قوله، إذ أصبح شبه مستحيل على الشاب اللبناني شراء شقة بكلفتها.
ويشدد موسى، على أن “الوضع الحالي انعكس سلباً على سوق شراء المنازل في لبنان وخصوصاً الاقتصادي بعد توقف قروض الإسكان. فالمقيمون في لبنان وخارجه كانوا يتكلون على قرض الإسكان”.
ويشير إلى أنه منذ نهاية العام 2019، تراجعت عمليات البيع بنسبة كبيرة. وشهدت معظم العقارات تحوّلاً جذرياً، إذ امتنع المالكون عن البيع إذا لم يكن الثمن بالـ”fresh” دولار، وفئة الشباب اليوم لا تستطيع الشراء، خصوصاً المقيمون في لبنان.
ويضيف أننا “متجهون نحو أزمة كبيرة جداً في المستقبل، وسنعود 40 سنة إلى الوراء، إذ لن يتمكّن اللبناني من شراء مسكن في المرحلة المقبلة، ويضطر الى السكن مع ذويهم في المنزل نفسه”.
أما بالنسبة للإيجار، يعتبر موسى أن “الوضع اختلف كلياً، وازدادت المشاكل بين المالكين والمستأجرين. مالكو المباني المؤجرة غير قادرين على الاستمرار بالتسعير وفقاً لليرة اللبنانية، ولا حتى قادرين على تغيير اعتماد سعر صرف الدولار غير الـ1500 ليرة. ثمّة مشكلة أساسية بعمليات الشراء والإيجار”، معتبراً أن “المالك مظلوم والمستأجر مظلوم”.
ويلفت إلى أنه “لا يوجد إمكانية لتطوير منازل سكنية لأنّ المطوّر لديه استحالة بأن يتمكن من التطوير من جهة وشراء مواد البناء بالدولار، وبيع العقار بالليرة اللبنانية من جهة ثانية”.
ويؤكد أن “الحل بإلغاء وزارة المهجرين وانشاء وزارة تخطيط واسكان من ضمن عناوينها التنمية الريفية، والقيام بسياسات اسكانية تضعها الدولة، وذلك بتطوير المشاريع بالأسعار المعقولة عبر إعفائهم من الضرائب في مواد البناء لدعم السكن”.
من جهته، يحذر الخبير والباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين في حديث لموقع “القوات”، من تزايد ظاهرة البطالة، إذ ارتفعت إلى أكثر من 35% من القوى العاملة”، مشيراً إلى أن الأكثرية تعمل أعمال “هشة”، في أي وقت يتوقفون، إذاً فإنهم في الواقع لا يعملون.
ويؤكد أن “البطالة تطاول كل الفئات ونحو 18 ألف مؤسسة أقفلت أبوابها، أغلبيتها في القطاع السياحي والفندقي”، ويلفت إلى أنه “نحو 3 ملايين لبناني يرغبون في الهجرة لكن الإمكانيات صعبة والدول لا تسهل العملية اليوم”.
ويشدد على أنه “بين أشهر حزيران وتموز وآب وأيلول الماضية، هاجر حوالي 47 ألف لبناني والأكثرية إلى أوروبا وأميركا”. وعن معدلات الفقر، يقول شمس الدين إنها “وصلت تقريباً إلى 55%”.
أمام هذه التحديات الاقتصادية والاجتماعية، اضطر عدد كبير من الشباب مرغماً إلى الغاء مراسيم زواجه، والأسوأ، توجُّه عدد لا يستهان به من المتزوجين نحو الطلاق. في هذا الإطار، يقول أحد المراجع الكنسيّة في المحكمة الروحية، أن طلبات ابطال الزواج في الكنائس المارونية، وصلت إلى الـ600 في سنة واحدة، مشيراً إلى أنها “مرشحة للازدياد”. أما بالنسبة للطوائف الإسلامية، يؤكد مرجع روحي أن “الطلاق ارتفع بنسبة 15 أو 20% هذه السنة، فالطلبات وصلت إلى الـ2800 طلب تقريباً”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية