تزدهر بعض النشاطات التجارية، واضعة الثروة الحرجية في خطر من دون حسيب أو رقيب. وناهيك عن الحرائق التي أكلت الأخضر واليابس، هناك تعدٍ فاضح على الأحراج. ليس بهدف التدفئة فحسب، إنما لبيع الحطب بأسعارٍ خيالية، ونواطير الأحراج في سباتٍ عميق، والدولة حدث ولا حرج.
أزمة حقيقية بدأت مع فصل الشتاء للحصول على مصادر للتدفئة، لكن الخيارات صعبة جداً أمام ذوي الدخل المحدود والمتوسط نظراً لصعوبة تأمين مادة المازوت وارتفاع سعرها. فبات الحطب تجارة مربحة، ما ينذر بكارثة بيئية.
وزير البيئة ناصر ياسين، يؤكد لموقع القوات اللبنانية، أن “حرصنا اليوم لمنع هذا القطع الجائر للأشجار، لأنه يتعدّى على ثروتنا الطبيعية”، مشيراً إلى أن “هذا الموضوع هو عند وزارة الزراعة التي يجب أن تشرف مباشرة على رخص القطع ونوعيتها”.
ويوضح أنه “ليس هناك متابعة دائمة من قبل الإدارات الرسمية والبلديات بطريقة القطع، مثلاً إذا أعطوا رخصة قطع جزع شجرة، فهل هناك مراقبة فعلية؟”.
ويكشف عن أننا “نتوجه إلى تجهيز مصانع تصنع حطباً صناعياً في المناطق، التي تَستخدم الكتلة الحيوية الموجودة في الأرض مثل الأعشاب، ثم تُصنع وتصبح حطباً صناعياً صديق للبيئة، تستخدمه الناس للتدفئة. لكننا لم نستطع تنفيذ هذا المشروع في هذا الموسم لذلك نتجه إلى تنفيذه في الموسم المقبل كهدف ثان، أما الهدف الأول هو حماية للمواقع الطبيعية والغابات”.
ويضيف، “عند ورود أي خبر عن قطع الأشجار، نتصل فوراً بالمدعيين العامين والبلديات لمتابعة الموضوع، والتحقيق به”. ويردف، “نعمل على استراتيجية الوقاية من الحرائق، التي تنتج إجمالاً من إهمال موجود في حماية وإدارة الغابات، إذ إن الكتلة الحيوية تبقى على الأرض، بالإضافة إلى عدم تنظيف الغابات والأحراج، والناس تشعل الأعشاب والطقس يكون جافاً”، موضحاً أن “وزارة الداخلية تهتم بالتحقيق الجنائي لافتعال الحرائق، أما وزارة البيئة تهتم بالتحقيق العلمي لنرى مسبباتها”.
ويشدد على أن “الحرائق هي من صنع الإنسان لكن التقدير الأولي من خلال دراستنا يثبت إهمال الناس وعدم مسؤوليتها بطريقة العناية بالغابة أو بجوارها. ومنها مرتبط بمكبات عشوائية”.
وفي الحديث مع أحد تجار الحطب، يقول لموقع “القوات”، إن “سعر الحطب ارتفع بنسبة كبيرة نسبة للسنوات الماضية، إذ كان يتراوح بين الـ250 والـ300 ألف للطن الواحد، أما اليوم فأصبح يباع بحوالي مليوني ليرة ونصف”. ويشير إلى أن “حطب السنديان هو الأغلى لندرته، إضافة إلى أن الأدوات التي تساهم في تقطيع الحطب ارتفعت أسعارها”.
ويؤكد أن “الطلب ازداد على الحطب بشكل جنوني خصوصاً في المناطق الجبلية، حيث الشتاء البارد والناس عاجزون عن تخزين المازوت، بسبب ارتفاع سعره”، مضيفاً أننا “كنا نبيع 50 طن في السنة، أما اليوم، البيع يزيد عن الـ300 طن في السنة تقريباً”.
من جهته، يشير رئيس حزب البيئة العالمي رئيس خبراء حماية الصحة والبيئة العالمية ضومط كامل، في حديث لموقع القوات اللبنانية، إلى أن “هناك مناطق تدمّرت كلياً من خلال القطع الجائر للأشجار نتيجة الفقر من جهة، الناس لا تستطيع شراء مادة المازوت اليوم نتيجة غلائها، فتستخدمها للتدفئة، بالإضافة إلى التفحيم من جهة أخرى”.
ويقول إن “الأشجار الأكثر تضرراً اليوم هي السنديان والمميزة، التي يتم قطعها بشكل كبير”، لافتاً إلى أنها “لم تبق أي شجرة وخصوصاً السنديان الذي يجب المحافظة عليه، في جبل محمية منطقة المشيتية في دير الأحمر، كذلك في الشمال وجبل لبنان والجنوب”. ويردف، “الثروة الحرجية تتدمر هذا العام بشكل مخيف جداً من دون أي معالجة”.
ويقول خبير البيئة، إننا ” كحزب البيئة العالمي ومركز أحراج كسروان، بذلنا جهدنا لحامة الغابات وتجنب حدوث أي حريق وقطع للأشجار في كسروان، لكن هناك محميات تضررت ولا نستطع فعل شيء”.
ويعتبر أن “هذه مسؤولية وزارات البيئة والزراعة والداخلية، لكن هناك مناطق حيث عدد الموظفين غير كافٍ فيها، بالإضافة إلى صعوبة التنقل وغلاء البنزين والمعاشات ضئيلة بسبب الظروف الراهنة”.
ويوضح أن “بعض الحرائق مفتعلة والبعض الآخر طبيعي، ولكن حان الوقت للتحرك، نحن كحزب البيئة العالمي بدأنا بأول غابة ضد الحريق بوادي نهر إبراهيم، بزحل والجوار”.
“الصورة الوصفية للغابات شيء مخيف”، بحسب كامل، “فنرى في الغابات مكبات نفايات صناعية ومنزلية وأشجار متروكة، أغصانها اليابسة في الأرض، بسبب التغير المناخي، لا أحد يهتم بهذا الموضوع، بالإضافة إلى شرارة النار التي تحرق الغابات بشكل جنوني تؤدي إلى تتمدّد الحرائق بشكل سريع، بسبب وجود غاز الأوكسيجين الذي تنتجه الأشجار”.
ويضيف أن “كل حريق يتخطى الـ10 أو 15 دقيقة يصبح السيطرة عليه مستحيلة”، مؤكداً أن “البطولة بالجهوزية، فنحن كحزب البيئة العالمي في فتوح كسروان، وضعنا أشخاصاً يتابعون الأمر ويسيطرون على الحرائق فور اندلاعها، وذلك عندما يرون دخاناً أو ناراً، نسعى إلى السيطرة على الحريق بشكلٍ سريع”.
ويشير إلى أن “الحرائق المفتعلة تعود إلى عدة أسباب، فالبعض لديه هواية حرائق الأحراج، أو قطع الأشجار لبيع الحطب وللتدفئة، للعمار، بالإضافة إلى خلافات سياسية وغيرها”، قائلاً، “كل سنة الحرائق تزيد 2%، منذ سنة 1983، في يوم واحد شهدنا 190 حريق في لبنان و1370 على الشاطئ السوري”.
ويتابع، “وصلنا إلى الـ190 يوم من فصل الشتاء من دون أمطار، وهذا يؤدي إلى جفاف وبالتالي المنطقة الداخلية في الشرق المتوسط أصبحت مناطق تصحر”. ويرى أنه “يجب وضع استراتيجيات علمية من خلال علماء بيئة وتنفيذها، ومستعدين أن نقدم الجهوزية والحلول إلى الدولة”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية