“بَيْعة” رئاسية حكومية برلمانية… “مش صفقة”

حجم الخط

على طريقة “من الباب للطاقة”، ومن دون مقدمات، “انفرجت” على محورَي مجلسَي الوزراء والنواب، إذ تمخَّض لقاء الـ20 دقيقة، صباح أمس الأربعاء في بعبدا، بين رئيسَي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي عن إعلان الأخير إثر الاجتماع، عن أنه “كان مثمراً وتم الاتفاق على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب”، مضيفاً أنه أبلغ عون بـ”أن الموازنة العامة لعام 2022 باتت جاهزة وسيتم استلامها خلال اليومين المقبلين، وفور استلامها سيتم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد”.

هذه “التهوئة” السياسية التي أنعشت الوضع الحكومي المختنق بعفن الركود والشلل المتمادي منذ أشهر على هذا المستوى، فضلاً عن إبعاد شبح توقف البرلمان عن العمل إلى حين موعد العقد الثاني لانعقاده في تشرين الأول المقبل، لم يكن رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيداً عنها، إذ كان حاضراً خلال لقاء عون ـ ميقاتي. إن لم يكن بالجسد، لا بأس أن “يفرض” حضوره عبر اتصال هاتفي معه، فالمهم، أن لا صفقات أو تسويات تمرّ من دون مباركة عين التينة.

لكن، إلى أي حدٍّ يمكن التعويل على رسوخ هذا “الانفراج” في الوضع السياسي المأزوم والأفق المسدود؟ ومَن يستطيع التأكيد والجزم بأن المسؤولين عندنا الذين يعرفهم الشعب اللبناني جيداً وخبِر ممارساتهم وألاعيبهم ومناوراتهم، بل يعيشها بالملموس في الذلّ والمآسي التي تخنقه، هبط عليهم فجأة وحي التآخي والتفاهم والتلاقي لمصلحة اللبنانيين، ولوقف الانهيار وإنقاذ العباد والبلاد من هذه الجهنم؟

“فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، يحظى بموافقة أكثرية أعضاء البرلمان، ما يعني أن الدورة ستُفتح”، وفق المحلل السياسي علي حمادة، مضيفاً أنها “مطلب أساسي لبري يجاريه فيه حلفاء، وقوى وتكتلات نيابية أخرى أيضاً، لا تريد قطع شعرة معاوية مع بري في ما يتعلق بهذا الأمر، مثل الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وغيرهم”.

ويرى حمادة، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “ذريعة إنجاز موازنة العام 2022 وتقديمها إلى رئيس الجمهورية ومن ثم محاولة عقد جلسة لمجلس الوزراء، لا تبدو طريقها سالكة حتى الآن”. لكنه يستدرك معتبراً أنه “يمكن أن نفاجأ، وفقط لدواعي الموازنة، أنه يمكن أن يعود الوزراء الشيعة المقاطعون للمشاركة في جلسة للحكومة لدرس بند واحد فقط على جدول أعمالها وهو بند الموازنة، كنوع من مبادرة حسن نية مقابل فتح الدورة الاستثنائية للبرلمان”.

ويوضح، أن “بري يريد الدورة الاستثنائية من أجل إطالة أمد الحصانات النيابية على النائبين علي حسن خليل وغازي وزعيتر، في مسألة التحقيقات في قضية تفجير مرفأ بيروت”، معتبراً أن “ما نحن بصدده ربما ليس بمستوى الصفقة، إنما بَيْعة. بمعنى، يعطون بري دورة استثنائية، يعطيهم جلسة حكومية أو أكثر ببند واحد هو بند إقرار موازنة الـ2022”.

ويعتبر المحلل السياسي ذاته، أن “ذريعة الموازنة يمكن تبريرها لجمهورَي وبيئة حركة أمل وحزب الله، على أساس أنها مسألة جوهرية لإدارة شؤون الدولة والمؤسسات بالحد الأدنى. بمعنى أنه لا بأس مرحلياً من مواصلة اعتماد أسلوب الردود على القاضي بيطار، الثابت والصامد، لعرقلة تحقيقاته، مقابل الفوز بالموازنة وتثبيت الحصانات”.

لكن حمادة، “لا يرى أن البلاد تسير في مسار الصفقات والتسويات، بل بالعكس، هي تسلك في مسار تصادميّ بدأت ملامحه ترتسم في الأفق، ما بين خطين عريضين: الأول، ويقوده حزب الله. وخط ثانٍ لم يتبلور بعد بشكل واضح، يتألف من العديد من القوى السياسية، سواء الموجودة داخل البرلمان أو خارجه، بالإضافة إلى قوى في المجتمع المدني والقطاعات الاقتصادية، والتي تعترض على سلوك حزب الله وسياساته التي تؤذي مصالح لبنان واللبنانيين”.

ويشير، إلى أن “هناك بدايات لتشكُّل هذا الخط المعارض، لا تزال خجولة حتى الآن، لكنها بدايات مشجّعة لبلورة نوع من التحالف العريض العابر للطوائف والأحزاب والقطاعات في البلاد، يعارض حزب الله وسياساته”، لافتاً إلى أن “هناك رأياً عاماً واسع النطاق في البلد يعتبر أنه، طفح الكيل من الحزب، ومن الرئيس عون والبطانة المحيطة به وطموحاته العائلية الرئاسية التوريثية السلطوية والمالية”.

وبرأي حمادة، “الأمور وصلت إلى خواتيمها”، معرباً عن اعتقاده بأننا “ذاهبون إلى تصعيد في البلاد، لأن الـ2022 هي سنة الاستحقاقات الكبرى: من استحقاق الانتخابات النيابية، علماً أننا لم نسمع أحداً حتى الآن يتحدث عن الانتخابات البلدية والاختيارية، وهي انتخابات جدية وأساسية وحلقة وصل تمثيلية مهمة، بالإضافة إلى انتخابات رئاسة الجمهورية”.

ويعتبر، أن “كل هذه الاستحقاقات تحمل بذور التصعيد السياسي، وبدأنا نلاحظ تفتُّحها”، معرباً عن أسفه، لأنهم “يتقاتلون على الرئاسة وكأن لبنان هو السويد أو الدنمرك. والذين يستشرسون للبقاء في المنصب الرئاسي أو في التوريث، ينسون سِجّل السنوات الست الرئاسية الماضية، وما أدراك ما في هذا السجلّ؟”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل