أصبحت معادلة “العقار مقابل الطعام” ملجأ اللبنانيين لسد حاجاتهم اليومية، إثر تآكل قدراتهم الشرائية يومياً مع الانهيار القياسي التاريخي التي تسجله الليرة اللبنانية، لكن من ناحية أخرى، شكّل سوق العقارات خلال السنوات الماضية ملاذاً آمناً للمودعين لتهريب أموالهم المحتجزة في المصارف عبر الشيكات المصرفية، وفرصة للمطوّرين العقاريين لتسديد قروضهم المُستحقة للمصارف.
ومع بداية العام الجديد، يشهد القطاع العقاري حالة من الركود على الرغم من انخفاض الأسعار حوالي 70%، والعديد من العروض والتسهيلات التي تقدّمها الشركات العقارية لتشجيع المواطنين على الاستثمار في هذا القطاع.
وعليه، تُطرح علامات استفهام عدة حول وضع السوق العقاري اليوم، وأسعار الشقق. وهل الاستثمار بالعقار مربح وسط تفلت سعر صرف الدولار؟
رئيس مجلس إدارة شركة “رامكو” العقارية رجا مكارم، يوضح أن “أولوية اللبنانيين باتت اليوم تقتصر على كيفية تأمين لقمة عيشهم، غير آبهين بالاستثمار في هذا القطاع على المدى البعيد”، مضيفاً أن “بعض المواطنين يعمد إلى بيع العقار لتلبية حاجاته اليومية من مأكل واستشفاء وغيرها”.
ويشير مكارم، في حديث لموقع القوات اللبنانية، إلى أن “أغلبية الراغبين بالشراء تبحث عن عقارات لا تتعدى قيمتها 30% أو 40% عما كانت عليه سابقاً، مثلاً، شقة مساحتها 100م يتراوح سعرها اليوم بين 70 و100 ألف دولار، وذلك بحسب المناطق والميزات التي تتمتع بها، أما سعر المتر الواحد، فيتراوح بين 500 و700$ مقابل 1000 و1500$ في السنوات الماضية”.
ويلفت الى أنه “على الرغم من انخفاض أسعار العقارات، هناك إقبال ضعيف على الشراء في الوضع الراهن، لأن من ليس لديه فريش دولار يلجأ الى الاستئجار مع غياب القروض المصرفية السكنية”، معتبراً أن “العقار ملاذ آمن على المدى البعيد، وباستطاعة المواطن اليوم الاستفادة من تراجع الأسعار”.
ويشير الى أن “قطاع العقارات في لبنان اليوم في حالة ركود، وهو رهن الانتخابات النيابية”، متوقعاً أن يشهد ازدهاراً بعد الانتخابات مع أمل اللبنانيين بتحسن الأوضاع الاقتصادية.
من جهته، يلفت أمين سر نقابة المطورين العقاريين مسعد فارس الى أن “عدم استقرار سعر صرف الدولار يربك المواطنين، لكن لا شك بأن الاستثمار بالعقار يعد مربحاً على المدى البعيد”.
ويرى أن “القطاع العقاري سيشهد حالة من الركود هذا العام، على الرغم من أنه مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والمعيشية سيضطر العديد من المواطنين الى عرض عقاراتهم للبيع بأسعار منخفضة نسبياً، في حين لا يوجد اقبال على الشراء، حتى من قبل المغتربين الذين فقدوا ثقتهم ببلدهم وبفرصة الخروج من أزمته الاقتصادية”.
ويشير الى أن “القطاع العقاري قطاع صحي يجذب الاستثمارات، والناس عادة تؤمن فيه كملاذ آمن، إنما في لبنان لا إيمان ولا ثقة بالدولة حالياً”، معتبراً أن “تنشيط هذا القطاع رهن تغيير المنظومة السياسية”.