ليست أزمة معاينة الميكانيك جديدة على لبنان، إذ يتكرر مشهد المواطنين المسجونين داخل سياراتهم في صفوف “المعاينة”، للسنة الثالثة على التوالي، بصورة سنوية من أجل التحقق نظرياً من صلاحية وأمان العربات.
وتتجدد أزمة الازدحام، التي تبدأ منذ الـ6:30 صباحاً، عدا عن تلك التي تبيت ليلتها، وتغفو داخل سيارتها، في موقع المعاينة، متجاوزة الـ4000 سيارة في محيط المركز يومياً، ناهيك عن الإقفال المستمر، تارة جراء فيروس كورونا، وتارة أخرى نتيجة الإضراب المفتوح، بالإضافة إلى غياب الكهرباء والتقنين بالمازوت، نظراً لتكلفته والحاجة إلى الـ”fresh” دولار لشرائه، وعجز الموظفين عن الوصول إلى مكان عملهم بسبب كلفة الوقود الباهظة، وغيرها من الأسباب.
واليوم، ليس على اللبناني سوى الدعاء بألا تتعطل سيارته، فالأسعار المرتفعة لقِطع ومستلزمات السيارة باتت تهدّد إهمال صيانة عدد كبير منها، فعدم العناية اللّازمة والإهمال، سيجعلها ترسب في المعاينة الميكانيكية، إذا تمكّنت من تمريرها، باعتبار أن البعض لا يقصد المراكز المعنيّة بسبب الإقفالات المتواصلة بأسبابها الكثيرة، ما جعل الآلاف من المواطنين يكدّسون دفع رسوم الميكانيك ثلاث سنوات وأكثر عليهم.
وشكا بعض المواطنين من قيام قوى الأمن الداخلي، بتسطير محاضر ضبط وحجز سياراتهم نظراً لعدم دفع رسوم الميكانيك، إلا أن مصدراً في قوى الأمن، يؤكد لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أننا لم نقم بأي دوريات أو حواجز لها علاقة بموضوع تأخر الميكانيك، لكن إذا وجدنا أن ميكانيك سيارة “مكسور” فنضطر في هذه الحالة، تسطير محضر ضبط بحق صاحبها.
“في السنوات الماضية، كانت تصل أعداد السيارات في المعاينة بين الـ700 والـ800 ألف”، بحسب الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، “أما اليوم فالدولة لا تشدد على الميكانيك، ما يؤدي إلى استلشاء وعدم اهتمام المواطن بهذا الموضوع”.
ويقول، في حديث لموقع “القوات”، إن “عقد الاستثمار الخاص بالشركة المُشغلة انتهى في العام 2012، وتعمل اليوم من دون أي عقد مع الدولة، وذلك منذ العام 2017”.
ويعتبر شمس الدين، أن “شركة الميكانيك يجب أن تديرها الدولة اليوم، وألا تبقى بيد شركة خاصة بشكل غير قانوني ومخالف، فيجب على الموظفين والشركة والمعدّات كافة أن تكون تحت إدارة هيئة السير”.
والسؤال المطروح: كيف يُمكن للمواطن أن يتحمل تكاليف صيانة سيارته اليوم؟ من جهتها، رئيسة هيئة إدارة السّير هدى سلّوم تشير إلى أن حل “غلاء أسعار قطع السيارات وعدم قدرة الناس على دفع التكاليف، ليس بأيدينا”.
وتؤكد، لموقع “القوات”، إلى أننا “قمنا بمناقصة لاستحداث مراكز جديدة للمعاينة لأن المراكز الـ4 الموجودة حالياً غير كافية”، مشيرةً إلى أن “هناك تهافتاً على المعاينة في أول فترة من كل سنة”.
وتعتبر سلّوم، أن “المعاينة هي للتأكيد على السلامة العامة، أما إلغائها يحتاج إلى نص قانوني، ونحن كهيئة إدارة سير لا نستطيع التخلي عن المعاينة في ظل النصوص الموجودة حالياً”.
وبالنسبة إلى مشاكل الكهرباء وتأمين المازوت، توضح رئيسة هيئة إدارة السّير، أن “المعاينة تنتمي إلى شركة خاصة، إذ تعمل على تأمين المازوت لاستمرارها. فهي تفتح أبوابها 3 أيام في الأسبوع: الثلاثاء، الأربعاء والخميس، وذلك لعدم قدرة الشركة تأمين المقوّمات اللازمة لكافة أيام الأسبوع”.
بدوره، يؤكد رئيس نقابة أصحاب الشاحنات شفيق القسيس، أن “الميكانيك على الشاحنات لا يزال قائماً، لكننا طلبنا بإعفائنا منه لسنة جديدة، خاصة إعفاء الشاحنات غير المحصنة والمحضّرة للميكانيك، والدولة ستغض النظر عن تسطير المحاضر بحقّها”، مضيفاً أننا “سنلجأ إلى الإضراب من 1 إلى 3 شباط المقبل”.
أما رئيس اتحادات ونقابات النقل البري بسام طليس، يكشف، لموقع “القوات”، عن أن “هناك مشروعاً جديداً لسنة 2022، وهو إعفاء كافة السيارات العمومية من الميكانيك بنسبة 100%، من السيارة العمومية للشاحنات، لكننا لا نزال ننتظر إقراره من قبل الحكومة، ثم تحويله إلى مجلس النواب”. ويقول إن “السيارات التي لم تدفع رسوم الميكانيك لعام 2020 أو 2021، قد تم تسطير محاضر بحقها”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية