“نكبة” جديدة على اللبنانيين في بلد يتنفّس استيراداً. “الموضة المستوردة من الخارج” أصبحت في حالة يرثى لها، بعدما أقفلت متاجر كبيرة وصغيرة عدة أبوابها، والمستوردون الصامدون لا يزالوا يسدّدون كلفة الرسوم الجمركيّة عند دخول السلع إلى لبنان، وفقاً لسعر الصرف الرسمي القديم، أي 1507.5 ل.ل. للدولار الواحد.
لكن الدولة أخذت قرارها و”نقطة عالسطر”. فهي تُفتّش عن سبل لزيادة إيراداتها عبر زيادة سعر الدولار الجمركي، ما سيحوله إلى ضريبة غير مباشرة يدفع ثمنها المواطن، في الوقت الذي بدأت فيه ألبسة الصناعة الوطنية تغزو الأسواق، وباتت عملية الشراء عبر الإنترنت (online) تنتعش، موفّرة على أصحابها دفع فواتير اشتراك الكهرباء والإيجارات والتدفئة، وغيرها من التكاليف.
المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون، يرى في حديث إلى موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أنه “من الطبيعي ألا يبقى الدولار الجمركي على الـ1500 ل.ل. في حين يتخطى دولار اليوم الـ20 ألف ليرة”، لافتاً إلى أن “هناك بنوداً تعفي المواد الأولية وكل ما يتعلق بالتصنيع من الجمرك، فالأمور ستبقى على حالها إذا لم يطاول رفع الرسم الجمركي هذه المواد، لكن الغلاء سيتجلى في مجال قطاع الألبسة المستوردة والسيارات وغيرها”.
ويتوقع أن “رفع رسم الجمرك بإمكانه أن يُؤدي إلى ردود فعل عكسية من بعض الدول”، مضيفاً أن “هناك اتفاقيات قائمة مع الدول العربية تنص على عدم وضع رسوم جمركية بين الدول، واتفاقية أخرى مع الاتحاد الأوروبي، فإذا وُضع القانون ولم تُؤخذ بالاعتبار الاتفاقيات، سنقع في مشكلة، إلا إذا استثنت بعض الدول”.
وعن صناعة الألبسة المحلية، يوضح المدير العام لوزارة الصناعة، أن “الأنسجة والأقمشة والمواد الخاصة بالألبسة تُستورد من الخارج، فهذه الصناعة ستنتعش نوعاً ما، إذا تم إعفاء المواد الأولية من الرسوم الجمركية”.
ويُشدّد على أن المشكلة التي تعاني منها الصناعة المحلية هي النقص في العمالة اللبنانية ذات الكفاءة التقنية، بالإضافة إلى الأشخاص الذين لا يملكون الـ”fresh” دولار ولا يستطيعون تحويل أموالهم في المصارف، بالإشارة إلى تدني القدرة الشرائية لدى المواطنين، لا سيما المستثمرين منهم الذين يخاطرون برؤوس أموالهم في مشاريع لا يمكن توقّع نتائجها.
على سبيل المثال، يقول جدعون، إذا كانت مؤسسة تصنّع 100 قميص، سابقاً، وأصبحت تصنع 300 اليوم، يستطيع فقط أبناء الطبقة الميسورة شراءها، بعدما كان معظم زبائنها من الطبقة المتوسطة.
من جهته، يعتبر رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، في حديث لموقع “القوات”، أن “الصناعيين أثبتوا وجودهم وكفاءتهم، عندما لبّوا حاجات الأسواق اللبنانية بمنتجاتهم المحلية ذات الجودة والقيمة العالية”، مضيفاً أننا “كنا نهدر طاقات ذوي الكفاءات العالية، أما اليوم استطاعت الصناعة المحلية تأمين فرص عمل للبنانيين في هذه الظروف الصعبة، بالإضافة إلى زيادة التصدير الذي أدخل عملة الدولار إلى لبنان”.
ويشير إلى أن “القطاع الصناعي عانى من زيادة تكاليف الإنتاج والتهريب والمضاربات غير الشرعية، واليوم أتت الظروف وغيّرت المعادلة”. في المقابل، يشدّد على أن “الصناعيين يعانون من مشاكل كثيرة، مثل انقطاع الكهرباء، والمواد الأولية، وصعوبة تأمين المازوت، وغيرها من المشاكل”.
ويقول الجميل، في حديثه عن قطاع الألبسة، إنه “لا شك أن فئة الـOnline تعمل أكثر من غيرها، لكن خلال فترة الثمانينات، كان قطاع الألبسة من أهم القطاعات في لبنان، إذ كنا نجد فوق الـ400 مؤسسة عاملة وآلاف العائلات المرتبطة بهذا القطاع”، مضيفاً أنه “كان يشكل 12% من صادرات لبنان، أما اليوم أقل من 2%”.
ويلفت إلى أن عنوان “صنع في لبنان” حقّق نجاحاً حول العالم، نتيجة عمل مصممين لبنانيين في بلاد عدة، مثل باريس وهوليوود، حيث انتشرت تصاميم الـ”Haute Couture” بأسعار باهظة، ما يعني أن نجاحنا والنوعية الموجودة لدينا، يسمحان بزيادة فرص التصدير إلى الخارج.
ويكشف عن أننا “ناشدنا الدول الأوروبية لاستيراد المزيد من الألبسة من الصناعة اللبنانية، لكن من جهة أخرى يجب على اللبنانيين تفهم شروط السوق الأوروبي”، مؤكداً أن “الأزمة الحالية وغلاء الألبسة المستوردة من الخارج، زادت الطلب على المنتجات الوطنية في قطاع الألبسة”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية