لا تزال الأوساط السياسية بصدد رصد احتمالات خطوات الرد الخليجي على الأجوبة اللبنانية التي سلَّمها وزير الخارجية عبدالله بو حبيب لنظيره الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، فور وصوله الأحد الماضي إلى الكويت، للمشاركة في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب، على الورقة الكويتية الخليجية والخطوات الواجبة لإعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج.
ويشير مراقبون كثر، إلى أن الرسالة الجوابية اللبنانية على بنود الورقة الكويتية الخليجية، والحائزة على الغطاء الدولي، لم تخرج عن إطار الصياغات الإنشائية المعهودة للسلطة الحاكمة في لبنان للتهرب من مسؤولياتها تجاه الدول الخليجية والقوانين الدولية.
في حين يلفت آخرون، إلى تجنب وزير خارجية الكويت إعطاء ردٍّ سريع على الأجوبة اللبنانية، بالإضافة إلى عدم صدور موقف فوري من الدول الخليجية التي كانت حاضرة خلال الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية، أو عن الاجتماع ككل. وبدت لافتة إشارة الوزير الصباح إلى أن الأمر متروك الآن لدراسة الرد اللبناني من قبل الجهات المعنية في الكويت ودول الخليج، لمعرفة ما هي الخطوة المقبلة مع لبنان. وهنا كل الهواجس، حول الخطوة المقبلة.
رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية السعودية إيلي رزق، يعتبر، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “دول مجلس التعاون الخليجي تتريث في الرد على الرد اللبناني على الورقة الكويتية، الذي حمله وزير الخارجية اللبناني إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب في الكويت”.
ويرى، أن “التريث، هو لدرس سبل التعامل مع الملف اللبناني في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل النزاع القائم في المنطقة على أكثر من جبهة، من لبنان، إلى اعتداء الحوثيين على الإمارات، فضلاً عن الساحتين العراقية والسورية”.
ويؤكد رزق، أن “القرارات الخليجية السابقة التي اتُخذت بحق لبنان لا تزال سارية المفعول، لكن هناك تروٍّ وتريُّث بالتعامل إزاء الخطوات المقبلة المتعلقة بالورقة الكويتية على ضوء الرد اللبناني، الذي تضمَّن إجماعاً لبنانياً حول الشق الأول منها، بالنسبة لرفض أن يكون لبنان منبراً للتهجُّم الإعلامي على دول الخليج، وهذا أمر إيجابي”.
ويلفت، إلى أن “هناك رفضاً وإجماعاً لبنانيين أيضاً لاستعمال لبنان كمنبر أو معبر أو ممر، لتهريب الكبتاغون وسائر أنواع المخدرات إلى دول الخليج، وبدأنا نلمس بعض الإجراءات الحسية على الأرض للتصدي لذلك”، معتبراً أن “هذه نقطة ثانية تُعتبر إيجابية في الورقة اللبنانية”.
وبرأي رزق، أن “العرب يتريثون لمعرفتهم، أن هناك أكثرية لبنانية أكيدة غالبة، رافضة لتصدير خبرات عسكرية للتدخل في اليمن ولزعزعة استقرار دول الخليج. ويدركون أن الحجج التي يقدمها الحزب للتدخل في الدول العربية الأخرى، بأنه لحماية لبنان من التطرف وما شابه، لم تعد تنطلي على أكثرية اللبنانيين، إذ شاهدوا حزب الله، في مرحلة سابقة لم يمر عليها الزمن، يقوم بتأمين هروب آمن لعناصر داعش وقياداته بالباصات المكيفة عبر الحدود اللبنانية، فيما كان الجيش اللبناني يهمّ بالقضاء عليهم”.
بالتالي، يشير رزق، إلى أن “الدول الخليجية لا ترغب بتسخين الوضع اللبناني وتدرك دقته، ولا تريد إقحام لبنان في معارك”، معرباً عن اعتقاده، بأنها “تتريث بالرد على الأجوبة اللبنانية على الورقة الكويتية، لأن المسألة غير منفصلة عن الحركة الدولية النشطة على أكثر من مستوى، من المفاوضات الحاصلة مع إيران على مستوى الملف النووي وغيره، والمفاوضات الأوروبية الروسية حول الأزمة الناشئة بشأن أوكرانيا”، ولافتاً إلى أن “دول الخليج تعي أن العالم يشهد حالة من الترقب على الجبهات كافة”.
والمرجح، وفق رزق، “ألا نشهد إجراءات عقابية خليجية إضافية تجاه لبنان، أقله في المدى المنظور، مع بقاء الإجراءات الحالية على حالها من دون حلحلة. فالدول الخليجية لا ترغب بأن ترى لبنان ينزلق إلى الفلتان ويتحول إلى ساحة مشتعلة، تضاف إلى الساحات الأخرى، السورية والعراقية واليمنية”.
ويستدرك رزق قائلاً، إن “الضغط العربي سيستمر على لبنان للوفاء بالتزاماته وتطبيق بنود الورقة الكويتية، ولحث الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على مواجهة مشروع حزب الله، على المستوى السلمي، وعدم تأمين أي غطاء له، سواء رسمي أو شعبي، إن كان لبنان يرفض فعلاً سياسات وهجومات هذا الحزب على الدول العربية ولا يغطِّيه”، مشدداً على أنه “في الانتظار، ستبقى المساعدات الخليجية متوقفة”.
ويوضح، أن “الدول الخليجية لن تتخذ إجراءات إضافية تجاه لبنان خلال الأيام المقبلة، بانتظار جولة المشاورات العربية، وجلاء صورة الوضع والتطورات في المنطقة. فالدول الخليجية تدرك حساسية الوضع اللبناني، والورقة الكويتية التي طرحتها على لبنان هي بالفعل كما أعلن وزير خارجية الكويت، خليجية عربية دولية”.
بالتالي، من البديهي، برأي رزق، أن “تتوسع جولة المشاورات التي ستجريها الدول الخليجية، باتجاه مواقع دولية عدة. ما يرجِّح بقاء الأمور في دائرة التريث في المدى المنظور، من دون إجراءات تصعيدية عقابية تجاه لبنان، بانتظار ما ستسفر عنه جولة المشاورات الخليجية العربية الدولية المتوقعة، في ظل التوجه الدولي القائم، حتى الآن، على تجنُّب انضمام لبنان إلى الساحات العربية المشتعلة في المنطقة”.
وعلى وقع هذه الحالة الانتظارية، يؤكد رزق، أن “لا مساعدات عربية للبنان في المدى المنظور والضغط مستمر في المرحلة المقبلة”، مشدداً على أن “لا إنقاذ لهذه السلطة، حتى مع وجود صندوق النقد الدولي. وكل ما يراهن عليه في هذا السياق، سراب، في ظل السلطة القائمة”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية