يتسلّح عُشاق التزلج بملابس وأدوات خاصة، بمجرد رؤية الأبيض يُغطي جبال لبنان. وخلال الفترة الأخيرة، شكّلت الثلوج التي تساقطت بكثافة، بارقة أمل لدى المؤسسات السياحية للاستفادة من موسم التزلج الذي شهد شحاً في السنوات الماضية.
فمن منّا لا يرغب بتمضية عطلته في مناطق وفنادق منتجعات التزلج؟ لكن بتنا نخاف من الرّفاهية. زارنا الأبيض، لكن سواد الأسعار منع فئة من اللبنانيين من ممارسة هوايتهم، ولم يعد باستطاعة المواطن الذهاب إلى منصات التزلّج باعتبارها مكلِفة أساساً، في حين باتت مصاريف المراكز من صيانة إلى محروقات تُدفع بـ”الفريش” دولار، ما ينعكس على أسعار بطاقات التزلّج التي تبدأ بـ20 دولار، وفقاً للعمر ومدة التزلج. بالإضافة إلى إيجار المعدات الباهظة، حتى تكلفة الفنادق كما الطعام. وإلى جانب التزلّج، يمكن ركوب الـ”سكيدو”، الذي يُسعّر بـ50 دولار على الأقل لكل 30 دقيقة.
باختصار، هوايتنا باتت حلماً للطبقة المتوسطة، إن بقي لها وجود، ومستحيلة للطبقة الفقيرة التي تكافح بشدّة الأزمة المهيمنة على حياتها.
لكن الملفت أن الأعداد الهائلة التي قصدت مراكز التزلّج في الآونة الأخيرة لا تُعد ولا تُحصى، إذ تشير مديرة التسويق والتطوير في منتجع مزار للتزلج نيكول واكيم، في حديث إلى موقع حزب القوات اللبنانية، إلى أن “عدد الوافدين إلى مراكزنا يتفاوت بين الـ1500 والـ2000 شخص في الأيام التي تشهد طقساً مستقراً، مناسباً للتزلج”.
وتوضح أننا “لا نستقبل عدداً أكبر، حفاظاً على السلامة العامة في ظل تفشي فيروس كورونا، بالإضافة إلى أخذ الإجراءات الوقائية المناسبة، مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات”.
وتقول واكيم، “اضطرينا إلى تثبيت أسعارنا بالدولار لكننا نقبض بالليرة اللبنانية”، معتبرة أن “ذلك لم يُؤثر على نسبة الزوار، بل الأسعار تناسب هواة التزلج بكافة مستوياتهم، نظراً إلى استمرار انخفاض سعر الدولار”.
وتشير مديرة التسويق والتطوير في منتجع مزار للتزلج، إلى “التهافت الكبير خلال فترة الأعياد خصوصاً بوجود المغتربين، إشارة إلى أننا لم نشهد تراجعاً بالأعداد بالنسبة إلى السنوات الماضية”، مضيفة أننا “لم نشهد ازدحاماً يوم أول أمس الأحد، لأن الطرقات لم تُفتح بشكل كامل بعد العاصفة الثلجية الأخيرة”.
لكن لا يخفي القيّمون على مراكز التزلج التحديات التي تواجههم للمحافظة على هذا القطاع، إذ يشير مدير عام محطة الأرز للتزلج إيلي فخري في حديث لموقعنا، إلى أننا “فكّرنا بإغلاق كافة مراكزنا هذا الموسم، بعد الغلاء الذي هيمن علينا، من شراء الأدوات اللازمة وتصليحها بالدولار، إلى سعر المازوت”.
ويؤكد أن “بطاقات الدخول لا تُسعّر بالدولار بل بالليرة اللبنانية، إشارة إلى أننا نأخذ الموافقة عليها من وزارة السياحة، فإذا تراوح سعر صرف الدولار بين الـ20.000 ل.ل. والـ30.000 ل.ل. كما هو الحال اليوم، تتفاوت أسعارنا بين 450.000 ل.ل. خلال عطلة نهاية الأسبوع، و400.000 ل.ل خلال الأسبوع”، معتبراً أننا “نراعي ظروف اللبنانيين بالمحافظة على هذه الأسعار”.
ولم تعد المحلات التي تعتاش من هذا الموسم سنوياً تُؤجّر ألبسة التزلّج، إذ اقتصرت فقط على المعدات الأساسيّة. ويقول فخري إننا “نشتري المزلج (ski) بـ700 أو 800 دولار، ونؤجره بـ150.000 ل.ل. و250.000 ل.ل.”، معتبراً أننا “لا نستطيع تأجيرها بكلفة أقل، لأن صيانتها تُكلّف 100 دولار على الأقل”.
وبالنسبة إلى عدد الزوار الذين يقصدون مراكز التزلج، يوضح مدير عام محطة الأرز للتزلج، أنها “تتفاوت حسب ظروف الطقس والتوقيت، إذ نشهد اليوم تراجعاً ملحوظاً، فالناس صرفت أموالها خلال فترة الأعياد، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، فسعر البطاقة الواحدة الذي كان بـ40 دولار أي 60.000 ل.ل. لم تُسعّر اليوم وفقاً لسعر الدولار في السوق السوداء، مراعاة لظروف الناس”، مضيفاً أنه “خلال السنة الماضية، حلّ الواقع الذي فرضه فيروس كورونا ثقيلاً علينا، إذ اضطرّينا إلى إغلاق المراكز ضمن التدابير الوقائيّة اللازمة، وفتحنا أبوابنا لـ3 أسابيع فقط”.
ويؤكد أننا “لا نزال حتى اليوم، نأخذ الإجراءات اللازمة مثل الوقوف في الصف أمام المقاعد المتحركة (téléciège)، للحفاظ على صحة المجتمع وعدم الاختلاط، بالإضافة إلى ارتداء الكمامات”.
“أغلبية الناس التي تَقصد الحلبات تَكتفي بالتزلج كحد أقصى، من دون تناول الغداء واستئجار غرف في الفنادق أو أدوات أساسية معينة”، بهذه الكلمات يختصر فخري معاناة الناس في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، مشدداً على أننا “نسعى إلى مساعدة الناس وخصوصاً العائلات، إذ نساهم بتخفيض أسعار البطاقات للعائلة المؤلفة من 5 أشخاص مثلاً”.
وفي حديث فخري قليل من الإيجابية، إذ يتوقع “تكاثف العمل خلال الشهر الحالي وآذار المقبل، لأن كمية الثلج والأحوال الجوية لم تساعدنا حتى اليوم، لفتح مراكزنا بشكل متتالي”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية