عدم ترشُّح جعجع شخصياً يُحسب له

حجم الخط

يمكن للمرء أن يتابع مسيرة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليدرك عدم ميله لتولّي المناصب الرسمية في حال قدرة أي شخص آخر من معاونيه في إدارة الشأن العام الذي يتطلبه هذا المنصب أو ذاك، والكلام يجوز على ما بعد العام 2005، إذ لم يسعَ جعجع لتولي أي منصب رسمي ما خلا ترشّحه لرئاسة الجمهورية ثم التخلّي عنه لصالح غريمه العماد ميشال عون، كما يمكن التأكيد على ابتعاده عن المناصب الرسمية بعد اتفاق الطائف وقبل العام 1994، إذ تولى منصب “سجين سياسي”.

عدم رغبة رئيس القوات بالمناصب الرسمية لا يمكن اعتباره زهداً وتعففاً بل يأتي في إطار المسؤولية والدور الذي يرسمه لنفسه في مقاومة الاحتلالات وتثبيت الدور المسيحي والدور الوطني للجماعة المسيحية، فهو لم يتوانَ عن القيام بانتفاضة عندما شعر بتهميش القوات اللبنانية، كما كاد أن ينجح في تبوء رئاسة حزب الكتائب كقوة وازنة آنذاك، وبعد فشل تلك المحاولة انصرف جعجع إلى تحويل القوات اللبنانية إلى حزب سياسي قادر على خوض غمار التحديات السياسية لمرحلة ما بعد الطائف ونجح في تكوين نواة قواتية صافية وصلبة صمدت طيلة سنوات الاعتقال في الإمساك بالقوات بقيادة عقيلة جعجع النائب الحالية ستريدا جعجع التي وجدت بين يديها أمانة لم تعتقد بأنها ستكون أمام هذه المسؤولية في يوم من الأيام. وفاجأت تلك الصبية النظام الأمني اللبناني ـ السوري، آنذاك، بصلابتها وصمودها وقدرتها على منع استمالة القواتيين إلى ساحات لا تشبههم على عكس بعض الأحزاب الأخرى التي باتت أدوات طيّعة في أيدي النظام.

 

نجاح ستريدا في الحفاظ على القوات على مدى 4114 صباحاً إلى حين خروج “الحكيم” من سجنه الكبير وتسلّمه الوزنات من زوجته، استحقت على إثره أن تتولى ستريدا زمام النيابة عن منطقة بشري منذ العام 2005 لتحقق نجاحات جديدة على المستوى الإنمائي والتشريعي وتنقل بشرّي من حالة الإحباط والإهمال الذي كان سائداً إلى درّة سياحية وسياسية وسيادية في ثلاثية جعلت معها اختراق ساحتها النيابية ضرب من الخيال.

انتظر الكثيرون وراهنوا على أن جعجع سيترشّح شخصياً في الانتخابات المقبلة، وهو لم يتأخر في دحض هذه النظرية ثقة منه بالنتائج الجيدة المتراكمة التي حققتها النائب ستريدا جعجع وزميلاها السابق إيلي كيروز والحالي جوزف اسحق بالتعاون مع البلديات والمخاتير واتحاد البلديات كقوى متكافلة ومتضامنة في خدمة القضاء لاستكمال المشاريع قيد الإنشاء وتنفيذ الجديدة، وثقة من جعجع بأبناء قضاء بشري وهويتهم السيادية وعدم السماح بإعادة عقارب الساعة إلى زمن الزبائنية والرشوة، وهذه الثقة المزدوجة بممثلي المنطقة كما بالناخبين يجددها جعجع في انتخابات مصيرية مطمئناً ليكمل مسيرته في مجالات متعددة تتطلّب كل جهوده ووقته.

عدم ترشّح جعجع يُحسب له لا عليه، فليست صدفة أبداً أن يكون حزب القوات اللبنانية الأكثر تنظيماً والأشد دقة، فرئيس الحزب يعمل كل ساعات النهار ومعظم ساعات الليل لمتابعة أدق التفاصيل الحزبية، علاوة على انشغالاته السياسية ولقاءاته الدبلوماسية، وبالتالي، تولّي منصب إضافي هو عبء زائد لا يمكن إيلائه ما يستحقه من وقت وجهد، وهذا هو سبب فصل القوات بين النيابة والوزارة، فالنائب أيضاً بحاجة لإعطاء كل وقته لحضور الجلسات واللجان ودراسة المشاريع وكذلك الوزير لينكبّ على ملفات وزارته، ليعكف رئيس الحزب على إدارة الشأن الحزبي وتوجيه العمل النيابي والوزاري، وعند معرفة هذه التفاصيل لا يعود تفوّق حزب القوات سراً إلا على من لا يرغب أن يعرف طريقة إدارة الشأنين، الحزبي والعام.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل