يَحُطّ مشروع قانون موازنة العام 2022 في قصر بعبدا، غداً الخميس، حيث تُعقَد جلسة لمجلس الوزراء ليَخضع إلى مزيد من المناقشة والدرس، فيما بعض الملفات الساخنة لا تزال متفلّتة من خارج جدول الموازنة، لا سيما موضوع سلفة الكهرباء التي سقطت عن طاولة مناقشة الموازنة بعدما طلب مجلس الوزراء من وزارة الطاقة إعداد خطة شاملة تعالج مشكلة قطاع الكهرباء بشكل جذري وبالتالي بقي هذا الملف مؤجلاً إلى حين تقديم خطة كاملة من وزير الطاقة.
وفي المقلب الآخر، سوقٌ موازية ومنصّة Sayrafa يتقارب في ما بينهما سعر صرف الدولار الأميركي حتى بات المواطن يخضع لكلاهما في تسيير أموره المالية والاقتصادية والمعيشية.
هذه الوقائع التي تدمَغ المرحلة على دقّتها، تدفع إلى السؤال: أين صندوق النقد الدولي من كل تلك المحطات الداخلية التي له في كل منها رأي وشرط ووجهة نظر؟
مصادر مالية مراقِبة تشرح لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مطوَّقة بعوامل حَرِجة، سياسياً ومالياً، بما يجعل من مسيرتها نحو صندوق النقد الدولي أكثر عرضة للسقوط بـ”ضربات حرّة”، علماً أن المجتمع المالي الدولي بات يضع لبنان في دائرة النقد والشكوك بسبب التجارب السابقة التي جعلت من الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية عصيّة على لبنان الرسمي، الطالب لبرامج تمويل إنقاذية.
وتشير المصادر في السياق، إلى أن المفاوضات التي تقودها الحكومة مع صندوق النقد لا تزال في بداياتها، ولم تتحوَّل بعد إلى “رسمية” قد تفضي إلى موافقة تمويلية مُمَحّصة على برنامج إصلاحي محدّد وفق آليات مفصّلة وزمنية، بغية وقف الانهيار الشامل الذي يخوضه لبنان.
وترى أن أمام الحكومة ثلاثة استحقاقات أساسية:
– أوّلها، إقرار موازنة 2022 بأقل أضرار سياسية ممكنة عشية الانتخابات النيابية.
– ثانيها، اتفاق سائر الأفرقاء على تقاسم الخسائر المالية التي حدّدتها الحكومة بنحو 69 مليار دولار.
– ثالثها، وضع خطة تعافٍ تتضمّن رؤية استراتيجية تتلاءم والبرنامج التمويلي لصندوق النقد، بما يكفل تنفيذ الإصلاحات القطاعية وفق آلية زمنية تتطابق مع الدفعات النقدية التي سيسدّدها الصندوق لقاء إنجاز كل مرحلة بعد الإشراف والتأكد من التطبيق.
وتقول إن “مصير المفاوضات رهن سلسلة تطورات في الداخل اللبناني بدأت تتكشف على نحو قد يفضي إلى تطيير المفاوضات، وفي مقدّمها استمرار الهجمة السياسية التي يقودها العهد وبعض المنتفعين على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو أحد الأفرقاء الأساسيين في عملية التفاوض، بغية إقالته ومحاكمته على الرغم من عدم التوافق على اسم الخلف في عزّ الأزمة النقدية، بما يمسّ مباشرة بالسمعة المالية والنقدية للبنان.
وتعتبر أن “تحفظ” جمعية المصارف على مسودة خطة التعافي الحكومية وعلى “إلغاء بعض الديون وتقليصاً جزئياً للمدخرات في المصارف سيؤدي إلى فقدان الثقة بالقطاع المالي لفترة طويلة”، هو تطوّر لا يبشّر بالخير، خصوصاً أن المصارف، وهي أحد الأفرقاء الذين سيتحمّلون فجوة الخسائر المالية، أعلنت صراحة أنها “لن تؤيّد خطة من شأنها أن تؤدي إلى خفض اسمي لودائع العملاء أو القضاء تماماً على حقوق المساهمين، لكنها منفتحة على تحمّل بعض الخسائر من إعادة هيكلة السندات الدولية (يوروبوندز) وقروض القطاع الخاص”.
وتخلص المصادر إلى اعتبار أن “حكومة ميقاتي واقعة ما بين “سندان” صندوق النقد ومتطلباته الإصلاحية، وهي مُحرَجة هنا في تبرير إخراج بند الكهرباء من موازنة 2022 ضغطاً لحجم العجز المالي، وبين “مطرقة” التجاذبات المصلحية الضيّقة التي سترتفع وتيرتها كلما اقترب لبنان من استحقاق الانتخابات النيابية… ومن بعدها الانتخابات الرئاسية”.