كتب د. إيلي الياس في “المسيرة” – العدد 1726
قراءة متأنية ودقيقة في ثلاثة مصادر أساسية تسمح لنا بأن نتعرف من خلالها على أهداف وسبب نشأة ميليشيا تُطلق على نفسها إسم «حزب الله» و»مقاومة» تأسست عام 1985، تضعنا أمام تساؤل مشروع: لمن ولاء «حزب الله» … للبنان ومصلحة اللبنانيين أم لإيران ومشروعها الإقليمي؟
مصادر قراءاتنا ارتكزت على رسالة «حزب الله» المفتوحة في 16�21985 والتي اعتبرت الوثيقة التأسيسية، كتاب نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بعنوان «حزب الله: المنهج … التجربة… المستقبل» ودستور جمهورية إيران الإسلامية الذي وُضع في 3121979. بعض النقاط التي يجدر أن نقف عندها، إبتداء من الوثيقة التأسيسية:
«إننا أبناء أمة «حزب الله» نعتبر أنفسنا جزءًا من أمة الإسلام في العالم… إننا أبناء أمة «حزب الله» التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم… نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه الجامع الشرائط…. وعلى هذا الأساس نحن في لبنان لسنا حزبًا تنظيميًا مغلقاً، ولسنا إطارًا سياسيًا ضيقاً… بل نحن أمة ترتبط مع المسلمين في كافة أنحاء العالم برباط عقائدي وسياسي متين هو الإسلام».
«لا نريد أن نفرض الإسلام على أحد، ونكره أن يفرض علينا الآخرون قناعاتهم وأنظمتهم، ولا نريد أن يحكم الإسلام في لبنان بالقوة كما تحكم المارونية السياسية الآن. لكننا مقتنعون بالإسلام عقيدة ونظامًا، فكرًا وحكمًا، وندعو الجميع الى التعرّف عليه والإحتكام الى شريعته: كما ندعوهم الى تبنّيه والإلتزام بتعاليمه على المستوى الفردي والسياسي والاجتماعي. وإذا ما أتيح لشعبنا أن يختار بحريته شكل نظام الحكم في لبنان فإنه لن يرجح على الإسلام بديلاً. هذه هي رؤيتنا وتصوّراتنا عما نريده في لبنان، وعلى ضوء هذه الرؤية والتصوّرات نواجه النظام القائم لاعتبارين أساسيين:
– لبنان صنيعة الإستكبار العالمي وجزءًا من الخارطة السياسية المعادية للإسلام.
– لكونه تركيبة ظالمة في أساسها لا ينفع معها أي إصلاح أو ترقيع، بل لا بد من تغييرها من جذورها [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون]
أما من كتاب الشيخ نعيم قاسم، فلفتنا ما جاء في نصوصه من تعابير وتوصيفات عكست أيضًا عمق الهوة بين منطق شيعته ولبنان الدولة والكيان:
«إن إلتزام «حزب الله» بولاية الفقيه حلقة من هذه السلسلة، إنه عمل في دائرة الإسلام وتطبيق أحكامه، وهو سلوك في إطار التوجهات والقواعد التي رسمها الولي الفقيه… ولا يحد الإلتزام بولاية الفقيه من دائرة العمل الداخلي في لبنان وبناء العلاقات المختلفة، كما لا يحد من دائرة العلاقات والتعاون الإقليمي والدولي مع أطراف يتقاطع الحزب معها في الاستراتيجية أو في بعض الموضوعات أحياناً»، «عندما يستفيد «حزب الله» من دعم الجمهورية الإيرانية، كما تستفيد الدولة اللبنانية، فهذا ينسجم مع قناعة إيران بسلامة خط «حزب الله» وحقه في الجهاد والمقاومة..»
الوثيقة الثالثة هي دستور الجمهورية الإسلامية. العديد من المواد تعكس بشكل واضح رؤيته للعالم ودور تنظيماته العسكرية في نشر الثورة. فمثلاً جاء في المادة 153: «… إن جمهورية إيران الإسلامية تقوم بحماية النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم، وفي الوقت نفسه لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى». إضافة الى الكثير من البنود التي تحدد وبشكل واضح أن سلطة الولي الفقيه وأحكام الشرع تعلو فوق أي سلطة أخرى في أي بلد من العالم.
إنطلاقا من كل ما سبق، يمكننا أن نفهم «حزب الله» ودوره من مصادره المكتوبة التي تساعدنا على إستنتاج النقاط التالية:
حزب الله يرتبط عقائديًا وسياسيًا مع الأمة الإسلامية العالمية.
2- لا فصل بين الإلتزامات الدينية والسياسية.
3-العمل والإلتزام السياسي هو جزء من الموجبات الدينية.
4-إيران هي نقطة الإرتكاز المركزية للدولة الإسلامية العالمية.
5-أوامر ولي الفقيه هي إلزامية.
6-فنشأة «حزب الله» وأعماله وسياساته كافة يقررها الولي الفقيه.
7-النظام الأعدل هو الهدف الأسمى وبالتالي النظام الإسلامي.
8-الولي الفقيه هو القائد الأعلى لكل الحركات المعادية للإستعمار في أي مكان في العالم
9-الولي الفقيه يحدد التكليف السياسي لكافة البلدان المنضوية تحت مشروعه.
أما في ما خص لبنان، فأيضًا نستخلص التالي:
«1-حزب الله» جزء من مشروع كوني يتخطى الزمان والمكان، ويصب في دولة مركزية إسلامية شيعية عالمية مستقبلية.
2-فكرة دولة لبنان في استقلالها وكيانها، غائبة تمامًا عن وجدان المنضوين الى نظرية الولي الفقيه، المؤمنين بها والمخلصين لها.
3-لبنان هو تركيبة ظالمة وصنيعة الإستعمار.
4-لبنان «مكان وإمكان» فحسب في السعي لتحقيق المشروع الكوني.
5-الولاء كل الولاء للمشروع ولقائده الولي الفقيه.
إن هدف «حزب الله» الحقيقي في لبنان باقٍ على ما هو عليه في نصوصه التأسيسية، أيًا كانت تكليفات الولي الفقيه التي هي بطبيعتها ظرفية. ففي فتوى للخميني عام 1986 حول لبنان يقول: «كل من يتبع الإسلام يجب أن يطالب بالجمهورية الإسلامية، والنظام اللبناني غير شرعي ومجرم. إن لبنان بلد إسلامي والمسلمون يشكلون أكثرية شعبه ويجب أن يكون الهدف من نضال الشعب المسلم في لبنان إقامة نظام إسلامي مستقل يستند إلى القرآن وأحكام الإسلام».
وثيقته السياسية الصادرة إثر مؤتمر له عام 2009، لم تغيّر أيًا من توجيهاته السابقة. ففي أجوبة السيد حسن نصرالله بعد قراءته للوثيقة يقول إن «موقفنا من مسألة ولاية الفقيه هو موقف فكري وعقائدي وديني وليس موقفاً سياسياً خاضعاً للمراجعة».
إنطلاقا من كل ما تقدم، يمكننا القول إن ادعاء «مقاومة» و «تحرير» و»حقوق الطائفة الشيعية اللبنانية» ليست إلا للتعتيم على حقيقة كونه أداة إحتلال إيرانية أو أقله أداة لتحقيق المشروع التوسعي الإيراني الإقليمي ذو طابع إسلامي.
المعادلة سهلة: الولي الفقيه هو رأس النظام في الجمهورية الإسلامية و»حزب الله» يأتمر بتكليفه وإرشاداته دينيًا وسياسيًا. أي حوار مع «حزب الله» هو من الأصعب إن لم نقل من المستحيل. مرجعيته المطلقة هي ولاية الفقيه. أمينه العام السيد حسن نصرالله قال على الملأ بأنه يفتخر بأنه «جندي في جيش الولي الفقيه» وصرَّح مرارًا وتكرارًا بأن «لبنان وهذه المنطقة هي للإسلام وللمسلمين، ويجب أن يحكمها الإسلام والمسلمون .
وبالتالي من خلال هذا المنطق نستنتج أنه أداة بيد النظام الإيراني وخاضع تمامًا لسلطة الولي الفقيه وينفذ مشروعه الإقليمي والديني فهو إذاً أداة إحتلال!
إيلي الياس – باحث واستاذ جامعي
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]