المنظومة تهدر المليار و140 مليون دولار على مذبح الانتخابات

حجم الخط

تتضاعف المخاوف من إهدار أموال حقوق السحب الخاصة بلبنان (SDR) لدى صندوق النقد الدولي والبالغة نحو مليار و140 مليون دولار، والتي تسلمها لبنان في أيلول 2021. إذ يبدو أن الحكومة تستسهل مدّ اليد إلى هذه الأموال لإطفاء تفاقم الأزمات التي تواجهها في محاولة لكسب الوقت، وآخرها أزمة القمح والطحين التي أطلقت هذه العملية، وليس ما يضمن توقُّفها عند حدود معينة.

ويبدو أن الحكومة، بل الأصح المنظومة الحاكمة، استسلمت لواقع عجزها وعدم جرأتها على اتخاذ قرارات وإجراءات إصلاحية جدية قبل الانتخابات، خوفاً من انعكاساتها على مصالحها لا حرصاً على المواطنين، لذلك تواصل سياسة الترقيع والتأجيل. ويأتي توقيع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف خليل على قرار سحب 15 مليون دولار في شكلٍ استثنائي من حسابات السحب الخاصة بلبنان لشراء القمح، كحلّ مؤقت لأزمة الخبز والطحين، لأن هذا المبلغ لا يكفي حاجة السوق سوى لأيام.

وما يثير الخشية، هو ضياع أموال الـSDR التي أعلنت السلطة سابقاً أنها لن تُستخدم إلا من ضمن خطة التعافي الاقتصادي الإنقاذية، لتلحق بمليارات الدولارات التي هُدرت على الدعم والتي بلغت نحو 20 مليار دولار تقريباً، علماً أن نسبة قليلة من اللبنانيين استفادت من هذا الدعم، فيما القسم الأكبر ذهب لجيوب التجار والمهرِّبين والمحتكرين، المحميِّين من الأطراف الفاعلة في الحكم، وسط تقصير مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة في مكافحتهم ومحاسبتهم.

وينوّه رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “الـ15 مليون دولار التي سُحبت لتأمين حاجة السوق من القمح والطحين لا تكفي عملياً سوى لأيام. بالتالي نحن ندخل في وتيرة هدر أموال الـSDR، كما هُدرت أموال المودعين على الدعم الفاشل في السابق. وبدل استعمال أموال الـSDR لسند الاقتصاد، يهدرونها بأسوأ طريقة ممكنة”.

ويشير، إلى أن “الخبز في لبنان يباع بأقل من كلفته الحقيقية والمصرف المركزي يتحمَّل الخسارة، والآن الحكومة ستتحمَّل الخسارة من أموال الـSDR. ما يعني أننا نقوم اليوم بالشيء ذاته كما فعلنا في الكهرباء والبنزين والمازوت في السابق، أي مواصلة هدر الأموال على دعمها إلى حين تنقطع كلياً”.

ويضيف، “اليوم الكهرباء مقطوعة، ومن سنة كان المازوت والبنزين كذلك، ودائماً للسبب ذاته، أنها تباع بأقل من الكلفة. وتستمر خسارة الأموال، أمس البنزين والمازوت والكهرباء وغيرها، والآن الخبز. بالتالي نحن نخسر القليل المتبقي من الأموال التي كان يفترض أن تشكل شريان حياة لنا، على سياسة سيئة غير مقبولة لا من قريب أو بعيد، علماً أنها غير مستدامة، لأنه حين تنفد كمية القمح المشتراة بالـ15 مليون دولار نحتاج حُكماً وتباعاً إلى سحب المزيد”.

ويلفت مارديني، إلى أن “هذه الـ15 مليون دولار التي تسحب من الـSDR بحجة تأمين القمح، لا تصل فعلياً إلى المواطن اللبناني والطبقات الفقيرة، لأن القمح المدعوم للمطاحن والأفران بأقل من سعر الكلفة لا يستعمل سوى بنسبة ضئيلة جداً لصناعة رغيف الخبز العربي، فيما القسم الأكبر يستعمل في الخبز والمعجنات والحلويات وغيرها التي تباع بأسعار خيالية لا استناداً إلى الكلفة المدعومة”.

ويشير إلى أن ذلك، “يعني أننا نهدر أموال الـSDR على مواصلة سياسة الدعم، الذي لا يصل فعلياً إلى المحتاجين سوى بنسبة ضئيلة جداً. تماماً كما حصل بدعم البنزين والمازوت وغيرها من المواد الأساسية، إذ لم يصل منه سوى نحو 20% للمواطنين، فيما ذهب 80% لجيوب التجار والمهرّبين. علماً أنه حتى الدعم الذي يستفيد منه 20% من المواطنين عموماً مثلاً، هو غير سليم، لأن من بينهم نسبة كبيرة من الأغنياء والميسورين الذين يستفيدون مثلهم مثل الطبقات الفقيرة والمعدمة”.

ويؤكد مارديني، أن “كل السياسة المتّبعة خاطئة، وهدر الـSDR على هذه السياسات الفاشلة قرار سيِّئ جداً”، معرباً عن اعتقاده بأن “هدفها تمرير استحقاق الانتخابات النيابية، إذ لا مفرّ من رفع سعر الخبز، لكن سيهدرون عشرات ملايين الدولارات إلى حين إنجاز الاستحقاق الانتخابي، ومن ثم سيعودون لرفع السعر بعد تمرير الانتخابات. فكما رفعوا سعر البنزين والمازوت بعد هدر مليارات الدولارات على الدعم هكذا سيعودون لرفع سعر الخبز، لكن بعد هدر ملايين الدولارات من الـSDR”.

أما عن معاودة الدولار ارتفاعه في السوق السوداء وتخطيه الـ25.000 ليرة، يوضح مارديني أن “سعر صرف الليرة مرتبط بقيمتها الحقيقية، المرتبطة بدورها بما تملكه من تغطية بالعملات الأجنبية. فكلّما ضخَّينا وهدرنا دولارات، صحيح قد نلمس استقراراً نسبياً مؤقتاً في لحظتها، لكن بعد ذلك سيعاود الدولار الارتفاع لأن الليرة تخسر المزيد من تغطيتها بالدولار. بالتالي، كلما خسرنا دولارات أكثر يصبح تحويل الليرة إلى دولارات في المستقبل صعباً، لأن الدولارات المتبقية في الصندوق بتراجع مستمر وصولاً إلى فقدانها، وقيمة الليرة تتدهور أكثر فأكثر”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل